طالبت الورشة العلمية التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، حول الهجرة القسرية في البلدان العربية، في يومها الختامي اليوم الأحد، الدول العربية بتفعيل العمل المشترك، وتجاوز الخلافات السياسية من أجل تطوير استراتيجية عربية للعمل الإنساني، والعمل على دراسة التشريعات الوطنية بهدف توحيدها، وإيجاد آلية مراقبة للتدخل الدولي.
وأكدت الورشة أهمية تطوير قواعد البيانات لدى الدول العربية، والاهتمام بالبحث العلمي في قضايا اللجوء واللاجئين والتهجير القسري في المنطقة، وعلى جاهزية المؤسسات العربية المعنية بتلك القضايا، ووضع تصور حقيقي لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية في المجالات الإنسانية في مراحل ما بعد الصراع.
ولفتت توصيات الورشة العلمية إلى "الواجب الأخلاقي الذي يقع على عاتق المنظمات الدولية للتعامل مع الأزمات الإنسانية، وأزمتي السيادة والحكم في البلدان العربية، وكذا آليات تقديم المساعدة اللازمة لإنهاء الأزمات وصولاً إلى التنمية المستدامة"، كما طالبت المجتمع المدني بتطوير آلياته من أجل مساءلة المانحين الدوليين والحكومات المانحة بخصوص كيفية توظيف الموارد واستثمارها واستردادها.
واختتمت الورشة أعمالها، مساء الأحد، بطاولة مستديرة بعنوان "العمل الإنساني في مناطق النزوح القسري: التحديات والممكنات"، أدارها عضو لجنة الأمم المتحدة لإعمار العراق، دارم البصام، وتحدثت خلالها مبعوثة الأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية، الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني، والتي شددت على ضرورة تحييد العامل السياسي لتجاوز التحديات.
وأوضحت آل ثاني أن "إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية بالجامعة العربية تعمل حالياً على دراسة الأوضاع الإنسانية للخروج بتقرير عربي عن اللجوء في المنطقة العربية"، مؤكدة قدرة ممثلي الحكومات والمنظمات العربية في المجال الإنساني على العمل في سياق مشترك.
وعقدت الورشة اليوم ثلاث جلسات علمية، حملت الأولى عنوان "الحماية الدولية للمهجرين قسرياً من منظور القانون الدولي"، وقدم فيها الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة البويرة الجزائرية، عمر روابحي، ورقة حول "حماية حقوق اللاجئين: الصكوك والآليات الدولية والإقليمية"، وتناول فيها أربعة محاور، هي مفهوم اللجوء في القانون الدولي، والصكوك الناظمة لحقوق اللاجئين، وحقوق اللاجئين المكتسبة، والآليات الإقليمية والدولية لحماية حقوق اللاجئين، مع التركيز على نحوٍ خاص على تصديق سورية، والعراق، واليمن، وليبيا، والسودان عليها.
Twitter Post
|
وتناولت الأستاذة بجامعة مولود معمري في تيزي وزو بالجزائر، حورية آيت قاسي، قضية الحماية الدولية للنازحين داخلياً، مشيرة إلى أن "تركيز الجماعة الدولية على حماية الأشخاص النازحين داخل بلدانهم الأصلية، والذي تغلفه دوافع إنسانية، هو في الواقع نتيجة حتمية لتحفظ الدول بشأن قبول أعداد كبيرة من اللاجئين"، وقدمت توصيات ترمي إلى حماية الأشخاص النازحين داخل بلدانهم الأصلية، مع الحفاظ على إمكانية الفرار خارج الحدود، والتماس الملجأ في حالة فشل مقاربة الوقاية.
وطالب الأستاذ بكلية القانون في جامعة طرابلس الليبية، فرج سليمان، بإبرام اتفاقية إقليمية عربية تقر للمهاجرين القسريين الحق في التنقل والسفر والإقامة في إطار جامعة الدول العربية، وتفرض على الدول العربية الاعتراف بوثائق الهوية والسفر التي تمنحها دولة الملجأ.
Twitter Post
|
وفي جلسة "الاستجابة الأوروبية لظاهرة اللجوء من البلدان العربية"، تناول الأستاذ بكلية العلوم الإنسانية في جامعة فيتشبورغ الأميركية، ياسر جزائرلي، السجال على سياسات الهجرة واللجوء من منظور اللجوء السوري في ألمانيا، مشيراً إلى أن "وصول عدد كبير من اللاجئين السوريين في عامي 2015 و2016، شكّل نقطة التحول الثانية في تاريخ الهجرة إلى ألمانيا، إذ تمثلت نقطة التحول الأولى في وصول العمال الأتراك في ستينيات القرن الماضي".
وأشار جزائرلي إلى عاملين سيحددان نتيجة التجاذب بين سياسات الحكومة ورغبات معارضيها، وقد يرسمان مستقبل الاندماج في ألمانيا، الأول هو استمرار الاقتصاد قوياً ليلعب دوره المركزي باعتبار أن العمل هو أهم عوامل الاندماج، والعامل الثاني يتمثل في سلوك اللاجئين.
وقدم الباحث في المركز العربي، أحمد قاسم حسين، ورقة بعنوان "الاتحاد الأوروبي والهجرة غير النظامية في ليبيا: دراسة في السياسات والآليات"، وقال إنه بالنظر إلى الهجرة انطلاقاً من الشواطئ الليبية، فإن "استجابة الاتحاد الأوروبي ارتهنت بالتشريعات والقوانين في مجال إدارة الهجرة من ناحية، وتناقض المصالح الاقتصادية والسياسية تجاه الأزمة في ليبيا من ناحية أخرى"، مؤكداً أن "المعالجة الجذرية تتطلّب استراتيجية أوروبية موحدة لدعم حكومة ليبية مركزية قادرة على ضبط الأمن والاستقرار، ودعم بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية".
Twitter Post
|
واستعرض أستاذ العلوم السياسية بجامعة عنابة في الجزائر، منير مباركية، برامج التعاون غير الحكومي الأوروبية العربية بوصفها آلية استجابة للهجرة القسرية، مشيراً إلى أن برامج التعاون اللامركزي الأوروبي العربي تشكل "أُطراً تنفيذية" كونها تكمل بقية الأطر القانونية العالمية، وتُساهم في الحلول مكان السياسات المحلية، أو تعويضها حال غيابها.
وخلال جلسة "اللاجئون العرب في أوروبا وتركيا: آليات التكيف والاندماج"، قدم الباحث هاشم نعمة فياض ورقة بعنوان "اللاجئون العراقيون في أوروبا بين إكراهات اللجوء وآفاق الاندماج: هولندا نموذجاً"، ولفت إلى أن "عقد التسعينيات شهد تدفق أكبر موجات اللاجئين العراقيين نحو هولندا، وكانوا يُعدون أكبر مجموعة لاجئين حتى عام 2016، إلى أن تفوق عليهم اللاجئون السوريون عددياً، كما أن نمط الهجرة إلى هولندا تغير، إذ أصبحت الهجرة العائلية من العراق وإيران والصومال محفزاً أكثر أهمية من هجرة اللجوء".
ولخّص فياض أبرز معوقات اندماج المهاجرين العراقيين مع المجتمع الهولندي بالعنصرية والأحكام المسبقة، وقلة تفهم مشكلة اللاجئين من قبل قطاعات من الهولنديين، وصعود اليمين المتطرف، فضلاً عن قلة إجادة اللغة الهولندية بالنسبة إلى الجيل الأول من اللاجئين والمهاجرين، والنظر إلى المجتمع الهولندي من منظار اجتماعي عراقي.
وقدّم الأستاذ في كلية الدراسات العليا بالجامعة العالمية في لندن، حميد الهاشمي، ورقة تناولت "السوريون في بريطانيا بين تحدّي الاندماج وآفاق العودة"، مشيراً إلى أن الجالية السورية حديثة عهد في بريطانيا، وتعزز وجودها بعد إقرار حكومة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون برنامج إعادة توطين السوريين المستضعفين، والذي يقتضي استقطاب وتوطين 20 ألف سوري.
واستبعد الباحث خيار عودة اللاجئين إلى سورية في هذه المرحلة بحكم الأضرار والصدمات النفسية التي تعرض لها العديد منهم خلال الحرب، وخلال رحلة الهجرة، وكذلك استمرار هيمنة النظام على الحكم، وانعدام الاستقرار.
وسلّطت الباحثة في المركز العربي، منى هداية، الضوء على آليات التكيّف الاقتصادي لدى اللاجئات السوريات المُعيلات في إسطنبول (2011- 2018)، وتطرقت إلى إعالة النساء اللاجئات لكثير من الأسر بعد أن فقدت معيلها التقليدي خلال الحرب، وكيف لجأت النساء إلى أنماطٍ مختلفة من آليات التكيّف الاقتصادي للوفاء باحتياجات أسرهنّ، وخلصت إلى أن تلك الآليات يمكن تصنيفها في ثلاثة أنماط رئيسية، هي التكيّف المنتج، والتكيّف بالاعتماد على المساعدات، والتكيّف السلبي.
Twitter Post
|