وتتخذ الاحتفالات باللاعنف أشكالا متنوعة عبر لقاءات وندوات وفعاليات تسلط الضوء على ظاهرة العنف المتزايد وتدعو إلى تدابير للحد منه، وترسيخ ثفافة السلام، كما تشهد عواصم العديد من المدن بالمناسبة احتفالات بالذكرى 150 لميلاد موهانداس كرمشاند غاندي، المعروف باسم المهاتما، والتي تعني "الروح العظيمة" والمسار الطويل الذي قطعه رفضا لكل أشكال العنف والتمييز والكراهية.
وتؤكد الأمم المتحدة أنّ إحياء اليوم الدولي هو مناسبة "لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عن طريق التعليم وتوعية الجمهور"، وذلك استناداً لقرار الجمعية العامة 61/271 المؤرخ 15 يونيو/ حزيران 2007.
وقد أعلن أناند شارما، وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية، وهو يعرض قراراً في الجمعية العامة باسم الدول المشاركة في تقديمه وعددها 140 دولة، أن اتساع نطاق المشاركة في تقديم القرار وتنوعها يعبران عن الاحترام العالمي للمهاتما غاندي وللأهمية الدائمة لفلسفته.
ويقول المهاتما غاندي "إنّ اللاعنف هو أعظم قوة في يد البشرية، وهي أقوى من أعتى أسلحة الدمار الذي اخترعها العقل البشري"، كما يشير إلى أنّ " اللاعنف ليست ملابس نرتديها، هي موجودة في القلب، ويجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من وجودنا"، وطيلة مساره سعى المهاتما غاندي، إلى تكريس هذه الفلسفة انطلاقا من إيمانه بأن الحرية والديمقراطية تصبح غير مقدسة عندما تصطبغ الأيدي بدماء الأبرياء.
وقد كانت هذه الفلسفة نتيجة مخاض عسير وتمرد على المعتقدات الدينية الصارمة لعائلته، وكذا عمله المتواصل على محاربة التمييز وتطوير فكرة التطهير الذاتي والاحتجاج المدني اللاعنفي، واتخذت سياسة اللاعنف عنده عدة أساليب لتحقيق أغراضها، منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.
وفي عالم يموج بالكراهية والعنف على اختلاف أشكاله، ويتحول فيه الضحايا يومياً إلى مجرد أرقام ترصدها التقارير هنا وهناك، ووسط دعوات تبني خيار "المقاومة السلمية" واللاعنف حقناً للدماء ونشراً لثقافة الأمن والسلام، هل تصمد فلسفة غاندي؟
يذكر أن غاندي نجا من الموت 5 مرات، وكانت السادسة ثابتة، ففي 30 يناير/كانون الثاني سنة 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ويدعى ناثورم جوتسى ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعاً عن عمر يناهز 78 عاماً. وقبل وفاته ردد جملته الشهيرة: "سيتجاهلونك ثم يحاربونك ثم يحاولون قتلك ثم يفاوضونك ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر".
(العربي الجديد)