وظهر شرخ واضح في صفوف الأساتذة المحتجين، بين من التزموا بهذا القرار وتبعاته، وتوجهوا نحو الفصول الدراسية، وبين من قرروا تمديد الإضراب.
وعاينت "العربي الجديد" في بعض المؤسسات التعليمية في كل من الرباط وسلا والمناطق المجاورة، عودة الأساتذة المتعاقدين إلى عملهم، إذ لم يُشاهد التلاميذ وهم يعودون إلى منازلهم متأبطين محافظهم كما جرت العادة طيلة أسابيع خلت، بسبب الإضرابات الممتدة للأساتذة المتعاقدين.
وفي هذه المؤسسات التعليمية، تحدث تلاميذ لـ"العربي الجديد"، عن مشاعرهم الإيجابية بشأن عودة الأساتذة إلى الأقسام لمتابعة الدروس والحصص، وبأن "إنهاء الإضراب هو في صالح التلاميذ بالنظر إلى اقتراب نهاية الموسم الدراسي، وحتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، يقول محمد الصدراتي، تلميذ بسلك الإعدادي بثانوية الخطيب بالرباط.
وفي هذا الصدد، يقول أستاذ متعاقد عاد لتوه اليوم الإثنين لاستئناف عمله بإحدى المؤسسات التعليمية بالرباط، لـ"العربي الجديد"، إن رجوعه هو ترجمة للبلاغ الذي وافق عليه ممثلون عن "تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد"، وبأنه لا يمكن إلا الالتزام بالاتفاق في انتظار ما ستسفر عنه مفاوضات التنسيقية مع الوزارة في مقبل الأيام.
وزاد المتحدث بالقول، إنّ الأساتذة المتعاقدين المحتجين لم يصعدوا ضد الوزارة من أجل التصعيد ولا مارسوا حقهم في الإضراب فقط من أجل الإضراب، أو لأجل التغيب عن العمل، لأن ذلك في نهاية المطاف أضر بهم قبل الآخرين، بدليل التهديد باتخاذ تدابير زجرية بقطع الأجور أو الفصل النهائي، ولكنهم قاموا بذلك من أجل صالح المدرسة العمومية، فالأستاذ الذي لا يعمل في ظروف مهنية ومادية مريحة لن يعطي ما ينتظر منه من أداء ومهنية".
وعلم "العربي الجديد"، أنه في عدة مؤسسات تعليمية بمناطق ومدن أخرى عاد التلاميذ إلى بيوتهم بعدما تفاجأوا بعدم حضور الأساتذة الذين يدرسونهم، إذ بدا أن العديد منهم التزموا بتمديد الإضراب، نزولا عند قرارات وتوجيهات التنسيقيات المحلية للأساتذة المحتجين في كل إقليم.
وظهر تشتت المواقف بشكل واضح وسط التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين، إذ اعتبر البعض أن بلاغ وزارة التربية الوطنية بعد الاجتماع بممثلي النقابات التعليمية وممثلي التنسيقية لا يلزمهم بشيء، وهو ما أكده بلموح حسناوي، أستاذ متعاقد، بالقول إن القواعد هي التي حددت وتحدد وستحدد مصيرها في معركتها البطولية والمشروعة من قبيل الإنزال الوطني الأخير.
وتابع المتحدث ذاته، بالقول إنه بالرغم من كثرة القيل والقال حول تعليق الإضراب أو تمديده، فإن ما سماها "الجماهير الأستاذية" تتخذ قرارها بنفسها عبر مجموعاتها المحلية في انتظار باقي الجهات، وهو قرار تمديد الإضراب حتى الثلاثاء 16 إبريل/ نيسان الجاري.
وتناسلت في هذا الصدد بيانات وبلاغات كثيرة، سماها الكثيرون حرب البلاغات، وجميعها تنسب إلى التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين، بين بيانات تحترم وتلتزم بموقف العودة إلى الأقسام، وبيانات تشير إلى أن التنسيقية في حِل من هذا الالتزام ما لم يقرره المجلس الوطني للتنسيقية، وبالتالي فإن الإضراب مستمر".
وهكذا ظهرت بيانات وأصوات مدافعة عن الاستمرار في الإضراب تتهم ممثلي التنسيقية الذين حضروا الاجتماع الرسمي مع مسؤولي الوزارة يوم السبت، وتمخض عنه الاتفاق بتعليق الإضرابات، بخيانة الملف النضالي، وبأن "المجموعات الجهوية والمحلية هي التي تقرر وليس هؤلاء".
في المقابل، نشر أساتذة أعضاء التنسيقية نداءات بأن لا يساهموا في نشر "البيانات المفبركة ومقاطع التسجيلات التي تدعو إلى الانسحاب من التنسيقية والتي تمثل صوت المنشقين من هياكلها التنظيمية"، وبأن "حملة التخوين والتشويه التي تعرض لها بعض المناضلين الشرفاء هدفها تشتيت جسم التنسيقية".
وجاء صوت ثالث لعدد من الأساتذة المتعاقدين يحذر من التمرد على قرارات التنسيقية، وبأن الخروج ببلاغات مضادة يعد هزيمة وتفكيكا لجسد التنسيقية من الداخل"، وبأن هذا "التشتت وتبادل الاتهامات سيكون دافعا ومسوغا لوزارة التربية الوطنية لعدم الجلوس مستقبلا إلى ممثلي التنسيقية حتى يرصوا صفوفهم أولا".
وكانت وزارة التعليم قد أعلنت أول أمس، ضمن بلاغ لها، عن توقيف جميع الإجراءات الإدارية والقانونية المتخذة في حق بعض الأساتذة المحتجين، وصرف الأجور الموقوفة، وكذا إعادة دراسة وضعية الأساتذة الموقوفين.
في المقابل، تضيف الوزارة: "عبّر ممثلو "الأساتذة أطر الأكاديميات" (أي الأساتذة المتعاقدون) عن الالتزام باسمهم وباسم كل الأساتذة المعنيين باستئناف عملهم يوم الإثنين 15 إبريل/نيسان الجاري، كما أن "جميع الأطراف اتفقت على عقد الاجتماع المقبل يوم الثلاثاء 23 إبريل الجاري".
وحضر الاجتماع الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية، ورئيس اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك في إطار دور الوساطة، ورئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، وزعماء النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وممثلو الأساتذة".