وثق مركز الشهاب لحقوق الإنسان في تقرير بعنوان "مختفون قسرياً تم قتلهم" العديد من نماذج القتل الممنهج الذي تقوم به وزارة الداخلية المصرية بحق المختفين قسرياً بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يوافق 31 أغسطس/آب من كل عام.
ووصف التقرير الاختفاء القسري، بـ"أكثر الحالات التي تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، والتي تشكل جريمة دولية، إذ إن الشخص الذي يتعرض للاختفاء القسري، يصبح محروما من كافة حقوقه الإنسانية، فهو لا يجد من يدافع عنه، ويحيا كأنه خارج نطاق حماية القانون".
وقال المركز إن "الإخفاء القسري في مصر تؤكده الوقائع التي تدلل على غياب الدور المنوط بجهاز الشرطة القيام به في حماية المواطنين، بل هو المسؤول عن الاختفاء القسري للمعارضين، وعشرات البلاغات بشأن الاختفاء القسري لم يتم التحقيق فيها، ولم يستدل على مكان احتجاز المختفين".
ومن بين المختفين قسريا الذين تم قتلهم على يد قوات الأمن طالب الهندسة إسلام صلاح الدين عطيتو، والذي قُبض عليه عقب خروجه من لجنة الاختبار، وأُخفي قسريا، ثم أعلنت وزارة الداخلية قتله مدعيةً وقوع اشتباك وتبادل لإطلاق النار في 20 مايو/أيار 2015.
ومن الأمثلة الموثقة أيضا المهندس الزراعي محمد حمدان محمد علي، والذي قالت أسرته إنها تقدمت ببلاغ للمحامي العام لنيابات بني سويف وللنائب العام يفيد بالقبض عليه يوم 10 يناير/كانون الثاني 2016، كما حرروا محضرا بذلك، ثم فوجئوا ببيان لوزارة الداخلية يفيد بقتله بادعاء تبادل لإطلاق النار.
وكذلك أحمد جلال أحمد إسماعيل، الذي تم القبض عليه في كمين للشرطة بمنطقة المعادي وإخفائه قسريا، ثم تم العثور عليه متوفيا برصاصة في الرأس بمشرحة زينهم في 31 يناير/كانون الثاني 2016.
ولم يفلت الأجانب من جريمة الاختفاء القسري في مصر، وأبرز دليل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، والذي اختفى في 25 يناير/كانون الثاني 2016، بعد أن غادر مقر إقامته في حي الدقي بالجيزة، ثم عثر على جثته ملقاة على جانب طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وعليها آثار تعذيب وحروق في 3 فبراير/شباط 2016.
والمواطن المصري محمد سيد حسين ذكي، والذي استوقفته قوات الأمن في أحد الكمائن أثناء وجوده في القاهرة، واقتادته إلى مكان مجهول في أكتوبر/تشرين الأول 2016، ثم أصدرت وزارة الداخلية بيانَ قتله مدعيةً حدوث تبادل لإطلاق النار في ديسمبر/كانون الأول 2016.
وكذلك، عبد الرحمن جمال عبد الرحمن، الطالب بكلية العلوم بجامعة المنيا، والذي تم القبض عليه وأخفي قسريا، ثم أصدرت وزارة الداخلية بيان قتله مدعيةً حدوث تبادل لإطلاق النار في ديسمبر/كانون الأول 2016.
وقال التقرير الحقوقي: "كل هؤلاء والعشرات غيرهم، تم قتلهم على يد وزارة الداخلية المصرية التي ادعت أنهم أعضاء في تنظيمات إرهابية، وأن عملية القتل وقعت خلال اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بينهم وبين قوات الأمن المنوط بها القبض عليهم"، ودوّن مركز الشهاب عدة ملاحظات على رواية وزارة الداخلية المتكررة، أبرزها أن "هذه الحالات من المختفين قسريا، ويوجد شهود على أنه تم القبض عليهم من منازلهم، ومن كمائن أمنية قبل الوقائع المذكورة في بيانات وزارة الداخلية التي تفيد بقتلهم في تبادل لإطلاق النار"، فضلًا عن أن "بعض هذه الحالات حررت أسرهم محاضر شرطية باختفائهم قسريا قبل صدور بيانات وزارة الداخلية، وبعض الحالات أرسل ذووهم مناشدات للنائب العام ووزير الداخلية تفيد باختفائهم قبل صدور بيانات قتلهم، وبعضهم نشرت المنظمات الحقوقية استغاثات ذويهم بعد القبض عليهم وتعرضهم للاختفاء القسري".
وكثير من الحالات "عندما ذهب ذووهم لاستلام جثثهم، وجدوا آثار تعذيب واضحة عليها، إلى جانب أن بيانات وزارة الداخلية بشأن مقتلهم يكاد يكون سيناريو مكررا يتم نشره مباشرة عقب كل عملية قتل، ودون تقديم دليل واحد على اقترافهم أية أعمال إرهابية، أو دليل على حدوث اشتباك وتبادل لإطلاق النار".
وطالب المركز الحكومة المصرية بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري من دون تأخير، والامتناع عن إبداء التحفظات التي تؤدي إلى عدم التوافق مع دوافع وأغراض الاتفاقية الدولية، كما طالب بتجريم الاختفاء القسري في الدستور والقانون المصري بشكل صريح، مع اعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم، ووضع عقوبة رادعة لمن يثبت اقترافه تلك الجريمة أو يتستر عليها.
وطالب المركز الحقوقي بلجنة تقصي حقائق أممية بخصوص حالات الإخفاء القسري التي تم قتلها في مصر، ليتم بناء على تقرير تلك اللجنة فتح تحقيقات موسعة حول ما تم خلال جريمة الإخفاء القسري، وما تم بعدها من ممارسات مخالفة للقانون أدت للقتل، ومحاسبة المسؤولين من قيادات وزارة الداخلية، والمخابرات، والمسؤولين عن احتجاز الأشخاص بدون وجه حق داخل أماكن احتجاز غير قانونية أو سرية.
وشملت مطالبات المركز الحقوقي تفعيل الرقابة الدورية للنيابة والقضاء على المقار السرية التابعة لجهاز الشرطة، والسجون، ومعسكرات الأمن المركزي، والسجون العسكرية، وتقديم المسؤولين عن الإخفاء دون سند قانوني للمحاسبة، والنظر في الإجراءات التي اتخذها ذوو المفقودين من بلاغات وشكاوى تثبت إخفاء ذويهم.