جدد أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تفجير السجال حول الحريات الفردية في المغرب، وذلك بعد أيام قليلة على صدور العفو الملكي عن ابنة أخيه، الصحافية بجريدة "أخبار اليوم"، هاجر الريسوني، والتي كانت قد اعتقلت وسجنت بتهمة القيام بإجهاض خارج القانون.
أكثر ما أثار السجال في مقال أحمد الريسوني الجديد، هو فقرته التي تقول: "ولقد رأينا مؤخرا بعض النسوة الخاسرات يرفعن لافتات تُصرح بأنهن يمارسن الجنس الحرام ويرتكبن الإجهاض الحرام. هكذا لقنوهن.. مع أن الظاهر من سوء حالهن أنهن لن يجدن إلى الجنس سبيلا، لا حلاله ولا حرامه".
هذه الفقرة أشعلت فتيل ردود فعل غاضبة من بعض الأوساط المدافعة عن الحريات الفردية وحقوق النساء. إذ كتبت الناشطة اليسارية فدوى الرجواني قائلة: لا يهمني في هذه الفقرة رأيه في الإجهاض والعلاقات الجنسية فهو ليس بالجديد، ولكن ما أربكني فعلا هو أن يسمح فقيه وعالم لنفسه بالسخرية من خلق الله، وهل كل النساء اللواتي وجدن للجنس سبيلا حلاله وحرامه هن نساء جميلات حسب معايير العالم المقاصدي؟
الفقيه المقاصدي والرئيس السابق لحركة التوحيد والاصلاح الإسلامية، نشر مقالا عبر موقعه الرسمي بعنوان "أنا مع الحريات الفردية". ودافع الريسوني في هذا المقال عن الحدود والضوابط الشرعية في مجال ممارسة الحريات الفردية، مشددا على أنه "لا بد من أن تخضع جميع الحريات والممارسات الفردية للقدر الضروري من الضبط والتقييد والترشيد، تماما كما في استعمالنا للسيارات ونحوها من المراكب والآليات". وشدد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أن "جميع ركاب السيارات والطائرات عبر العالم، قد أصبحوا مجبرين على استعمال الحزام، مع أن عدم استعماله لا يضر بالآخرين أبدا".
الريسوني قال إن الحريات بصفة عامة، والحريات الفردية بصفة خاصة، لها خصوم وأعداء، مضيفا أنهم على صنفين مختلفين.
الصنف الأول، برأي الريسوني هم الذين يشوهون الحريات الفردية ويتفهونها ويسيئون استخدامها، "ومن ذلك أنهم حصروا مسمى الحريات الفردية في بعض الممارسات الشاذة والأفعال الساقطة؛ كالزنا والشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية (...) وبعضهم – حين يتوسعون – يضيفون إليها السكر العلني، والإفطار الاستعراضي في نهار رمضان".
أما الصنف الثاني من أعداء الحريات الفردية، حسب الريسوني، فهم الذين قال إنهم يمنعونها بغير وجه حق،"فهناك دول تمنع الناس من التعبير عن أفكارهم ومواقفهم. وكم في السجون ممن سجنوا لأجل مقال أو تغريدة أو جملة. وفي المغرب وصل المنع والتضيق إلى الأطفال؛ فمُنعوا من حقهم في التخييم والاستجمام في العطلة الصيفية. ووصل الأمر بكثير من الدول الغربية والعربية إلى حد منع الناس ومعاقبتهم على آرائهم حتى في قضايا ووقائع تاريخية".
ومن الحريات الفردية التي قال الريسوني إن دولا كثيرة عبر العالم تمنعها وتحاربها، "حرية المرأة في لباسها الساتر، سواء كان حجابا أو نقابا أو لباسَ سباحة". وفي هجوم واضح ضد دعاة الحريات الفردية المطلقة، قال الريسوني إن كل هذه الحقوق والحريات المهدورة "لا يعرفها ولا يعترف بها مجانين الإباحية الجنسية، لكونها حقوقا في القمة، وهم يعيشون في القاع".
هذا الخروج الذي قام به أحمد الريسوني بعد صمته خلال فترة اعتقال ابنة أخيه، الصحافية هاجر الريسوني، جاء بعد التصريحات المثيرة التي أدلى بها الرئيس الحالي لحركة التوحيد والإصلاح، عبد الرحيم الشيخي. هذا الأخير قال في ندوة فكرية نظمتها الحركة الأسبوع الماضي، إن كل ما دون العلاقة الجنسية "من التقاء ومصافحة وقبلة، هي أشياء غير مجرمة لا شرعا ولا قانونا في العلاقات الرضائية". واستغرب الشيخي عن سبب القول بوجود جريمة في علاقة بين شباب لم يصلوا إلى درجة الممارسة الجنسية، معتبرا أن هذا الأمر يستغل من أجل ممارسة القمع السياسي ليس إلا.
تصريحات أثارت حفيظة أعضاء وقادة الحركة الدعوية، ليسارع الشيخي في اليوم الموالي إلى إصدار توضيح نفي في أن تكون تصريحاته هذه جاءت استجابة للضغوط الرامية إلى حمل الإسلاميين على تغيير مواقفهم.
وعاد رئيس حركة التوحيد والإصلاح إلى موضوع تصريحاته حول العلاقات بين الشباب من الجنسين، التي تحدث عنها، "والتي قد يفهم منها إباحتي لما دون جريمة الزنا المحددة شرعا، كالملامسة والقبل، فأؤكد أن اعتقادي فيها هو ما قرره علماؤنا من كونها ذنوبا ومعاصي وجب على المكلف تجنبها والابتعاد عنها".