أطلقت السلطات العراقية خلال اليومين الماضيين، تحذيرات متكررة للسكان بتجنب الاقتراب من نهر ديالى، وعدم التخييم قربه أو السباحة فيه بسبب مخاوف من فيضان النهر بفعل السيول القادمة من إيران ومناطق شمال العراق، لكن السكان ظلوا غير مكترثين بتلك التحذيرات، ويقبل كثير منهم على النهر الذي رافق ارتفاع منسوبه ظهور كميات كبيرة من الأسماك.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤولين في وزارة الموارد المائية تحذيرات من فيضان مرتقب يهدد مدينة بعقوبة عاصمة المحافظة والقصبات والقرى الواقعة على ضفتي نهر ديالى، بسبب ارتفاع غير مسبوق في مناسيب النهر لم يتكرر منذ نحو ربع قرن بفعل الأمطار الغزيرة وذوبان ثلوج في سلسلة الجبال العراقية-الإيرانية.
وبحسب مسؤول عراقي، فإن الفيضان قد يحدث، لكن حصوله أو عدم حصوله يعتمد على حجم الإيرادات المائية القادمة من إيران، بالتزامن مع محدودية التخزين في سدي دربندخان وحمرين شمال العراق وشرقه.
وأدى ارتفاع منسوب النهر إلى عودة البساتين المجدبة على ضفتيه مجددا للحياة، وأينعت الأشجار ونبتت الحشائش، كما عادت طيور النورس مجددا إلى النهر، وعاد من جديد مشهد العائلات التي تفترش ضفتيه والشبان الذين يصطادون السمك فيه.
وقال أبو علي، وهو من سكان بعقوبة، إنه يسكن على مسافة 500 متر من النهر؛ "لم أشاهد النهر سابقا بهذا الشكل. ارتفع منسوب المياه إلى أعلى مستوياته، وكثيرا ما آخذ عائلتي ونذهب للصيد وقضاء الأوقات الجميلة. لكني حريص دائما، فالمياه يمكن أن تخدعنا بأي لحظة".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "قلة المتنزهات في المدينة تجعلنا ننجذب إلى النهر الذي لا يمكن مقاومة منظره الجميل، لذلك تجد كثراً من الناس غير مكترثين بالتحذيرات من خطر فيضان النهر، حتى أنّ بعض الشباب يقفون على حافات طينية لاصطياد الأسماك غير آبهين بخطر الانزلاق في النهر".
وبيّن زياد محسن لـ"العربي الجديد"، والذي يعمل مقاول بناء، أن "ارتفاع مياه النهر، حتى في فروعه وجداوله، وامتلاء بحيرة حمرين، ينذران بخطر فيضان البساتين والقرى والمدن القريبة منه إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الصحيحة لاحتواء هذه المياه المتوقعة زيادتها خلال فصل الربيع بسبب فيضان الثلوج من قمم جبال شمال العراق ومن إيران، وهما المصدران الرئيسيان لامتلاء نهر ديالى وتفرعاته.
Twitter Post
|
في السياق، حذرت عضو البرلمان العراقي، إنعام الخزاعي، من تضرر أكثر من 50 ألف مواطن نتيجة ارتفاع مناسيب مياه نهر ديالى، مطالبة رئيس الوزراء بالتدخل العاجل لإنقاذ أهالي المنطقة.
وقالت الخزاعي في بيان، إن ارتفاع مناسيب المياه المتدفقة نتيجة السيول القادمة من الحدود الإيرانية جعل المنطقة عرضة للغرق نتيجة ارتفاع مياه نهر ديالى، "ومع زيادة قدوم المياه من الحدود الإيرانية تحركت الملوثات الراكدة في قاع النهر إلى السطح، وبدأت تنجرف إلى مناطق أخرى".
وتابعت أن "السيول هدمت الجسر ودمرت حافة النهر، وإذا لم تتم معالجتها بشكل عاجل بحواجز إسمنتية كإجراء أولي، فإن هنالك نحو 300 منزل ستتعرض للغرق، وسيتضرر أكثر من 50 ألف مواطن يسكنون بالقرب من مجرى النهر".
ويعتبر نهر ديالي أحد الأنهار الكبيرة التي تصبّ في نهر دجلة، وهو ينبع من سلسلة جبال زاغروس في إيران، ثم يتّجه مع السفوح الجبليّة باتجاه الغرب، فيمر عبر كردستان العراق، ويشكّل مجرى النهر الحدود الدولية بين إيران والعراق لمسافة 32 كم، ويبلغ طوله حوالي 445 كم.
ويطلق عليه الأكراد نهر سيروان لكونه ينبع من مناطقهم، ويرفده نهر حلوان عند منطقة خانقين، ويخترق النهر مدينة ديالي التي سمّيت على اسمه، وتروي مياه النهر السهول الواقعة على طول مجراه في مختلف مناطق المحافظة.