عقود أزهار الياسمين والفلّ، هي الهدية التي توزعها أم العروس على النساء الضيفات، من قريبات وجارات، في "لمة العروسة" أو "قعدة العروسة". هي عادة توارثتها العائلات وما زالت سائدة في مدن مثل قسنطينة والقصبة العتيقة، وبليدة، وميلة وقالمة، إذ تعتبر العائلات تلك الأزهار رمزاً للرضا والفرحة والأمل بأفراح أخرى، لكنّها تراجعت كثيراً اليوم.
تقول السيدة زبيدة لزعر من ميلة، شرقي الجزائر، لـ"العربي الجديد"، إنّ العقد هدية تحمل رموزاً عديدة، أهمها "لونه الأبيض يدلّ على صفاء القلب والرحمة والخير، ورائحته الطيبة الزكية تؤذن بالخير المأمول من عائلة الزوجة وأماني الأخيرة بأن ترزق كلّ فتاة بنصيبها الأبيض، فضلاً عن لفه حول رقبة كلّ الحاضرات كعلامة على الاحتفال والسعادة".
في الأفراح، خصوصاً الزواج، تعكف النساء والفتيات على جمع أزهار الياسمين والفلّ من البيوت التي تزرعها، كي تكون لهن كمية كبيرة منها، ثم يقعدن حول أوانٍ نحاسية توضع فيها الأزهار، ليشكلن بعدها كلّ عقد بعدد منها، إذ تتولى أم الزوجة أو جدتها أو إحدى قريباتها من المسنات، الإشراف على صنع عدد كبير من العقود التي تربط بخيط متين ثم توزع على الحاضرات، بالترافق مع ترداد أغانٍ شعبية وإطلاق زغاريد، إعلاناً بالفرحة باستقبال الضيوف.
بعيداً عن الزواج واحتفالاته المميزة والمختلفة من منطقة إلى أخرى، ففي بعض المناطق الجزائرية تعكف العائلات على الاحتفال بيوم توقيع العقد المدني من طرف الخطيبين في مقر البلدية، وهو اليوم الذي يجري فيه "الاحتفال الخاص" ويطلق عليه في بعض المناطق "فأل العقد" أي التفاؤل بعقد القران المدني باحتفال رمزي وبسيط، توجه الدعوات إليه إلى الجيران والأقارب لتناول الشاي والقهوة، ومعها الحلويات التقليدية مثل "المقرود" و"البقلاوة" و"المحنشة" و"السفنج" إذ توضع مع السكر وماء الورد في موائد مزينة بأوانٍ نحاسية، بحسب ما تقول السيدة سليمة لـ"العربي الجديد".
يعتقد كثيرون أنّ هذه العادة ترمز إلى البداية الجديدة، والحياة المتجددة، مع التفاؤل بالخير والجمال في مطلع رحلة العروس إلى بيت زوجها. وبالرغم من أنّها بدأت تتجه إلى الزوال، فإنّ بعض العائلات تعود إليها أيضاً، لترسيخها بما لها من طابع خاص، بعيداً عن الطرق العصرية في الاحتفالات.
تقول السيدة سامية، لـ"العربي الجديد": "هناك عادات جديدة تظهر وتختفي في الجزائر، وباتت مظاهر الفرحة شكلية لا غير، إذ تغلب الزينة المكثفة في قاعات الأفراح، وألغيت أيام العرس العديدة واختصرت في أمسية واحدة، ما غيّب الفرحة الأصيلة عنها". فالتعبير عن الفرحة، قد يكون من خلال لفتة بسيطة مثل عقد الياسمين، الذي يقدم للحاضرات في قاعة الضيوف أو في فناء المنزل، وهي لفتة باتت تغيب أمام حجم المسؤوليات التي تعتبر السيدة سامية، انّها خلقت "جواً من الضغوط على أهل العريس والعروس وحتى الزوجين، في تلبية طلبات ورغبات المدعوين التي تكلفهم غالياً، بينما هناك عادات عاشتها العائلات في السابق كانت بالنسبة لهم تصنع السعادة وتدخلها إلى قلوب الجميع مع تمني الخير للزوجين من دون كلفة باهظة".
اقــرأ أيضاً
بين الحاضر والماضي، سنوات مليئة بالعادات، يرى بعض من تحدثوا إلى "العربي الجديد" أنها لا تكلف الكثير، لكنّ "لذتها كبيرة" بينما اليوم صارت بعض متطلبات الزواج تكلف الملايين وتثقل الديون على الأسر، ولا تترك أثراً كبيراً للفرحة، وهي "مفارقة عجيبة وغريبة" بحسب ما تقول السيدة عائشة بن صافي لـ"العربي الجديد".
تتابع أنّ التغيرات طاولت الظروف الاجتماعية أيضاً، فلم تعد البساطة في أزهار التفاؤل هي التي تصنع الفرحة، بل صار البذخ والموسيقى الصاخبة والملابس والحلويات وصنوف المأكولات هي التي تصنعه في نظر المدعوين. تتابع: "عادات أيام زمان أفضل بكثير، إذ تعبر عن كثير من الطيبة والنوايا الصافية والتفاؤل".
من جهتها، تقول الأستاذة في علم الاجتماع، بجامعة "قسنطينة" سمية لشهب لـ"العربي الجديد": "بعض العادات تتجه إلى الزوال، مع وفاة كبار السن، خصوصاً في عادات مثل عقد الياسمين، وحفلة العروس في الحمام التقليدي، وذلك نظراً لغياب الدور الاجتماعي الذي استمرت النساء المسنات في العائلة بتوريثه للأجيال الجديدة، وهكذا جرى تعويض حفلة وسط الدار، أي الحفلة التي تصنعها النساء للعروس مع الأهازيج والغناء في فناء المنازل، بحفلات في قاعات فاخرة تكلف الكثير وتتبع الموضة".
ويبدو أن الموضة، بإجماع كثيرات، باتت قادرة على إخفاء تلك الفرحة البسيطة لعقود الياسمين والفلّ، وهي الفرحة التي ما زالت تسكن في الذاكرة الشعبية، بعدما ذبلت كثيراً لدى معظم العائلات.
تقول السيدة زبيدة لزعر من ميلة، شرقي الجزائر، لـ"العربي الجديد"، إنّ العقد هدية تحمل رموزاً عديدة، أهمها "لونه الأبيض يدلّ على صفاء القلب والرحمة والخير، ورائحته الطيبة الزكية تؤذن بالخير المأمول من عائلة الزوجة وأماني الأخيرة بأن ترزق كلّ فتاة بنصيبها الأبيض، فضلاً عن لفه حول رقبة كلّ الحاضرات كعلامة على الاحتفال والسعادة".
في الأفراح، خصوصاً الزواج، تعكف النساء والفتيات على جمع أزهار الياسمين والفلّ من البيوت التي تزرعها، كي تكون لهن كمية كبيرة منها، ثم يقعدن حول أوانٍ نحاسية توضع فيها الأزهار، ليشكلن بعدها كلّ عقد بعدد منها، إذ تتولى أم الزوجة أو جدتها أو إحدى قريباتها من المسنات، الإشراف على صنع عدد كبير من العقود التي تربط بخيط متين ثم توزع على الحاضرات، بالترافق مع ترداد أغانٍ شعبية وإطلاق زغاريد، إعلاناً بالفرحة باستقبال الضيوف.
بعيداً عن الزواج واحتفالاته المميزة والمختلفة من منطقة إلى أخرى، ففي بعض المناطق الجزائرية تعكف العائلات على الاحتفال بيوم توقيع العقد المدني من طرف الخطيبين في مقر البلدية، وهو اليوم الذي يجري فيه "الاحتفال الخاص" ويطلق عليه في بعض المناطق "فأل العقد" أي التفاؤل بعقد القران المدني باحتفال رمزي وبسيط، توجه الدعوات إليه إلى الجيران والأقارب لتناول الشاي والقهوة، ومعها الحلويات التقليدية مثل "المقرود" و"البقلاوة" و"المحنشة" و"السفنج" إذ توضع مع السكر وماء الورد في موائد مزينة بأوانٍ نحاسية، بحسب ما تقول السيدة سليمة لـ"العربي الجديد".
يعتقد كثيرون أنّ هذه العادة ترمز إلى البداية الجديدة، والحياة المتجددة، مع التفاؤل بالخير والجمال في مطلع رحلة العروس إلى بيت زوجها. وبالرغم من أنّها بدأت تتجه إلى الزوال، فإنّ بعض العائلات تعود إليها أيضاً، لترسيخها بما لها من طابع خاص، بعيداً عن الطرق العصرية في الاحتفالات.
تقول السيدة سامية، لـ"العربي الجديد": "هناك عادات جديدة تظهر وتختفي في الجزائر، وباتت مظاهر الفرحة شكلية لا غير، إذ تغلب الزينة المكثفة في قاعات الأفراح، وألغيت أيام العرس العديدة واختصرت في أمسية واحدة، ما غيّب الفرحة الأصيلة عنها". فالتعبير عن الفرحة، قد يكون من خلال لفتة بسيطة مثل عقد الياسمين، الذي يقدم للحاضرات في قاعة الضيوف أو في فناء المنزل، وهي لفتة باتت تغيب أمام حجم المسؤوليات التي تعتبر السيدة سامية، انّها خلقت "جواً من الضغوط على أهل العريس والعروس وحتى الزوجين، في تلبية طلبات ورغبات المدعوين التي تكلفهم غالياً، بينما هناك عادات عاشتها العائلات في السابق كانت بالنسبة لهم تصنع السعادة وتدخلها إلى قلوب الجميع مع تمني الخير للزوجين من دون كلفة باهظة".
تتابع أنّ التغيرات طاولت الظروف الاجتماعية أيضاً، فلم تعد البساطة في أزهار التفاؤل هي التي تصنع الفرحة، بل صار البذخ والموسيقى الصاخبة والملابس والحلويات وصنوف المأكولات هي التي تصنعه في نظر المدعوين. تتابع: "عادات أيام زمان أفضل بكثير، إذ تعبر عن كثير من الطيبة والنوايا الصافية والتفاؤل".
من جهتها، تقول الأستاذة في علم الاجتماع، بجامعة "قسنطينة" سمية لشهب لـ"العربي الجديد": "بعض العادات تتجه إلى الزوال، مع وفاة كبار السن، خصوصاً في عادات مثل عقد الياسمين، وحفلة العروس في الحمام التقليدي، وذلك نظراً لغياب الدور الاجتماعي الذي استمرت النساء المسنات في العائلة بتوريثه للأجيال الجديدة، وهكذا جرى تعويض حفلة وسط الدار، أي الحفلة التي تصنعها النساء للعروس مع الأهازيج والغناء في فناء المنازل، بحفلات في قاعات فاخرة تكلف الكثير وتتبع الموضة".
ويبدو أن الموضة، بإجماع كثيرات، باتت قادرة على إخفاء تلك الفرحة البسيطة لعقود الياسمين والفلّ، وهي الفرحة التي ما زالت تسكن في الذاكرة الشعبية، بعدما ذبلت كثيراً لدى معظم العائلات.