طالبت حملة المراقبة، وهي مبادرة حقوقية يقوم بها سياسيون وحقوقيون مصريون، السلطات المعنية بمنح إجازات للخاضعين للمراقبة في أقسام الشرطة في الأعياد والمناسبات بوجه عام، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، ليتمكن هؤلاء من "التواصل الاجتماعي الرشيد والسليم مع محيطهم الاجتماعي على مستوى الأسر والدوائر الاجتماعية".
وحسب البيان الذي لا يزال يستقبل تواقيع المتضامنين، فإن كان القانون الخاص بالمراقبة الشرطية رقم 99 لسنة 1945 والمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية، قد سمحا لأقسام الشرطة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق المراقبين وترك السلطة لهم في إنفاذ العقوبة التكميلية "المراقبة"، وبالتالي فإن تنفيذ روح القانون من قبل الداخلية "حق أصيل لكل مواطن، لأن القضاء ترك للداخلية السلطة التقديرية بتحديد مواعيد المراقبة وعدد الأيام، ولم يتدخل القضاء سوى في تحديد مدة السنوات التي يجب على المراقب قضاؤها، و"بغض النظر عن تجاوزات التطبيق من قبل أقسام الشرطة، حيث إن توقيع المراقبة الشرطية على المتهمين والمدانين على السواء، دون وجود هدف حقيقي من تلك المراقبة، ليس سوى تعسيف للمراقَبين وتعطيل رجوعهم إلى حياتهم بشكل طبيعي".
وأضاف البيان: "وبغض النظر عن عدم جاهزية أقسام الشرطة ليقضي بها الفرد ما يقرب من 12 ساعة من يومه، أو قدرتها على استيعاب كل هذه الأعداد الخاضعة للمراقبة، يتضح في نهاية الأمر أن الهدف من اللجوء إلى مثل هذا التدبير هو التنكيل بأولئك الأفراد، فإن تطبيق روح القانون يمثل علامة فاصلة وفارقة في أداء المؤسسات الأمنية، حيث إن الفرق بين روح القانون والقانون بمثابة الرئة التي من خلالها يستطيع المجتمع إدماج المراقبين في ثنياته، بدلاً من أن تكون النصوص التشريعية معولاً للضغط النفسي والجسدي على المراقبين السياسيين على وجه الخصوص".
وأوضح أن "روح القانون هي التي تحرك معاني العدالة في القانون، والرحمة جانب من العدالة، إذا توافرت مقتضياتها، وهو مقصد تشريعي بالأساس. إن تطبيق القانون لا يتعلق بالنصوص ذاتها فقط؛ بل مرتبط بجميع المؤثرات، ومنها الخارجية ومدى ملاءمتها لهذا النص".
وطالبت حملة المراقبة قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية بأن "يدلو بدلوه وأن يقوم بدوره في تطبيق روح القانون ومراعاة المواثيق الدولية الأممية الحاكمة في تطبيق العقوبات بأن يمنح المراقبين إجازات في أيام عيد الأضحى المبارك حتى يتسنى خلق حلقات متصلة تساعد على إعادة دمجهم في المجتمع".
تم تدشين حملة "مراقبة" في العاشر من يوليو/ تموز 2019، ضد المراقبة الشرطية -التدابير الاحترازية- على بعض المفرج عنهم من السجون المصرية.
وفي تعريف الحملة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتب القائمون عليها: "هذه الصفحة تعبر عن مجموعة من البشر تعيش مأساة.. وهي سجن نص يوم، ترصد الانتهاكات التي تحدث لهم، وتساعدهم على استكمال حياتهم بشكل طبيعي، لأن هذا كل ما يريدونه بعد فترة سجن دامت لسنين".
وتعد التدابير الاحترازية هي العقوبة المكملة والبديلة للحبس الاحتياطي في القانون المصري، وفقًا لنص المادة 201 من القانون رقم 150 لسنة 1950، والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من قانون الإجراءات الجنائية.
التدابير الاحترازية تعد، كذلك، الصورة الثانية من الجزاء الجنائي، إلا أنها تتمايز عن الصورة الأولى (العقوبة) في أن مبنى توقيعها الخطورة الإجرامية وليس الفعل الإجرامي، ولا الخطأ الجنائي كما هو الحال في العقوبة. وعلى الرغم من أنها لاحقة في ظهورها على ظهور العقوبة، إلا أنهما ترتبطان بغاية واحدة هي مكافحة الجريمة.
ووفق تقديرات حقوقية، فإن أغلب القرارات الصادرة عن محاكم الجنايات بدوائر الإرهاب- في القضايا ذات الطابع السياسي- منذ عام 2014، باتت متبوعة بالتدابير الاحترازية؛ ففي حالة صدور قرار بإخلاء السبيل على ذمة قضية قيد التحقيقات، يتبعه القضاة في الغالب بقضاء فترة معينة قيد المراقبة.
وعلى النقيض تمامًا من ذلك، فإن القرارات الصادرة في القضايا ذات الطابع الجنائي- قيد التحقيق تكون في معظمها- في حالة إخلاء السبيل- إما يكون قرار إخلاء السبيل بضمان محل الإقامة، أو بأي ضمان مالي.
وكانت حملة "سجن نص يوم" قد أطلقتها أسرة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، المفرج عنه في 29 مارس/آذار الماضي، بعد قضائه خمس سنوات في السجن، في قضية عرفت إعلاميا باسم "أحداث مجلس الشورى"، لكنه في واقع الأمر حصل على نصف إفراج فقط، إذ إنه مطالب بتسليم نفسه للسلطات من السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا يوميًا لمدة خمس سنوات.
وبهذا سيقضي عبد الفتاح (37 عاما) خمسة أعوام أخرى قيد المراقبة الشرطية، بعد انتهاء عقوبة السجن، ضمن ما يسمى بالإجراءات الاحترازية.
وعبر وسم "سجن نص يوم" دون العديد من النشطاء والحقوقيين والمفرج عنهم بتدابير احترازية، بكثافة، حتى أجبروا السلطات المصرية على تعديل بعض ظروف المراقبة الشرطية لعدد منهم.
ثم تطور الأمر بتدشين تلك الحملة "المراقبة" من أجل مزيد من الضغط على السلطات، التي اتسعت للحديث عن قطاع أوسع من المفرج عنهم على خلفية قضايا سياسية، وليس فقط الضغط من أجل رموز الحركة السياسية.