للأسواق التراثية أدوار عدة؛ تتعلق بالهوية الوطنية وكذلك بالتنمية الاجتماعية. عن أسواق لبنان ودورها التاريخي وأهميتها الحاضرة، تتحدث إلى "العربي الجديد" الناشطة الاجتماعية، والمستشارة في التنمية الاجتماعية - الاقتصادية، والاختصاصية في دراسة ورسم المشاريع الإنمائية للمناطق المحلية، أمل سكيكي
قدمي لنا عرضاً سريعاً حول الأسواق التراثية الأبرز في لبنان، والحِرف والمهن والبضائع المنتشرة فيها...
هناك كثير من الأسواق التراثية في لبنان التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام، وتحافظ على تميّزها بالطابع التراثي والتاريخي، لكنّ بعضها، خصوصاً أسواق بيروت بسبب الحرب الأهلية وغيرها، تحولت من أسواق شعبية حرفية إلى أسواق "مودرن"، أي أخذت طابع الحداثة؛ ومنها نذكر سوق الطويلة، سوق النورية، سوق سرسق، وباب إدريس. في المقابل، هناك أسواق ما زالت تحافظ على طابعها التراثي والشعبي وتلقى رواجاً كبيراً وتجذب السائحين مثل سوق صيدا القديم، وسوق طرابلس، وسوق جبيل. تنتشر في هذه الأسواق الصناعات اليدوية والحرفية والقطع الأثرية والتذكارات والزجاج الملون والمجوهرات والمأكولات الشعبية. وتنقسم إلى أسواق صغيرة فرعية مثل سوق النحاسين، وسوق العطارين، وخان الصابون وغيرها.
ما أهمية الأسواق التراثية في لبنان على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية؟ وهل نحن في حاجة إلى حمايتها فعلاً ولأيّ غرض؟
الأسواق التراثية جزء أساسي من هويتنا وثقافتنا وتاريخنا، وهي مصدر دخل لكثير من العائلات التي نشأ أفرادها على الصناعات الحرفية واليدوية، وتوارثتها الأجيال عبر السنين. من الضروري جداً المحافظة على هذه الأسواق وحمايتها اليوم قبل الغد، وذلك لمواجهة اجتياح "المولات" وما تضمه من محلات تابعة لشركات متعددة الجنسيات، فهذه الأسواق الشعبية تتعرض لتهديد يومي بالاندثار في ظلّ المنافسة القوية لها. بذلك، يجب أن نتمسك بأسواقنا الشعبية والتراثية بقوة ودعمها، كي نحافظ على هويتنا أولاً، وعلى تميزنا وفننا الحرفي ثانياً وتطويره ليتماشى مع الاتجاهات الحديثة، خصوصاً السياحية، وأخيراً لا بدّ من دعم الحرفيين والتجار داخل هذه الأسواق كي يحافظوا على مستوى معيشي لائق.
اقــرأ أيضاً
كيف يساهم دعم هذه الأسواق التراثية في تنمية المناطق التي تضمها ودعم السكان والحرف التقليدية؟ وهل يفترض أن يتوجه الدعم إليها أو إلى قطاعات أكثر جدوى تنموياً؟ وما هي ملاحظاتك بخصوص الجوانب السلبية من هذا الدعم من خلال أبحاثك؟
إعادة إحياء الصناعات الحرفية وتطويرها، والمحافظة على الأسواق الشعبية والتراثية، والاهتمام المستمر ببناها التحتية، يؤثر إيجاباً على المجتمع المحلي الذي تتواجد فيه. فبالإضافة إلى أنّها باب رزق لكثير من العائلات، فهي مصدر محتمل أساسي جاذب للسائحين إلى المناطق التي تتواجد فيها، ما ينعكس إيجاباً على الوضع العام للمنطقة المحلية، ويشجع على مزيد من الاهتمام والعناية بها. جميع القطاعات في لبنان تحتاج إلى عناية ودعم تنمويين، أما توجيه الدعم التنموي لقطاع معين وإهمال آخر فهو طرح مرفوض، بل الأجدى إجراء دراسات وإحصاءات، والبحث في الموارد البشرية والمادية والإمكانات والمميزات الطبيعية والجغرافية لكلّ منطقة على الصعيد المحلي، ثم وضع استراتيجيات ورؤية تنموية واضحة، على أساسها نحدد القطاعات والمشاريع المجدية والفعالة التي تُحدث تغييراً إيجابياً وتحسّن المستوى العام للمنطقة ولسكانها، وهكذا يمكن أن نحدد سلم الأولويات ونعمل على تنشيط القطاعات المجدية والضرورية التي تفتح فرص عمل جديدة وتسدّ الحاجات الأساسية. أما الواقع اليوم في لبنان فيكشف عكس ذلك، إذ هناك غياب واضح للدراسات وضعف في الإدارة وإهمال في اختيار المشاريع التنموية الفعالة للمناطق المحلية، وهذا ما نشهده في كثير من المناطق، حيث تنتشر مشاريع ممولة من منظمات دولية وغير حكومية أو عبر تمويل محلي، لكنّها ضعيفة الإنتاجية والفعالية. هناك عدد كبير من التحديات في هذا المجال لسنا بصدد مناقشتها الآن، لكن باختصار يمكن القول: إذا تواجدت أسواق قديمة تراثية في منطقة معينة فلا بد من إعادة إحيائها وتفعيلها ودعمها، لما لها من إيجابيات ثقافية واجتماعية واقتصادية للمنطقة، أما إذا كانت المنطقة خالية من الأسواق التراثية التاريخية فلا بد من أنّها تتميز بخصائص كثيرة أخرى، يجب البحث فيها ودعمها بما يتناسب مع مواردها وحاجاتها.
قدمي لنا عرضاً سريعاً حول الأسواق التراثية الأبرز في لبنان، والحِرف والمهن والبضائع المنتشرة فيها...
هناك كثير من الأسواق التراثية في لبنان التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام، وتحافظ على تميّزها بالطابع التراثي والتاريخي، لكنّ بعضها، خصوصاً أسواق بيروت بسبب الحرب الأهلية وغيرها، تحولت من أسواق شعبية حرفية إلى أسواق "مودرن"، أي أخذت طابع الحداثة؛ ومنها نذكر سوق الطويلة، سوق النورية، سوق سرسق، وباب إدريس. في المقابل، هناك أسواق ما زالت تحافظ على طابعها التراثي والشعبي وتلقى رواجاً كبيراً وتجذب السائحين مثل سوق صيدا القديم، وسوق طرابلس، وسوق جبيل. تنتشر في هذه الأسواق الصناعات اليدوية والحرفية والقطع الأثرية والتذكارات والزجاج الملون والمجوهرات والمأكولات الشعبية. وتنقسم إلى أسواق صغيرة فرعية مثل سوق النحاسين، وسوق العطارين، وخان الصابون وغيرها.
ما أهمية الأسواق التراثية في لبنان على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية؟ وهل نحن في حاجة إلى حمايتها فعلاً ولأيّ غرض؟
الأسواق التراثية جزء أساسي من هويتنا وثقافتنا وتاريخنا، وهي مصدر دخل لكثير من العائلات التي نشأ أفرادها على الصناعات الحرفية واليدوية، وتوارثتها الأجيال عبر السنين. من الضروري جداً المحافظة على هذه الأسواق وحمايتها اليوم قبل الغد، وذلك لمواجهة اجتياح "المولات" وما تضمه من محلات تابعة لشركات متعددة الجنسيات، فهذه الأسواق الشعبية تتعرض لتهديد يومي بالاندثار في ظلّ المنافسة القوية لها. بذلك، يجب أن نتمسك بأسواقنا الشعبية والتراثية بقوة ودعمها، كي نحافظ على هويتنا أولاً، وعلى تميزنا وفننا الحرفي ثانياً وتطويره ليتماشى مع الاتجاهات الحديثة، خصوصاً السياحية، وأخيراً لا بدّ من دعم الحرفيين والتجار داخل هذه الأسواق كي يحافظوا على مستوى معيشي لائق.
كيف يساهم دعم هذه الأسواق التراثية في تنمية المناطق التي تضمها ودعم السكان والحرف التقليدية؟ وهل يفترض أن يتوجه الدعم إليها أو إلى قطاعات أكثر جدوى تنموياً؟ وما هي ملاحظاتك بخصوص الجوانب السلبية من هذا الدعم من خلال أبحاثك؟
إعادة إحياء الصناعات الحرفية وتطويرها، والمحافظة على الأسواق الشعبية والتراثية، والاهتمام المستمر ببناها التحتية، يؤثر إيجاباً على المجتمع المحلي الذي تتواجد فيه. فبالإضافة إلى أنّها باب رزق لكثير من العائلات، فهي مصدر محتمل أساسي جاذب للسائحين إلى المناطق التي تتواجد فيها، ما ينعكس إيجاباً على الوضع العام للمنطقة المحلية، ويشجع على مزيد من الاهتمام والعناية بها. جميع القطاعات في لبنان تحتاج إلى عناية ودعم تنمويين، أما توجيه الدعم التنموي لقطاع معين وإهمال آخر فهو طرح مرفوض، بل الأجدى إجراء دراسات وإحصاءات، والبحث في الموارد البشرية والمادية والإمكانات والمميزات الطبيعية والجغرافية لكلّ منطقة على الصعيد المحلي، ثم وضع استراتيجيات ورؤية تنموية واضحة، على أساسها نحدد القطاعات والمشاريع المجدية والفعالة التي تُحدث تغييراً إيجابياً وتحسّن المستوى العام للمنطقة ولسكانها، وهكذا يمكن أن نحدد سلم الأولويات ونعمل على تنشيط القطاعات المجدية والضرورية التي تفتح فرص عمل جديدة وتسدّ الحاجات الأساسية. أما الواقع اليوم في لبنان فيكشف عكس ذلك، إذ هناك غياب واضح للدراسات وضعف في الإدارة وإهمال في اختيار المشاريع التنموية الفعالة للمناطق المحلية، وهذا ما نشهده في كثير من المناطق، حيث تنتشر مشاريع ممولة من منظمات دولية وغير حكومية أو عبر تمويل محلي، لكنّها ضعيفة الإنتاجية والفعالية. هناك عدد كبير من التحديات في هذا المجال لسنا بصدد مناقشتها الآن، لكن باختصار يمكن القول: إذا تواجدت أسواق قديمة تراثية في منطقة معينة فلا بد من إعادة إحيائها وتفعيلها ودعمها، لما لها من إيجابيات ثقافية واجتماعية واقتصادية للمنطقة، أما إذا كانت المنطقة خالية من الأسواق التراثية التاريخية فلا بد من أنّها تتميز بخصائص كثيرة أخرى، يجب البحث فيها ودعمها بما يتناسب مع مواردها وحاجاتها.