تتكرر الانتهاكات في مدينة سلمية السورية في ريف حماة، المعروفة بأنّها معقل الطائفة الإسماعيلية، وتتخذ طابع تضييق شبيحة النظام معيشياً على الأهالي وخطفهم وابتزازهم وسوقهم إلى التجنيد
تقول يارا، ابنة مدينة سلمية في ريف حماة الشرقي، في بداية حديثها إلى "العربي الجديد": "المضايقات لا حدود لها، وتصل إلى حدّ تضييق الخناق على أبناء هذه المدينة المنفية داخل الوطن. تبدأ المضايقات من البوابات وصولاً إلى قلب المدينة، إذ أنشأت مجموعات شبيحة العديد من الحواجز، لغرض ابتزاز الناس وسرقتهم واختطافهم واعتقالهم، بل قتلهم أحياناً. ومنها حاجز خنيفس وحاجز السطحيات وحاجز المليون". والأخير لا يسمح بعبور أحد منه من فئات الشبان المطلوبين للتجنيد، والتجار أصحاب البضائع المرتفعة الثمن نسبياً، والمطلوبين لأفرع الأمن على خلفية سياسية، حتى يدفع مبلغ مليون ليرة سورية (1940 دولاراً أميركياً)، ولذلك سمّي بهذا الاسم.
تتابع يارا: "مهمة هذه الحواجز أن توقف كلّ ما يعبر من أمامها، مثل حافلات نقل الركاب، إذ يعتقل الشبيحة الركاب، ويأخذون المال من أبناء المدن المجاورة ليتمكنوا من العبور إلى مدنهم، كما يعتقلون من ليسوا راضين عنه، ويخطفون البعض ويطلبون فدية فيه. الأمر نفسه مع السيارات العابرة، إذ يؤخذ المال عنوة من سائقيها، أو يسرقون مما لديهم فيها من بضائع إن كانوا تجاراً، كما يلزمونهم بدفع مبالغ ماليه كبيرة، وفي بعض الأحيان يأخذون الفدية ويقتلون المخطوف. ويلجأ المسلحون إلى فرض مقابل مالي للسماح بعبور أي شخص، سواء كان مطلوباً أم غير مطلوب للنظام. وهذه الحواجز تبيح عبور أيّ شخص أو شيء مقابل المال".
اقــرأ أيضاً
سيطرة الشبيحة
تضيف يارا: "لا يقتصر خطر الشبيحة على مداخل المدينة، إلى داخلها، فعصابات المرتزقة تبتز أصحاب المحلات وتأخذ منهم إتاوات، وتكسر وتخلع في أحيان كثيرة المحلات التجارية وتسرق ما فيها. كذلك، تخطف أشخاصاً من داخل المدينة وتطلب فدى مالية، أو تعتقل شباباً من الجنسين، ممن يحتجون، والتهمة معارضة النظام، وتسوقهم إلى مراكز اعتقال داخل المدينة مثل معتقل آل جاكيش، ومعتقل عيد، ومعتقل سلامة، وتخضعهم للتعذيب".
تنقل يارا قصة: "طبيب من أبناء المدينة ينتمي إلى عائلة معروفة، تعرض للعديد من حالات الابتزاز المالي على العلن، والحجة أنّه يملك المال، وأنّ للمبتزين حصة من هذا المال. تعرض للملاحقة بطريقة غير مباشرة، وعندما لم يستجب جرت ملاحقته علناً في وضح النهار وأمام منزله، وعندما حاول الجيران التدخل أبعدهم المبتزون وطالبوا الطبيب بمبلغ قدره مليون ليرة... ودفع المبلغ فعلاً".
هي حادثة من حوادث كثيرة لهذه المجموعات، فأعمالها تعدت المحظور من خطف وسرقة وقتل وتجارة أعضاء وابتزاز نساء وصل إلى حدّ الابتزاز الجنسي. بشتى الوسائل والطرق يحاصر هؤلاء أبناء سلمية حتى في ما يتعلق بمستلزمات الحياة من قطع الكهرباء لساعات طويلة وقطع المياه وصولاً إلى قطع مواد التدفئة.
الشبيحة يتحكمون بمحطات الوقود بسلاحهم ويحصلون على الكمية التي يريدونها من الوقود ويبيعونه بأسعار عالية، بينما الأهالي ممنوع عنهم المازوت، وحتى غاز الطبخ الذي خصصت سلمية بحصة منه لا يصل منها إلّا جزء ضئيل. الحصول على أسطوانة غاز بات معجزة تتطلب الوقوف في طوابير طويلة، في انتظار مجيء سيارة الغاز، كما لا يخلو الأمر من مضايقات وتسلط للشبيحة في هذا الأمر. ويتكرر الوضع نفسه أمام المخابز، فهناك نافذة للنساء وأخرى للرجال ونافذة للعسكريين، وجميع النوافذ تكون متاحة للمتنفذين والمتسلطين والشبيحة من دون أيّ احترام لأحد ومن دون أيّ رادع، فدائماً ما يقدمون على اقتحام المخبز في حال تأخر في إعطائهم الخبز.
خدمة عسكرية
الناشط عهد يونس، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ سوق الشبان ممن هم في سن الخدمة الإلزامية إلى العسكرية مستمر، ويجرى عبر حملات دهم وملاحقة وتعميم لأسمائهم، كما أنّ كثيرين من شبان المدينة عند حلول الخدمة الإلزامية يستخدمون التأجيل الجامعي مثلاً، وفي حال استنفدوا هذا التأجيل يحاولون الفرار خارج البلاد. يتابع أنّ كثيرين غادروا لهذا السبب لكنّ البعض لا يتمكن من ذلك بسبب الفقر، فيختبئ بعيداً عن الأنظار داخل سلمية. ومنهم من يلتحق مجبراً لتعذر السفر والاختباء. ويشير إلى أنّ الأغلبية الساحقة ممن تطوعوا في قوات الدفاع الوطني، التابعة للنظام، من أبناء سلمية، فعلوا ذلك بسبب الفقر، وهم في الأساس عاطلون من العمل ولا يملكون أيّ مؤهلات علمية.
اقــرأ أيضاً
على صعيد آخر، يتابع يونس: "عمليات الاختطاف والابتزاز المالي يتولى تنفيذها متنفذون من عائلات معروفة بموالاتها النظام، ويشاركهم بعض الأشخاص من سلمية. أهداف المتعاونين من أهل المدينة الحصول على مناصب ضمن الدفاع الوطني أو حزب البعث، والحصول على المال وإرضاء من يعتبرونهم مسؤولين عن عمليات التشبيح والخطف. وبالنسبة للعائلات المتنفذة نفسها فالهدف هنا فرض السيطرة على أبناء هذه المدينة وإحداث شرخ طائفي وسياسي بحجة أنّ من يقوم بهذه الأعمال هم الإرهابيون والمعارضون، كما زرع الفتنة بين أبناء المدينة".
يشير يونس إلى أنّ رمي القنابل وإطلاق النار داخل المدينة دائما الوقوع، أكان بسبب مناوشات الشبيحة وخلافاتهم بين بعضهم البعض، التي تطول، أو بغرض تخويف أبناء المدينة، وكثير من الإصابات وقعت في صفوف المواطنين بسبب ذلك. يضيف أنّه ليست هناك أيّ مراعاة للمدارس والأطفال أو التجمعات، فهم غير مبالين بما يفعلون، وكم من الأضرار من الممكن أن يلحقوا بأبناء هذه المدينة فلا حسيب ولا رقيب، وهذه التصرفات تجبر الأهالي على العيش بقلق وخوف دائمين، فيمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المدرسة في حال وقوع مناوشات بين أفراد الشبيحة والعائلات المتنفذة. كذلك، بات التجوال مرعباً في المساء، إذ إنّ فتيات عدة خطفن أو وقعن ضحية للتحرش حتى في الشوارع الرئيسية.
خدمات سيئة
بدوره، يقول رامز عمار، عن وضع الخدمات الأساسية في المدينة، لـ"العربي الجديد": "هي سيئة جداً، وجميع من هم مسؤولون عن التعليم والصحة والنظافة من جهة النظام غير مبالين. كلّ هذه الخدمات تقدمها مؤسسة الآغا خان (إمام الطائفة الإسماعيلية)، فلولا المؤسسة لكان واقع المدينة أكثر سوءاً. هي تهتم بقطاع الصحة إذ تولّت تجديد وترميم مستشفى سلمية الوطني، بعدما كانت حالته سيئة جداً، بسبب الإهمال، فأسست أقساماً جديدة وعديدة فيه، وجلبت أجهزة حديثة وشاملة، وأعادته إلى العمل".
يضيف عمار أنّ المؤسسة تعاقدت مع شبان وفتيات من أبناء المدينة ليشكلوا مجموعات تتولّى يومياً جمع القمامة وتنظيف وتنظيم الطرقات والشوارع والحدائق (التي أقامتها المؤسسة أيضاً ضمن المدينة) والاعتناء بمظهر المدينة ونظافتها "لكن للأسف، أنهت المؤسسة منذ فترة عقود التنظيف، وعادت القمامة لملء الطرقات".
يتابع: "في قطاع التعليم كان للمؤسسة دور كبير، فقد نظمت دورات تقوية للتلاميذ، وأنشأت رياض أطفال نموذجية، ووزعت القرطاسية لأبناء المدينة ممن هم في حاجة إليها. ولا ننسى دور المؤسسة في توزيع المعونات على أبناء سلمية وريفها كافة، من جميع الطوائف من دون التفريق بين إسماعيلي وعلوي، فتوزع شهرياً معونات مالية وغذائية وملابس لمن هم في حاجة إليها من أرامل وعائلات محتاجة. هناك قوائم كبيرة لعدد كبير من الأهالي والعائلات المحتاجة التي تمدها المؤسسة بالمساعدات".
اقــرأ أيضاً
وعن المياه يقول عمار: "كان للمؤسسة دور كبير جداً، فبسبب قطع المياه من قبل النظام عن المدينة أو تلوثها، عانى السكان الكثير. المؤسسة كانت المنقذ الوحيد، إذ قدمت الدعم لمؤسسة المياه، فتولت الأخيرة حفر الآبار ونقل مياه الشرب وتوزيعها. أما في خصوص الكهرباء، وبسبب القطع الدائم للتيار، فقد تولت المؤسسة إنارة أحياء عديدة. النظام لا يقدم أيّ خدمات للمدينة، ويفرض على أبنائها واقعاً خدمياً ومعيشياً سيئاً، كعقوبة مبطنة".
ورقة النظام الطائفية
في ملخص الحال، فإنّ واقع سكان مدينة سلمية، بحسب ما يوضح أسامة أبو الجود، لـ"العربي الجديد" هو "واقع أسوأ من بقية المدن الخاضعة للنظام، كون أهالي المدينة تابعين في معظمهم لأقلية دينية، وهو ما يلعب النظام على وتره، فيعمل على تخويفهم مشدداً على أن لا مفر لهم غير الطاعة".
الضغوط تأتي لهم من كل حدب وصوب، بداية من النظام وخدماته السيئة، مروراً بمحافظ حماة وتمييزه المتواصل، وصولاً إلى الشبيحة والتابعين لهم من أبناء المدينة. كلّ هذا جعل المعارضة السورية المسلحة أيضاً تنتقم من المدينة، حتى باتت سلمية مثلما قال شاعرها الراحل محمد الماغوط: "يحدّها من الشمال الرعب... ومن الجنوب الحزن... ومن الشرق الغبار... ومن الغرب، الأطلال والغربات".
تتابع يارا: "مهمة هذه الحواجز أن توقف كلّ ما يعبر من أمامها، مثل حافلات نقل الركاب، إذ يعتقل الشبيحة الركاب، ويأخذون المال من أبناء المدن المجاورة ليتمكنوا من العبور إلى مدنهم، كما يعتقلون من ليسوا راضين عنه، ويخطفون البعض ويطلبون فدية فيه. الأمر نفسه مع السيارات العابرة، إذ يؤخذ المال عنوة من سائقيها، أو يسرقون مما لديهم فيها من بضائع إن كانوا تجاراً، كما يلزمونهم بدفع مبالغ ماليه كبيرة، وفي بعض الأحيان يأخذون الفدية ويقتلون المخطوف. ويلجأ المسلحون إلى فرض مقابل مالي للسماح بعبور أي شخص، سواء كان مطلوباً أم غير مطلوب للنظام. وهذه الحواجز تبيح عبور أيّ شخص أو شيء مقابل المال".
سيطرة الشبيحة
تضيف يارا: "لا يقتصر خطر الشبيحة على مداخل المدينة، إلى داخلها، فعصابات المرتزقة تبتز أصحاب المحلات وتأخذ منهم إتاوات، وتكسر وتخلع في أحيان كثيرة المحلات التجارية وتسرق ما فيها. كذلك، تخطف أشخاصاً من داخل المدينة وتطلب فدى مالية، أو تعتقل شباباً من الجنسين، ممن يحتجون، والتهمة معارضة النظام، وتسوقهم إلى مراكز اعتقال داخل المدينة مثل معتقل آل جاكيش، ومعتقل عيد، ومعتقل سلامة، وتخضعهم للتعذيب".
تنقل يارا قصة: "طبيب من أبناء المدينة ينتمي إلى عائلة معروفة، تعرض للعديد من حالات الابتزاز المالي على العلن، والحجة أنّه يملك المال، وأنّ للمبتزين حصة من هذا المال. تعرض للملاحقة بطريقة غير مباشرة، وعندما لم يستجب جرت ملاحقته علناً في وضح النهار وأمام منزله، وعندما حاول الجيران التدخل أبعدهم المبتزون وطالبوا الطبيب بمبلغ قدره مليون ليرة... ودفع المبلغ فعلاً".
هي حادثة من حوادث كثيرة لهذه المجموعات، فأعمالها تعدت المحظور من خطف وسرقة وقتل وتجارة أعضاء وابتزاز نساء وصل إلى حدّ الابتزاز الجنسي. بشتى الوسائل والطرق يحاصر هؤلاء أبناء سلمية حتى في ما يتعلق بمستلزمات الحياة من قطع الكهرباء لساعات طويلة وقطع المياه وصولاً إلى قطع مواد التدفئة.
الشبيحة يتحكمون بمحطات الوقود بسلاحهم ويحصلون على الكمية التي يريدونها من الوقود ويبيعونه بأسعار عالية، بينما الأهالي ممنوع عنهم المازوت، وحتى غاز الطبخ الذي خصصت سلمية بحصة منه لا يصل منها إلّا جزء ضئيل. الحصول على أسطوانة غاز بات معجزة تتطلب الوقوف في طوابير طويلة، في انتظار مجيء سيارة الغاز، كما لا يخلو الأمر من مضايقات وتسلط للشبيحة في هذا الأمر. ويتكرر الوضع نفسه أمام المخابز، فهناك نافذة للنساء وأخرى للرجال ونافذة للعسكريين، وجميع النوافذ تكون متاحة للمتنفذين والمتسلطين والشبيحة من دون أيّ احترام لأحد ومن دون أيّ رادع، فدائماً ما يقدمون على اقتحام المخبز في حال تأخر في إعطائهم الخبز.
خدمة عسكرية
الناشط عهد يونس، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ سوق الشبان ممن هم في سن الخدمة الإلزامية إلى العسكرية مستمر، ويجرى عبر حملات دهم وملاحقة وتعميم لأسمائهم، كما أنّ كثيرين من شبان المدينة عند حلول الخدمة الإلزامية يستخدمون التأجيل الجامعي مثلاً، وفي حال استنفدوا هذا التأجيل يحاولون الفرار خارج البلاد. يتابع أنّ كثيرين غادروا لهذا السبب لكنّ البعض لا يتمكن من ذلك بسبب الفقر، فيختبئ بعيداً عن الأنظار داخل سلمية. ومنهم من يلتحق مجبراً لتعذر السفر والاختباء. ويشير إلى أنّ الأغلبية الساحقة ممن تطوعوا في قوات الدفاع الوطني، التابعة للنظام، من أبناء سلمية، فعلوا ذلك بسبب الفقر، وهم في الأساس عاطلون من العمل ولا يملكون أيّ مؤهلات علمية.
على صعيد آخر، يتابع يونس: "عمليات الاختطاف والابتزاز المالي يتولى تنفيذها متنفذون من عائلات معروفة بموالاتها النظام، ويشاركهم بعض الأشخاص من سلمية. أهداف المتعاونين من أهل المدينة الحصول على مناصب ضمن الدفاع الوطني أو حزب البعث، والحصول على المال وإرضاء من يعتبرونهم مسؤولين عن عمليات التشبيح والخطف. وبالنسبة للعائلات المتنفذة نفسها فالهدف هنا فرض السيطرة على أبناء هذه المدينة وإحداث شرخ طائفي وسياسي بحجة أنّ من يقوم بهذه الأعمال هم الإرهابيون والمعارضون، كما زرع الفتنة بين أبناء المدينة".
يشير يونس إلى أنّ رمي القنابل وإطلاق النار داخل المدينة دائما الوقوع، أكان بسبب مناوشات الشبيحة وخلافاتهم بين بعضهم البعض، التي تطول، أو بغرض تخويف أبناء المدينة، وكثير من الإصابات وقعت في صفوف المواطنين بسبب ذلك. يضيف أنّه ليست هناك أيّ مراعاة للمدارس والأطفال أو التجمعات، فهم غير مبالين بما يفعلون، وكم من الأضرار من الممكن أن يلحقوا بأبناء هذه المدينة فلا حسيب ولا رقيب، وهذه التصرفات تجبر الأهالي على العيش بقلق وخوف دائمين، فيمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المدرسة في حال وقوع مناوشات بين أفراد الشبيحة والعائلات المتنفذة. كذلك، بات التجوال مرعباً في المساء، إذ إنّ فتيات عدة خطفن أو وقعن ضحية للتحرش حتى في الشوارع الرئيسية.
خدمات سيئة
بدوره، يقول رامز عمار، عن وضع الخدمات الأساسية في المدينة، لـ"العربي الجديد": "هي سيئة جداً، وجميع من هم مسؤولون عن التعليم والصحة والنظافة من جهة النظام غير مبالين. كلّ هذه الخدمات تقدمها مؤسسة الآغا خان (إمام الطائفة الإسماعيلية)، فلولا المؤسسة لكان واقع المدينة أكثر سوءاً. هي تهتم بقطاع الصحة إذ تولّت تجديد وترميم مستشفى سلمية الوطني، بعدما كانت حالته سيئة جداً، بسبب الإهمال، فأسست أقساماً جديدة وعديدة فيه، وجلبت أجهزة حديثة وشاملة، وأعادته إلى العمل".
يضيف عمار أنّ المؤسسة تعاقدت مع شبان وفتيات من أبناء المدينة ليشكلوا مجموعات تتولّى يومياً جمع القمامة وتنظيف وتنظيم الطرقات والشوارع والحدائق (التي أقامتها المؤسسة أيضاً ضمن المدينة) والاعتناء بمظهر المدينة ونظافتها "لكن للأسف، أنهت المؤسسة منذ فترة عقود التنظيف، وعادت القمامة لملء الطرقات".
يتابع: "في قطاع التعليم كان للمؤسسة دور كبير، فقد نظمت دورات تقوية للتلاميذ، وأنشأت رياض أطفال نموذجية، ووزعت القرطاسية لأبناء المدينة ممن هم في حاجة إليها. ولا ننسى دور المؤسسة في توزيع المعونات على أبناء سلمية وريفها كافة، من جميع الطوائف من دون التفريق بين إسماعيلي وعلوي، فتوزع شهرياً معونات مالية وغذائية وملابس لمن هم في حاجة إليها من أرامل وعائلات محتاجة. هناك قوائم كبيرة لعدد كبير من الأهالي والعائلات المحتاجة التي تمدها المؤسسة بالمساعدات".
وعن المياه يقول عمار: "كان للمؤسسة دور كبير جداً، فبسبب قطع المياه من قبل النظام عن المدينة أو تلوثها، عانى السكان الكثير. المؤسسة كانت المنقذ الوحيد، إذ قدمت الدعم لمؤسسة المياه، فتولت الأخيرة حفر الآبار ونقل مياه الشرب وتوزيعها. أما في خصوص الكهرباء، وبسبب القطع الدائم للتيار، فقد تولت المؤسسة إنارة أحياء عديدة. النظام لا يقدم أيّ خدمات للمدينة، ويفرض على أبنائها واقعاً خدمياً ومعيشياً سيئاً، كعقوبة مبطنة".
ورقة النظام الطائفية
في ملخص الحال، فإنّ واقع سكان مدينة سلمية، بحسب ما يوضح أسامة أبو الجود، لـ"العربي الجديد" هو "واقع أسوأ من بقية المدن الخاضعة للنظام، كون أهالي المدينة تابعين في معظمهم لأقلية دينية، وهو ما يلعب النظام على وتره، فيعمل على تخويفهم مشدداً على أن لا مفر لهم غير الطاعة".
الضغوط تأتي لهم من كل حدب وصوب، بداية من النظام وخدماته السيئة، مروراً بمحافظ حماة وتمييزه المتواصل، وصولاً إلى الشبيحة والتابعين لهم من أبناء المدينة. كلّ هذا جعل المعارضة السورية المسلحة أيضاً تنتقم من المدينة، حتى باتت سلمية مثلما قال شاعرها الراحل محمد الماغوط: "يحدّها من الشمال الرعب... ومن الجنوب الحزن... ومن الشرق الغبار... ومن الغرب، الأطلال والغربات".