في الذكرى الثالثة لحادثة اختطاف نحو 700 شخص من أهالي بلدة الصقلاوية في محافظة الأنبار، لم يفقد الأهالي الأمل بعودة أبنائهم المغيبين رغم مصيرهم المجهول، مؤكدين أنّ "الدعاء" بات الأمل الوحيد لهم، بعد تجاهل الحكومة لمطالبهم بالكشف عن مصير أبنائهم.
ومنذ عام 2016 انقطعت أخبار المختطفين حتى اليوم، بعد أن احتجزتهم الأجهزة الأمنية ومليشيات "الحشد" بحجة التدقيق الأمني، في حين لم يكن هناك أي موقف رسمي حكومي واضح إزاء الملف الذي طمس التحقيق فيه.
أم خالد ذات الـ 73 عاماً لا تتمالك دموعها وهي تتحدث عن قصة فقدان ابنها، وقالت: "ثلاث سنوات انقضت على اختطافه. لم نعرف أي شيء عن مصيره حتى اليوم"، مؤكدة لـ"العربي الجديد": "أخذته الأجهزة الأمنية ومليشيات الحشد بحجة التدقيق الأمني، ليختفي بعدها".
وأضافت: "قصصنا طويلة مع محاولات العثور عنه لا مجال لذكرها، لكنّ ابني ومختطفي الصقلاوية جميعهم في قبضة الحشد، ولا نعرف هل ما زلوا أحياءً أم لا"، متابعة: "يئسنا من المناشدات والمطالبات من الحكومة وغيرها، عزاؤنا وأملنا الوحيد هو الدعاء فقط، فضمير الإنسانية ميت عند الحكومة والسياسيين".
وحملت زوجة المختطف أبو معد صورة زوجها، وقالت: "لم نشعر طوال هذه السنوات بفرحة عيد أو أي مناسبة مفرحة"، مؤكدة لـ"العربي الجديد": "ننتظر ونترقب ونتابع لكن لم نعرف شيئاً عن مصيره". وأضافت: "دموعنا تغرق كل يوم صور فقيدنا الذي لم نفقد الأمل بعودته"، معربة عن صدمتها من "موقف الحكومة والجهات المسؤولة الأخرى، لم يكن موقفاً مسؤولاً. فلم نحصل منهم إلّا على التجاهل فقط".
وعلى رغم مرور كل تلك السنوات على حادثة الاختطاف، لم يصدر أي موقف حكومي أو تحرّك للكشف عن مصيرهم، كما أنّ التحقيق بهذا الملف علّق على جهات مجهولة.
ولا يعدّ مختطفو الصقلاوية الوحيدين، إذ تؤكد منظمات محلية ودولية وجود أكثر من 11 ألف مختطف على يد المليشيات والفصائل المسلحة، وقوات الأمن جرى اقتيادهم إلى أماكن مجهولة بين عامي 2014 و2017 ولا يعلم مصيرهم حتى الآن، وترفض السلطات العراقية فتح تحقيق بشأنهم.
وبحسب مسؤول في مجلس محافظة الأنبار، فإنّ "ملف المختطفين تم تجميده تلقائياً، إذ إنّ متابعاتنا السابقة لم تفض إلى أي نتيجة، فالحكومة المركزية لم تعر أي اهتمام تجاه الملف، ولا توجد أي معلومات عنه"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الملف هو ملف سياسي، فالقضاء لم تكن له تحركات رسمية، واللجنة الأولية التي شكّلت لمتابعة الحادث قبل ثلاث سنوات تم حلّها، ليطوى الملف".
وأكد أنه "لا قدرة لأي أحد على إعادة فتح الملف إلّا في حال توفر معلومات جديدة عنه، وبكل الأحوال فتح الملف يحتاج إلى قرار سياسي وجهة قوية تتابعه، وهذا الشيء بات غير ممكن في ظل هذا الوضع"، داعياً الحكومة والبرلمان إلى "تحمل مسؤولياتهما تجاه المغيبين من المحافظة".
عضو تحالف القوى العراقية محمد عبد الله المشهداني أكد لـ"العربي الجديد"، أن جميع الجهود السياسية التي شهدتها فترة تشكيل التحالفات الانتخابية وما بعدها، لم تنجح في تحريك ملف المختطفين.
وأضاف أن "نواباً ومسؤولين قدموا وثائق وأدلة على تورط مليشيات وقوات أمنية بملف إخفائهم، لكن الحكومات تماطل في فتح الملف؛ سواء حكومة العبادي السابقة أو الحكومة الحالية، ونحن نخشى أنهم قتلوا فعلاً وتحولوا لمقابر جماعية، ويقولون بعد عامين أو أكثر بأنهم ضحايا داعش ليغلق ملفهم نهائياً مع إفلات المجرمين من العقاب".
وبيّن أن الملف له جانب إنساني وأخلاقي قبل أن يكون قانونياً، وهو ما لا يتوفر لدى الحكومة ولا القوى السياسية في البلاد، مطالباً في الوقت نفسه بالالتفات إلى وضع عوائل المختطفين لكونهم بحالة مادّية سيئة للغاية وأقل ما يقال إنهم بحالة يرثى لها.