مع تفشّي الكوليرا في اليمن، برزت مبادرات شبابية تطوعية تهدف إلى مكافحة هذا المرض، من خلال تقديم مساعدات صحية إلى المرضى وتوعية المجتمع حول طرق الوقاية والعلاج والمساهمة في حملات التنظيف ورفع النفايات من الشوارع والأحياء السكنية.
مبادرة "خيرة" واحدة من تلك المبادرات، يترأسها الناشط سمير إسماعيل في محافظة تعز، جنوب غربي البلاد، تعمل على تقديم المساعدات الطبية للمصابين بالكوليرا، بدعم من بعض فاعلي الخير. يقول إسماعيل لـ"العربي الجديد" إنّ "المبادرة أنشأت صيدلية خاصة في المستشفى الجمهوري بتعز، وهي توفّر الدواء لما بين 50 و60 حالة تصل إلى المستشفى يومياً. كذلك هي تقدّم وجبات غذائية خفيفة لمرضى الكوليرا في المستشفى، لأنّ أوضاع معظمهم صعبة جداً من جرّاء الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من أربع سنوات". ويشير إسماعيل إلى أنّهم اضطروا أخيراً إلى "تقديم أدوية للحالات التي جرى التأكد من إصابتها بالكوليرا، فكثيرة هي حالات الاشتباه بالمرض في ظل قلة الإمكانيات المتاحة". ويوضح إسماعيل أنّ "المبادرة عمدت كذلك إلى رفع النفايات المتراكمة من بعض مجاري مياه الأمطار في مدينة تعز، بالتعاون مع صندوق النظافة والتحسين ومكتب الأشغال بالمحافظة". ويتابع أنّ "المبادرة مستمرة في تنفيذ برامج توعية حول طرق الوقاية من المرض، والتحذير من مخاطر رمي النفايات في مجاري الأمطار إذ إنّه من شأن ذلك أن يؤدّي إلى كارثة صحية يصعب تلافيها، لا سيّما مع اقتراب موسم هطول الأمطار".
من جهته، يخبر إبراهيم المحجري "العربي الجديد" أنّه شارك في "مبادرة تطوعية لمساعدة عمّال النظافة من خلال رفع النفايات المتراكمة في شوارع مدينة صنعاء وأحيائها، بهدف الحدّ من انتشار الكوليرا". ويشير إلى أنّ "أعضاء المبادرة البالغ عددهم 30 شخصاً، تكفّلوا بشراء مستلزمات التنظيف من مالهم الخاص. كذلك نعمل حالياً على توعية أفراد المجتمع حول طرق الوقاية والعلاج، ومستمرّون في ذلك إلى حين انحسار المرض". ويدعو إبراهيم "كل أفراد المجتمع والجمعيات والمنظمات إلى المساهمة الفاعلة في التوعية".
أمّا محمد عزي، فقد أطلق مبادرة مع مجموعة من الشباب مهمتها بحسب ما يشرح "تنظيف خزّانات مياه الشرب في المنازل بمنطقة السنينة في مديرية معين غرب مدينة صنعاء، كوسيلة للحدّ من انتشار الكوليرا". ويقول عزي لـ"العربي الجديد" إنّ "أعضاء المبادرة إلى جانب تنظيف أكبر عدد ممكن من خزانات المياه في المنطقة، عملوا على توعية سكان المنازل التي نظّفوا خزّاناتها حول المرض من خلال منشورات". ويشير عزي إلى أنّ "انتشار المرض يعود إلى جهل الناس أسبابه أو إلى تساهلهم في ما يخصّ أموراً عدّة. يمنيون كثيرون يستهترون بمسألة نظافة اليدين والأطعمة، وعلى سبيل المثال يأكلون الفاكهة والخضراوات من دون غسلها جيداً، وهذا أمر قد يؤدّي إلى انتشار المرض". ويدعو عزي المواطنين إلى "غسل الأيدي بالماء والصابون قبل أيّ وجبة غذاء وبعدها، وشرب المياه المعقّمة، وتنظيف المناطق التي تتراكم فيها النفايات لضمان عدم الإصابة بالكوليرا". ويشدّد على "أهمية سرعة نقل المصاب بالكوليرا إلى أقرب مركز صحي، فور ظهور الأعراض، لضمان نجاته".
وفي محافظة المحويت، غربي البلاد، أطلقت مجموعة من الشباب مبادرة للتوعية حول الكوليرا في المناطق الريفية. يقول قيس علي، أحد المشاركين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المبادرة جاءت بعد تفشّي الكوليرا بطريقة غير مسبوقة في المحافظة، مع الإشارة إلى أنّ المستشفى الجمهوري بالمحويت (حكومي) ممتلئ حالياً بإصابات الكوليرا من مختلف المديريات". يضيف علي أنّ "المبادرة استهدفت المناطق الريفية بالمحافظة لأنّ حالات الإصابة بمعظمها هناك، من جرّاء عدم توفّر شبكات ملائمة للصرف الصحي، بالإضافة إلى أنّ مياه الشرب في تلك المناطق تأتي من برك مفتوحة وغير نظيفة". يضيف علي أنّ "أعضاء المبادرة تنقلوا في القرى التي زاروها من منزل إلى آخر لتوزيع بعض المعقّمات وشرح طرق الوقاية من المرض وعلاجه". ويلفت علي إلى أنّ "الأدوية والمستلزمات الطبية لا تتوفّر بصورة كافية في المستشفى الجمهوري"، مطالباً وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية والمنظمات الدولية العاملة في المجالَين الإنساني والصحي، بتوفيرها سريعاً وزيارة المناطق الريفية للمحافظة وتقديم الدعم اللازم لها".
وكانت وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قد أعلنت في السابع من إبريل/ نيسان الجاري، حالة الطوارئ لمواجهة مرض الكوليرا الذي أودى بحياة العشرات وأصاب الآلاف منذ مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي. وبحسب ما تفيد منظمة الصحة العالمية، فإنّ إجمالي عدد حالات الإصابة والاشتباه بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن، منذ مطلع عام 2019 وحتى 28 مارس/ آذار منه، بلغ نحو 148 ألف حالة، بينما توفي 291 شخصاً في خلال الفترة نفسها.