تتواصل في ساحات وميادين العاصمة العراقية بغداد ومدن الجنوب لليوم الثالث على التوالي، مراسم عزاء ضحايا التظاهرات بعد أسبوع دام رفعت خلاله قوات الأمن من سقف العنف إلى مستويات غير مسبوقة، ما تسبب بمقتل عشرات المتظاهرين وإصابة مئات آخرين.
وأقيمت مجالس العزاء في ساحات النجف، والناصرية، وبغداد، والسماوة، وضمت صور الضحايا الذين تلقى ذويهم العزاء في الساحات العامة، في حين يتلقون العزاء عصرا في مجالس أخرى في منازلهم.
وبدت حالة التعاطف والتلاحم داخل المجتمع العراقي ملحوظة، إذ أقيمت مراسم العزاء في مدن أخرى لم يسقط فيها ضحايا مثل الفلوجة والرمادي والموصل وتكريت.
وقال الناشط هشام الزيدي، إن "غالبية الضحايا أقيمت لهم مجالس عزاء داخل ساحات التظاهر بالتزامن مع تلك التي أقيمت في منازلهم"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "تلك المجالس أصبحت أشبه بالتقليد المتعارف عليه في عموم المحافظات التي تشهد تظاهرات، حيث يشيع الشهداء من داخل الساحة، ومن ثم يعود ذووهم وأصحابهم بعد أن يواروهم الثرى إلى مجلس العزاء في الساحة لاستقبال المعزين، كما يستقبلونهم في منازلهم مساء".
وشهدت مجالس عزاء ساحات التظاهر توافد آلاف المعزين، وبعضهم لا تربطهم أية علاقات بالضحايا، كما شهدت مشاركة وفود من عشائر المحافظات المختلفة التي عدت تلك المجالس ممثلة لجميع العراقيين.
وقال الشيخ عامر الجبوري، وهو أحد شيوخ محافظة صلاح الدين: "شكلنا وفودا تمثل عشائر محافظتنا المختلفة، وقمنا بأداء واجب العزاء لذوي شهداء التظاهرات، وحضرنا معهم في المجالس، ووفود العشائر تتنقل بين المحافظات لتشارك في مراسم العزاء، ومشاركتنا في تقديم التعازي هي أقل واجب، لاسيما أن الشهداء ضحوا بدمائهم من أجل العراق".
ولم يكن وصول وفود العشائر ميسرا إلى مجالس العزاء، إذ يمنعهم عناصر الأمن أحيانا من دخول المحافظات، ما تسبب بانتقادات واسعة لتلك الإجراءات الأمنية.
واعتبر سياسيون أن تلك المجالس تحولت إلى شاهد على القمع الحكومي، وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي، أمجد الفراجي، لـ"العربي الجديد"، إن "نصب مجالس العزاء داخل ساحات التظاهر نوع من رواية قصة الدم العراقي الذي أريق دفاعا عن قضية آمن بها الشعب، فضحى بدمه من أجلها، كما أنها شاهد على حكومة قتلت أبناء شعبها من أجل البقاء في السلطة".
وأكد الفراجي أن "الملاحظ في تلك المجالس أنها خصصت للشعب فقط، وأن المجرمين والجلادين لم يحضروها، إذ لم تكلف الحكومة ولا قادة القمع أنفسهم بحضور تلك المجالس أو إرسال موفدين عنهم، ما يجعل الصورة واضحة لمعسكرين متقابلين، وهما شعب مضح أمام جلاد السلطة".
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي علق عراقيون على تلك المجالس معبرين عن مواساتهم لذوي القتلى، ومنتقدين القمع الحكومي. وكتب نيبال الباتع: "لعنة الله على المجرمين. متى يتوقف شلال الدم العراقي؟". ودعا سعد فرحان بالرحمة للشهداء، والصبر لأهلهم، مؤكدا أنهم "سيبقون في ضمائرنا، وسيذكرهم التاريخ إلى الأبد".
وكتب غزوان كريم زين الحامد: "من الرمادي قلوبنا معكم، الله يرحم شهداءكم يا أبطال. الله ينصركم".