تصادف اليوم، الأربعاء، ذكرى مرور 30 عاماً على إعدام الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته يلينا، ليطوي وسط أوروبا صفحة الشيوعية بلا رجعة، وتبدأ عهداً جديداً وسط توجه نحو توحيد القارة العجوز، وانضمام دول الكتلة الاشتراكية سابقاً، بما فيها رومانيا، إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن على عكس الدول الأخرى في الكتلة الاشتراكية مثل بولندا والمجر وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا التي أنهت الحكم الشيوعي بطريقة سلمية عام 1989، فإن رومانيا شهدت موجة من أعمال عنف تُوّجت بإعدام تشاوشيسكو وزوجته في 25 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام.
ويرجع المؤرخ الروماني رادو ديبراتو العنف الذي تخلل سقوط الشيوعية في رومانيا، إلى تشبث تشاوشيسكو بالسلطة، بالتوازي مع سعي السلطة الجديدة بقيادة الموظف الشيوعي السابق إيون إيليسكو، إلى نشر الفوضى وبسط سيطرتها.
يقول ديبراتو لـ"العربي الجديد"، من العاصمة الرومانية بوخارست: "جاءت الثورة الرومانية عنيفة، لأن تشاوشيسكو لم يرغب في إجراء أي إصلاحات على الإطلاق. فكيف بالتنحي بعدما أسس لتمجيد شخصيته، آخذاً البلاد إلى العزلة الاقتصادية والثقافية؟ لهذا السبب، سارعت السلطة الجديدة بقيادة إيليسكو إلى محاكمة تشاوشيسكو وزوجته عسكرياً وإعدامهما، إذ لم يكن في وسعها من وجهة النظر السياسية السماح ببقائهما على قيد الحياة".
على الرغم من ذلك، يشير ديبراتو إلى أن نشر الفوضى والعنف أثناء الثورة الرومانية كان من مصلحة السلطة الجديدة أيضاً لفرض سيطرتها بالقوة. وبعد مرور عقود على سقوط تشاوشيسكو وإعدامه، تظهر استطلاعات الرأي نسبة عالية من مؤيدي الدكتاتور المتسلط، وأن قسماً كبيراً من الرومانيين يعتبرون أن حياتهم قبل عام 1989 كانت أفضل، على الرغم من سلبيات تلك المرحلة.
ويعلّق ديبراتو على انقسام الرومانيّين في تقييم تشاوشيسكو، قائلاً: "الرومانيون اليوم منقسمون في تقييمهم لحكم تشاوشيسكو بين من يعتبره دكتاتوراً قاد البلاد إلى أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة، وآخرين يعتبرونه رئيساً جيداً وحتى بطلاً وشهيداً".
ويشير إلى أن أفراد الفئة الثانية هم ممن كانوا يعيشون حياة كريمة إلى حد كبير في عهد تشاوشيسكو، ويحنون إلى أيام شبابهم. كما ازداد هذا الشعور في التسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الـ21".
ويوضح أنّ "الانتقال إلى الرأسمالية في ذلك الوقت شكّل ضربة قوية للعديد من المواطنين، فباتوا ينظرون بانبهار إلى الضمانات الاجتماعية التي كان يوفرها المجتمع الشيوعي".
اقــرأ أيضاً
اندلعت الاحتجاجات في رومانيا في منتصف ديسمبر/ كانون الأول عام 1989، بعد محاولة الشرطة إلقاء القبض على القس المعارض لاسلو تيكيش، المجري الأصل، الذي كان يحظى بشعبية في مدينة تيميشوارا، وأصبح واحداً من رموز الثورة الرومانية.
ووجدت اضطرابات تيميشوارا لنفسها تربة خصبة في رومانيا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ووصل إلى حد إجبار السكان على إطفاء الأنوار في بيوتهم ومنع تشغيل التلفزيونات لأكثر من ساعتين، وذلك لسداد الديون المتراكمة أمام صندوق النقد الدولي، علماً أن القروض الغربية منحت لرومانيا على خلفية رفضها التدخل في تشيكوسلوفاكيا عام 1968، وساعدتها في تأسيس قطاع صناعي قوي بمقاييس الكتلة الاشتراكية.
وفي الوقت الذي أكد فيه تشاوشيسكو خلال آخر لقاء له مع الزعيم السوفييتي الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف، في موسكو قبيل بدء الاضطرابات، أنه لا ينوي إجراء أي تغييرات، أصدرت موسكو إشارات بأنها لن تتدخل في رومانيا وتنأى بنفسها عما يجري في هذا البلد. وتحولت أحداث تيميشوارا إلى موجة من أعمال العنف بعد بدء قوات الشرطة والجيش بقمع المحتجين، ما أسفر عن مقتل عشرات منهم، بينما توجه تشاوشيسكو إلى إيران في زيارة كان مخططاً لها على الرغم من تصاعد الوضع الداخلي في رومانيا.
وبعد عودته من إيران، ألقى تشاوشيسكو كلمة متلفزة حمّل فيها "عناصر مشاغبة" المسؤولية عما يجري. وبالتزامن مع ذلك، حشد أنصار تشاوشيسكو لتظاهرة مؤيدة أمام قصر الرئاسة، إلا أنها تحولت إلى احتجاج الرومانيين الغاضبين، وسط رفض قوات الجيش إطلاق النار عليهم.
وسط هذا الحشد، بدأت تتبلور قيادة التظاهرات، بمن فيهم المعارض المنشق عن النخبة الرومانية إيليسكو الذي سيصبح رئيساً للبلاد في ما بعد. وتمكن تشاوشيسكو وزوجته من مغادرة القصر الرئاسي على متن طائرة مروحية، ثم حاولا الفرار بواسطة سيارة مواطن عادي أوقفاه على الطريق، لكنّه تعرّف إليهما واصطحبهما إلى مقر المتمردين.
وسرعان ما تمت محاكمتهما عسكرياً وإصدار الحكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص. وترأس المحكمة عسكريون رومانيون كانوا أخيراً يؤدون التحية لتشاوشيسكو، والذي أعلن قبيل إعدامه يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول 1989، عدم اعترافه بالمحكمة.
لكن على عكس الدول الأخرى في الكتلة الاشتراكية مثل بولندا والمجر وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا التي أنهت الحكم الشيوعي بطريقة سلمية عام 1989، فإن رومانيا شهدت موجة من أعمال عنف تُوّجت بإعدام تشاوشيسكو وزوجته في 25 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام.
ويرجع المؤرخ الروماني رادو ديبراتو العنف الذي تخلل سقوط الشيوعية في رومانيا، إلى تشبث تشاوشيسكو بالسلطة، بالتوازي مع سعي السلطة الجديدة بقيادة الموظف الشيوعي السابق إيون إيليسكو، إلى نشر الفوضى وبسط سيطرتها.
يقول ديبراتو لـ"العربي الجديد"، من العاصمة الرومانية بوخارست: "جاءت الثورة الرومانية عنيفة، لأن تشاوشيسكو لم يرغب في إجراء أي إصلاحات على الإطلاق. فكيف بالتنحي بعدما أسس لتمجيد شخصيته، آخذاً البلاد إلى العزلة الاقتصادية والثقافية؟ لهذا السبب، سارعت السلطة الجديدة بقيادة إيليسكو إلى محاكمة تشاوشيسكو وزوجته عسكرياً وإعدامهما، إذ لم يكن في وسعها من وجهة النظر السياسية السماح ببقائهما على قيد الحياة".
على الرغم من ذلك، يشير ديبراتو إلى أن نشر الفوضى والعنف أثناء الثورة الرومانية كان من مصلحة السلطة الجديدة أيضاً لفرض سيطرتها بالقوة. وبعد مرور عقود على سقوط تشاوشيسكو وإعدامه، تظهر استطلاعات الرأي نسبة عالية من مؤيدي الدكتاتور المتسلط، وأن قسماً كبيراً من الرومانيين يعتبرون أن حياتهم قبل عام 1989 كانت أفضل، على الرغم من سلبيات تلك المرحلة.
ويعلّق ديبراتو على انقسام الرومانيّين في تقييم تشاوشيسكو، قائلاً: "الرومانيون اليوم منقسمون في تقييمهم لحكم تشاوشيسكو بين من يعتبره دكتاتوراً قاد البلاد إلى أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة، وآخرين يعتبرونه رئيساً جيداً وحتى بطلاً وشهيداً".
ويشير إلى أن أفراد الفئة الثانية هم ممن كانوا يعيشون حياة كريمة إلى حد كبير في عهد تشاوشيسكو، ويحنون إلى أيام شبابهم. كما ازداد هذا الشعور في التسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الـ21".
ويوضح أنّ "الانتقال إلى الرأسمالية في ذلك الوقت شكّل ضربة قوية للعديد من المواطنين، فباتوا ينظرون بانبهار إلى الضمانات الاجتماعية التي كان يوفرها المجتمع الشيوعي".
ووجدت اضطرابات تيميشوارا لنفسها تربة خصبة في رومانيا في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ووصل إلى حد إجبار السكان على إطفاء الأنوار في بيوتهم ومنع تشغيل التلفزيونات لأكثر من ساعتين، وذلك لسداد الديون المتراكمة أمام صندوق النقد الدولي، علماً أن القروض الغربية منحت لرومانيا على خلفية رفضها التدخل في تشيكوسلوفاكيا عام 1968، وساعدتها في تأسيس قطاع صناعي قوي بمقاييس الكتلة الاشتراكية.
وفي الوقت الذي أكد فيه تشاوشيسكو خلال آخر لقاء له مع الزعيم السوفييتي الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف، في موسكو قبيل بدء الاضطرابات، أنه لا ينوي إجراء أي تغييرات، أصدرت موسكو إشارات بأنها لن تتدخل في رومانيا وتنأى بنفسها عما يجري في هذا البلد. وتحولت أحداث تيميشوارا إلى موجة من أعمال العنف بعد بدء قوات الشرطة والجيش بقمع المحتجين، ما أسفر عن مقتل عشرات منهم، بينما توجه تشاوشيسكو إلى إيران في زيارة كان مخططاً لها على الرغم من تصاعد الوضع الداخلي في رومانيا.
وبعد عودته من إيران، ألقى تشاوشيسكو كلمة متلفزة حمّل فيها "عناصر مشاغبة" المسؤولية عما يجري. وبالتزامن مع ذلك، حشد أنصار تشاوشيسكو لتظاهرة مؤيدة أمام قصر الرئاسة، إلا أنها تحولت إلى احتجاج الرومانيين الغاضبين، وسط رفض قوات الجيش إطلاق النار عليهم.
وسط هذا الحشد، بدأت تتبلور قيادة التظاهرات، بمن فيهم المعارض المنشق عن النخبة الرومانية إيليسكو الذي سيصبح رئيساً للبلاد في ما بعد. وتمكن تشاوشيسكو وزوجته من مغادرة القصر الرئاسي على متن طائرة مروحية، ثم حاولا الفرار بواسطة سيارة مواطن عادي أوقفاه على الطريق، لكنّه تعرّف إليهما واصطحبهما إلى مقر المتمردين.
وسرعان ما تمت محاكمتهما عسكرياً وإصدار الحكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص. وترأس المحكمة عسكريون رومانيون كانوا أخيراً يؤدون التحية لتشاوشيسكو، والذي أعلن قبيل إعدامه يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول 1989، عدم اعترافه بالمحكمة.