نفّذ القضاة في الجزائر إضرابا عاما، وشلوا المحاكم والمؤسسات القضائية بالكامل اليوم الأحد، استجابة لقرار أصدرته مساء أمس النقابة الوطنية للقضاة، رداً على حركة تغيير واسعة وغير مسبوقة في سلك القضاء، وصفتها النقابة "بالمجزرة".
ورفض القضاة اليوم عقد جلسات المحاكمات في كل المحاكم والمجالس القضائية في البلاد، وأرجئت القضايا التي كانت مقررة في الجدول القضائي، برغم محاولة رؤساء المجالس القضائية عقد الجلسات وكسر الإضراب.
وتجمع القضاة العاملون في مجلس قضاء العاصمة الجزائرية خارج مبنى المجلس، وهم يرتدون اللباس الرسمي في وقفة احتجاجية. كما رفع القضاة داخل بعض المحاكم لافتات كتب عليها "أنا قاض ولست فاسداً"، ردا على اتهامات بالفساد وجهها لهم وزير العدل بلقاسم زغماتي، وهو قاض سابق أيضا. وأعلنت النقابة الوطنية للقضاة أن نسبة الاستجابة للإضراب بلغت اليوم 96 في المائة.
وقررت نقابة القضاة مساء أمس السبت شل المحاكم والدخول في إضراب مفتوح، و"توقيف العمل القضائي برمته بدءا من يوم غد الأحد إلى غاية الاستجابة لمطالب القضاة". وطالبت بتعليق فوري للحركة السنوية للقضاة المعلنة من قبل وزير العدل باقاسم زغماتي الخميس الماضي، والتي مست حوالي ثلاثة آلاف قاض، بين نقل وإنهاء مهام وإحالة على التقاعد.
ورفض عدد محدود من القضاة الاستجابة لنداء الإضراب، وباشروا العمل بحجة أن قرار النقابة لم يكن استشاريا. ونشر القاضي في محكمة تندوف جنوبي الجزائر بروك عبد الوهاب، بيانا أعلن فيه رفضه الإضراب.
وأمس ردت وزارة العدل الجزائرية على موقف النقابة، وحذرت القضاة من تنفيذ الإضراب الذي يضعهم تحت طائلة القانون، مؤكدة أن القوانين السارية تمنع القضاة من الإضراب وفقا للمادة 12 للقانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء، والتي تنص حرفيا على أنه "يمنع القاضي من القيام بأي عمل فردي أو جماعي من شأنه أن يؤدي إلى وقف أو عرقلة سير العمل القضائي". ونفت وزارة العدل مزاعم النقابة بانفراد وزير العدل بإقرار الحركة السنوية للقضاة التي قررها المجلس الأعلى للقضاء.
وتباينت المواقف في الجزائر من إضراب القضاة، فأيد بعض الناشطين هذا الموقف على اعتبار أنه يعزز موقف الحراك الشعبي حيال استمرار هيمنة السلطة على العدالة والقضاء واستخدامه سياسياً، في حين اتهم بعضهم القضاة بالدفاع عن مصالحهم الخاصة من دون الانخراط في المطالب المركزية للجزائريين، على اعتبار أن الإضراب لم يكن بداعي تحرير العدالة وإنما بسبب حركة نقل وإنهاء مهام ومطالب مهنية خاصة بالقضاة.