تلاحق المخاوف من تبقى من النازحين في مخيم الركبان الواقع ضمن المنطقة منزوعة السلاح قرب الحدود السورية – الأردنية، فهؤلاء الذين مرّ على حصارهم عام كامل يفتقرون لأدنى مقومات الحياة، وهم بعيدون كل البعد عن الأمن الغذائي كون أغلبهم يعتمد على وجبة واحدة في اليوم قد لا تسد الرمق، ولكنها تحول دون موتهم جوعاً.
وكان وفد من الأمم المتحدة برفقة الهلال الأحمر السوري وصل إلى مخيم الركبان في 17 أغسطس/آب الجاري، ليبدأ حينها وعلى مدار أربعة أيام بإجراء إحصاء لنازحي المخيم.
وبهذا الخصوص، أوضح رئيس مكتب الإعلام في المخيم، محمود الهميلي، لـ"العربي الجديد"، أن "الوفد الأممي أجرى استبياناً بالإضافة لإحصاء للنازحين في المخيم، وعلى أساسه سجل كل شخص مقيم في المخيم رغبته بالوجهة التي يريد الذهاب لها، وطبعاً الوفد لديه موافقة بإجلاء الفئة التي ستتجه نحو مناطق سيطرة النظام، لكن بحسب رواية الوفد فإنهم سيحاولون تقديم مقترحات لنقل الأهالي لجهات أخرى لكن في الوقت الحالي الموافقة فقط للذين يريدون التوجه نحو مناطق سيطرة النظام".
وبالنسبة للمساعدات الإنسانية وآلية إدخالها للمخيم، قال الهميلي: "لم تدخل الأمم المتحدة أي مساعدات، لكن الشرط الذي وضعته الفصائل العسكرية المسؤولة عن حماية المخيم، بأن لا تتم عملية إجلاء النازحين نحو مناطق سيطرة النظام إلا بعد إدخال المساعدات الإنسانية للراغبين في البقاء بالمخيم، وطبعاً الوقت المحدد للإجلاء هو الوقت الذي يتم فيه تجهيز شحنة المساعدات للنازحين الباقين".
ويفضل أغلب الباقين في المخيم عدم التوجه لمناطق النظام، خوفاً من الاعتقال والملاحقات الأمنية والإخفاء القسري أو حتى الإعدام، فهناك العديد من العوائل لديها أبناء متطوعون في صفوف قوات المعارضة العسكرية التي تؤمن الحماية للمخيم، والتي تعمل مع قوات عسكرية تابعة للولايات المتحدة الأميركية المتمركزة في قاعدة "التنف".
بدوره عضو تنسيقية تدمر، خالد الحمصي، تحدث لـ"العربي الجديد" عن مخاوف الأهالي من التوجه لمناطق النظام، رابطاً ذلك بعمل أبنائهم مع فصائل المعارضة. وقال: "على مدار الأعوام الماضية منذ افتتاح المخيم ومع انعدام فرص العمل التام للشبان في المخيم، تطوعهم مع فصائل المعارضة العاملة في المنطقة، فهذا كان طريقاً يؤمن لهم ولعوائلهم دخلاً يسد حاجاتهم من غذاء وخدمات، لكن مع اشتداد الحصار وتضييق الخناق على المخيم من قبل النظام وروسيا تتخوف العائلات التي تطوع أبناؤها في تلك الفصائل من الخروج نحو مناطق سيطرة النظام، فحتماً سيبدأ بإجراءات انتقامية منها، ومن عوائل أخرى لديها أفراد عملوا بمؤسسات المجتمع المدني وغيرها".
وتابع الحمصي: "كل هذه الأسباب تجعل رغبة من بقي من النازحين هي التوجه نحو مناطق الشمال السوري بعيداً عن قبضة النظام، فلا ضمانات أبداً لهم بالتوجه لمناطق سيطرته، وحتى الأمم المتحدة لا يمكنها حمايتهم من بطش النظام وملاحقته".
وبالنسبة للوضع الراهن في المخيم، قال "لا يزال الوضع على حاله منذ أشهر، فلا أغذية تدخل وأغلب عوائل المخيم تعتمد على وجبة واحدة في اليوم وقد تكون خالية من الخبز نظراً لشح الطحين وارتفاع سعره إن وجد. لذلك الوضع يرثى له، والنظام يطبق سياسة الجوع أو الركوع بالمعنى الحرفي، ونعتقد أن الأمم المتحدة لا تضغط أو تعمل بالشكل الكافي على الحد من هذه السياسة".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، أمس الجمعة، أنها ستساعد في إجلاء بعض النازحين الراغبين بمغادرة المخيم، وأشار المسؤول الأممي للشؤون الإنسانية في سورية، بانوس مومتزيس، أن الأمم المتحدة تسعى لأن تكون عمليات الإجلاء طوعية، حيث يقطن المخيم في الوقت الحالي 12700 شخص.
بينما أشار مصدر محلي في مخيم الركبان، لـ"العربي الجديد"، إلى أن حال النازحين من سيئ إلى أسوأ، لافتاً إلى أن الحديث يدور في المخيم عن وصول مساعدات إنسانية له بتاريخ اليوم السبت 31 أغسطس، مضيفاً أن النازحين يترقبون بفارغ الصبر هذه المساعدات علها تحتوي على حصص غذائية قد تخفف عنهم المعاناة التي يعيشونها.
ووصل عدد قاطني المخيم في عام 2018 إلى نحو 55 ألفاً، ليبدأ النظام في شهر سبتمبر/أيلول الماضي بالتضييق على قاطني المخيم واتباع سياسة الحصار والتجويع، وبعدها بأشهر وتحديداً في فبراير/شباط 2019 بعد دخول قافلة مساعدات إنسانية للمخيم تدخلت قوات روسية إلى جانب قوات النظام وحاصرت المخيم لتنجح بقطع المواد الغذائية الأساسية عنه، دافعة أكثر 40 ألفاً من نازحي المخيم على مغادرته نحو مناطق سيطرة نظام الأسد.