شغلت قضية أخلاقية التونسيين، أمس الثلاثاء، وطغت على ما عداها من قضايا، بعد تأكيد القضاء أن معلّماً في مدينة صفاقس، وسط شرق تونس، تورط بالاعتداء الجنسي على عدد من التلاميذ في إحدى المدارس الابتدائية.
وأفاد المتحدث الرسمي باسم محاكم صفاقس، مساعد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف القاضي مراد التركي، بأن عدد التلاميذ المتضررين من هذه الاعتداءات وصل إلى حدود 20 تلميذاً وتلميذة (17 من الإناث و3 من الذكور)، وهو عدد مرشح للارتفاع مع تقدم التحقيق في هذه القضية.
وأشارت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في تونس، في بيان لها أمس، إلى الاستعانة بقسم الطب النفسي للأطفال في المستشفى الجامعي الهادي شاكر في صفاقس، لإجراء المرافقة والمتابعة النفسية اللازمة في العيادة الخارجية للأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها بحقهم مدرس في إحدى المؤسسات التربوية بالجهة.
كما أعلنت عن تكليف المتخصصة النفسية في المندوبية الجهوية للتربية بصفاقس 2، بمواصلة إجراء المرافقة والمتابعة النفسية لكل الأطفال، بناء على الإشعار الوارد إلى مكتب مندوب حماية الطفولة بصفاقس بشأن تعرض عدد من الأطفال إلى التحرش الجنسي من قبل مدرسهم.
ونفذ مكتب مندوب حماية الطفولة بصفاقس زيارة ميدانية للمؤسسة التربوية برفقة المتخصصة النفسية المكلفة بالمتابعة، ما أظهر بعد الاستماع للأطفال والتنسيق مع المصالح الأمنية أن العدد الإجمالي للضحايا الذين تعرضوا لاعتداء بفعل الفاحشة والتحرش الجنسي والاغتصاب، بلغ 20 طفلاً لغاية تاريخ 11 مارس/آذار 2019.
وأذن وكيل الجمهورية في صفاقس 2 بفتح بحث تحقيقي، وإصدار بطاقة إيداع بالسجن بحق المتهم.
وأكد المندوب الجهوي للتربية بصفاقس 2، عيسى شطورو، لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء، أنّ الحادثة حصلت خارج أسوار المدرسة، والقضيّة تعهّد بها القضاء محل المتابعة من قبل وزارة التربية وكلّ القائمين على القطاع، مبيّنا أنّ كافة الإجراءات المتخذة كانت بالتنسيق مع الوزارة.
ولفت شطورو إلى أنّ الأطفال ضحايا الاعتداءات هم محل إحاطة ومتابعة نفسية، مضيفا أنّه تمّ الاستماع إليهم بحضور اختصاصيين نفسيين.
وأثار عدد من أعضاء البرلمان خلال الجلسة المسائية، أمس الثلاثاء، قضية الاعتداء على التلاميذ مطالبين رئاسة الحكومة والوزارات المعنية بالتحرك.
واعتبرت النائبة كلثوم بدر الدين أن هذه القضية "فضيحة جديدة وجريمة ارتكبت في حق تلاميذ صغار السن تعرضوا للتحرش الجنسي والاغتصاب من معلمهم"، موجهة نداء إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزيرة المرأة نزيهة العبيدي، ووزير التربية حاتم بن سالم، للتحرك وتتبع المجرم ومتابعة آثار هذه الجريمة، وتشديد الرقابة لتفادي مثل هذه الحوادث.
ودعت النائبة سامية عبو إلى سحب الثقة من وزير التربية على خلفية الاعتداء على أطفال بمدرسة عمومية بصفاقس، محملة الائتلاف الحاكم مسؤولية تقصير هذه الحكومة من خلال تعمده حماية أعضائها رغم فشلهم، وفق تقديرها.
وأكدت النائبة يمينة الزغلامي أن مكتب البرلمان سيعقد، اليوم الأربعاء، اجتماعا يدعو فيه وزيرة المرأة للحضور إلى البرلمان فوراً، للنظر في مسألة الاعتداءات الجنسية التي طاولت تلاميذ في صفاقس، معتبرة أن قطاع الطفولة مهدد اليوم على عدة مستويات، ولا بد للمجلس أن يتفاعل مع هذا الموضوع.
التعليم الأساسي
واعتبر الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي، توفيق الشابي، حادثة التحرش الجنسي بالتلاميذ "ممارسة معزولة لا تمت بأية علاقة لمهنة التعليم".
وشدد الشابي، في تصريح صحافي اليوم، على ضرورة محاسبة كل شخص تجاوز القانون وقام بممارسات من شأنها خدش شرف المهنة، مؤكدا أن الجامعة تُدين حادثة الاعتداء على حقوق الطفولة وقداسة العمل التربوي في الوقت نفسه، واصفا إياها بالممارسات الوحشية في حق التلاميذ.
ولفت إلى أنه لا يجب تعميم الحادثة لتجنب ضرب المؤسسات التربوية العمومية، قائلا "قد نجد مثل هذه الممارسات في مؤسسات تربوية عمومية، وقد تكون في الخاصة أيضا، وقد نجدها في قطاع التعليم كما في قطاعات أخرى"، داعيا إلى عدم تشويه صورة المربين أو العاملين في قطاعات أخرى قد تحدث فيها مثل هذه الممارسات اللاإنسانية.