النازحون من مناطق جنوب طرابلس إلى مدن أخرى تسيطر عليها قوات خليفة حفتر يعانون الأمرّين. جلّ ما أرادوه هو الهرب من العمليات العسكرية المتواصلة والعيش بهدوء، إلا أنهم وجدوا أنفسهم يعانون استغلالاً وتهماً جاهزة
نحو 100 ألف شخص نزحوا قسراً من مناطق جنوب طرابلس هرباً من القصف المتواصل والهجوم الذي تشنه مليشيات اللواء الليبي خليفة حفتر على أحيائهم في قصر بن غشير والسواني والعزيزية وعين زاره ووادي الربيع، والتي تضم مواقع عسكرية واستراتيجية يهدف طرفا القتال إلى السيطرة عليها، من دون أي اعتبار للظروف التي يعيشها بعض النازحين في الأراضي والمناطق التي يسيطر عليها حفتر. ولا تُعرف أعداد النازحين من مناطق جنوب طرابلس إلى المدن والقرى المجاورة التي تسيطر عليها قوات حفتر. لكن البعض يقدّر عددهم بنحو ألفي شخص. ويقول ص. الفارسي، أحد النازحين من منطقة الساعدية إلى مدينة غريان، 90 كيلومتراً غرب طرابلس، والواقعة تحت سيطرة قوات حفتر، إنه تنقّل بين أكثر من منطقة وقرية هرباً من استغلال مقاتلي قوات حفتر. ويشير إلى أنهم "يصفوننا بمؤيدي المليشيات الإرهابية"، في إشارة إلى قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً. ويضيف الفارسي المتحدّر من بنغازي أن مؤيدي حفتر "يعتبرون أي نازح يتحدّر من مناطق شرق ليبيا، على علاقة بمقاتلين كانوا يعارضون حفتر في بنغازي، حتى وإن كان سكنه في طرابلس أو غرب ليبيا قديما، أي قبل اندلاع المواجهات في بنغازي أو درنة".
وينقل الفارسي عن عناصر حفتر قولهم: "اشكر ربك لأننا لم نقتلك وعليك أن تدفع"، مشيراً إلى أنه يدفع أموالاً بحسب ما تطلبه حواجز أمنية تقيمها قوات حفتر في المنطقة لنجاته أو استمرار بقائه في المنطقة. ويؤكّد أنّه ورفاقه ممنوعون من التزوّد بالوقود من المحطات ويشترونها بمبالغ مضاعفة من تجار السوق السوداء، لافتاً إلى أنه وأصدقاءه أجبروا على قيادة سيارات تنقل عتاداً عسكرياً إلى محاور القتال في وضح النهار. ويقول: "هم يعرفون أنّنا هدف للطيران والقصف وبالتالي يجعلوننا ضحية. وفي الآونة الأخيرة، أجبرونا على نقل مؤن غذائية من جبهات القتال في سياراتنا الخاصة لأنها مدنية ولن تثير أية شبهات".
اقــرأ أيضاً
وتؤكّد منظمات إنسانية في تقارير سابقة لها منع قوات حفتر نازحين من الساعدية ومناطق أخرى الأهالي من المرور عبر مناطق سيطرتهم، للاطمئنان على منازلهم. من جهته، يتحدّث المكي. ع، أحد رفاق الفارسي، عن بعض الاستغلال الذي يعيشونه، كدفع مبالغ مضاعفة بدل إيجار للمنازل في مناطق النزوح. ويقول: "لا نعامل كغيرنا وعلينا دفع المزيد من الأموال بدلاً للإيجار، ولسنا في مأمن على أنفسنا أصلاً. عبارات اشكرونا لأننا لم نقتلكم نسمعها بعد أي احتجاج نبديه".
أما نازحو مناطق وادي الربيع القريبة من ترهونة، فأوضاعهم لا تختلف كثيراً. إلا أن الاستغلال لا ينحصر برفع بدلات الإيجارات فقط. ويقول أنور، نازح من منطقة الزطارنة في وادي الربيع، إن الإيجار في متوسطه لا يزيد عن 800 دينار ليبي (نحو 572 دولاراً)، لكننا أجبرنا على دفع 1300 دينار (نحو 930 دولاراً) للشهر الواحد.
ويؤكد أنور أنهم منعوا من الحصول على القدر الكافي من المساعدات التي تقدمها السلطات المحلية في ترهونة، قائلاً: "لولا أهل الخير وجمعيات خيرية، لكان وضعنا أصعب بكثير"، مشيراً إلى أن "الأهالي استقبلوا عشرات العائلات بترحيب، لكن مليشيات المنطقة هي التي تستغل ظروفنا". وعن إمكانية انتقالهم، يعرب الفارسي عن خوفه من أن يكون التفكير في الانتقال أكثر خطورة. يشرح: "الأكيد سيعتبروننا فارين، وسيكون من السهل اتهامنا بأي شيء". ويشير إلى أن المنطقة مليئة بالحواجز الأمنية التي تفتش الجميع. ويصف تأمين متطلبات الحياة الأساسية بالأمر الصعب، قائلاً: "تصور أننا نتحاشى الوقوف في طابور الخبز والمحال في الأحياء المكتظة والقريبة من تمركز ونشاط المليشيات هرباً من المضايقات".
يضيف: "الأمر مألوف أن تستوقفني سيارة مسلحة، فيها مليشياويون يسألونني عن الحي التي نزحت منه. وباعتبار أنني لست من حي فيه امتداد قبلي لترهونة، فعلي أن أخرج ما في جيبي تلقائياً"، مشيراً إلى أنه منذ نزوحه، لم يخرج بسيارته التي أخفاها خوفاً من السطو عليها.
اقــرأ أيضاً
واضطر أنور للبحث عن وساطة اجتماعية لإقناع حراس أحد الحواجز بالسماح لأخيه الأصغر بالانتقال إلى مدينة مجاورة، إذ إن زوجته على وشك الولادة. يقول: "شقيقي الآن لم يتمكن بعد من الوصول إلى طرابلس لتسجيل مولوده في الدوائر الرسمية لأن العودة إلى ترهونة ستكون مستحيلة. وفي حال عدم الرجوع سنكون مهددين". وفي وقت يرى الفارسي أن ظروف نزوحه ورفاقه تشبه العيش في سجن كبير، فهو يطالب بأن تهتم المنظمات الحقوقية والرسمية بأوضاعهم وإيصال صوتهم إلى الرأي العام، مؤكداً: "نحن نمثل جانباً غير مرئي من أزمة البلاد وحالة إنسانية صعبة لا يلتفت إليها كثيرون. نعاني من جراء التضييق الكبير ولا نستطيع المغادرة"، مشيراً إلى أن "عدد النازحين الذين يعيشون مآسي الاستغلال يفوق الخمسين أسرة من أصل ألفي شخص هم العدد التقديري للنازحين من طرابلس إلى مناطق سيطرة قوات حفتر".
وتقدّر منظّمة الصحة العالمية أعداد النازحين بنحو 90 ألفاً و500 نازح، تزامناً مع إعلانات متوالية من قبل حكومة الوفاق عن جهودها لتقديم العون للنازحين وفتح مراكز إيواء لهم. ولا تعلن أية جهة تابعة لقوات حفتر، بما فيها بلديات ترهونة وغريان، عن أوضاع النازحين فيها وجهود الإغاثة التي يمكن أن تقدم لهم.
وينقل الفارسي عن عناصر حفتر قولهم: "اشكر ربك لأننا لم نقتلك وعليك أن تدفع"، مشيراً إلى أنه يدفع أموالاً بحسب ما تطلبه حواجز أمنية تقيمها قوات حفتر في المنطقة لنجاته أو استمرار بقائه في المنطقة. ويؤكّد أنّه ورفاقه ممنوعون من التزوّد بالوقود من المحطات ويشترونها بمبالغ مضاعفة من تجار السوق السوداء، لافتاً إلى أنه وأصدقاءه أجبروا على قيادة سيارات تنقل عتاداً عسكرياً إلى محاور القتال في وضح النهار. ويقول: "هم يعرفون أنّنا هدف للطيران والقصف وبالتالي يجعلوننا ضحية. وفي الآونة الأخيرة، أجبرونا على نقل مؤن غذائية من جبهات القتال في سياراتنا الخاصة لأنها مدنية ولن تثير أية شبهات".
وتؤكّد منظمات إنسانية في تقارير سابقة لها منع قوات حفتر نازحين من الساعدية ومناطق أخرى الأهالي من المرور عبر مناطق سيطرتهم، للاطمئنان على منازلهم. من جهته، يتحدّث المكي. ع، أحد رفاق الفارسي، عن بعض الاستغلال الذي يعيشونه، كدفع مبالغ مضاعفة بدل إيجار للمنازل في مناطق النزوح. ويقول: "لا نعامل كغيرنا وعلينا دفع المزيد من الأموال بدلاً للإيجار، ولسنا في مأمن على أنفسنا أصلاً. عبارات اشكرونا لأننا لم نقتلكم نسمعها بعد أي احتجاج نبديه".
أما نازحو مناطق وادي الربيع القريبة من ترهونة، فأوضاعهم لا تختلف كثيراً. إلا أن الاستغلال لا ينحصر برفع بدلات الإيجارات فقط. ويقول أنور، نازح من منطقة الزطارنة في وادي الربيع، إن الإيجار في متوسطه لا يزيد عن 800 دينار ليبي (نحو 572 دولاراً)، لكننا أجبرنا على دفع 1300 دينار (نحو 930 دولاراً) للشهر الواحد.
ويؤكد أنور أنهم منعوا من الحصول على القدر الكافي من المساعدات التي تقدمها السلطات المحلية في ترهونة، قائلاً: "لولا أهل الخير وجمعيات خيرية، لكان وضعنا أصعب بكثير"، مشيراً إلى أن "الأهالي استقبلوا عشرات العائلات بترحيب، لكن مليشيات المنطقة هي التي تستغل ظروفنا". وعن إمكانية انتقالهم، يعرب الفارسي عن خوفه من أن يكون التفكير في الانتقال أكثر خطورة. يشرح: "الأكيد سيعتبروننا فارين، وسيكون من السهل اتهامنا بأي شيء". ويشير إلى أن المنطقة مليئة بالحواجز الأمنية التي تفتش الجميع. ويصف تأمين متطلبات الحياة الأساسية بالأمر الصعب، قائلاً: "تصور أننا نتحاشى الوقوف في طابور الخبز والمحال في الأحياء المكتظة والقريبة من تمركز ونشاط المليشيات هرباً من المضايقات".
يضيف: "الأمر مألوف أن تستوقفني سيارة مسلحة، فيها مليشياويون يسألونني عن الحي التي نزحت منه. وباعتبار أنني لست من حي فيه امتداد قبلي لترهونة، فعلي أن أخرج ما في جيبي تلقائياً"، مشيراً إلى أنه منذ نزوحه، لم يخرج بسيارته التي أخفاها خوفاً من السطو عليها.
واضطر أنور للبحث عن وساطة اجتماعية لإقناع حراس أحد الحواجز بالسماح لأخيه الأصغر بالانتقال إلى مدينة مجاورة، إذ إن زوجته على وشك الولادة. يقول: "شقيقي الآن لم يتمكن بعد من الوصول إلى طرابلس لتسجيل مولوده في الدوائر الرسمية لأن العودة إلى ترهونة ستكون مستحيلة. وفي حال عدم الرجوع سنكون مهددين". وفي وقت يرى الفارسي أن ظروف نزوحه ورفاقه تشبه العيش في سجن كبير، فهو يطالب بأن تهتم المنظمات الحقوقية والرسمية بأوضاعهم وإيصال صوتهم إلى الرأي العام، مؤكداً: "نحن نمثل جانباً غير مرئي من أزمة البلاد وحالة إنسانية صعبة لا يلتفت إليها كثيرون. نعاني من جراء التضييق الكبير ولا نستطيع المغادرة"، مشيراً إلى أن "عدد النازحين الذين يعيشون مآسي الاستغلال يفوق الخمسين أسرة من أصل ألفي شخص هم العدد التقديري للنازحين من طرابلس إلى مناطق سيطرة قوات حفتر".
وتقدّر منظّمة الصحة العالمية أعداد النازحين بنحو 90 ألفاً و500 نازح، تزامناً مع إعلانات متوالية من قبل حكومة الوفاق عن جهودها لتقديم العون للنازحين وفتح مراكز إيواء لهم. ولا تعلن أية جهة تابعة لقوات حفتر، بما فيها بلديات ترهونة وغريان، عن أوضاع النازحين فيها وجهود الإغاثة التي يمكن أن تقدم لهم.