في تركيا يستمر بناء سدّ إليسو على نهر دجلة. هو مشروع اقتصادي ومعيشي مهم، لكنّ نتائجه السلبية المتوقعة يمكن أن تصل إلى حدّ إغراق بلدة تاريخية صغيرة بكاملها، وتهجير الآلاف من سكانها، وهي حصن كيفا (هسنكِف بالتركية)، إذ يتوقع اختفاؤها تحت المياه خلال أسابيع، بعدما فشلت جميع الحملات في ثني المسؤولين عن تنفيذ خططهم.
لا يملك سكان المدينة التي تقع على ضفاف نهر دجلة، جنوبي شرق تركيا، سوى شهر واحد لإخلاء منازلهم، بعدما أعلن الحاكم الإقليمي عن تطويق المنطقة بالكامل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ثم إغراقها كجزء من بناء سد إليسو، الذي سيستخدم لتوليد الكهرباء، والذي أثار مشروعه الجدال طوال سنوات، وفقد دعم الحكومات الأجنبية بسبب تأثيره على المدينة القديمة.
ويقدّر عمر المدينة بنحو 12 ألف سنة، ما يجعلها من أقدم المستوطنات في بلاد ما بين النهرين، وتضم معالمها التاريخية بقايا جسر من القرن الثاني عشر، وقبراً أسطواني الشكل من القرن الخامس عشر، وأطلال مسجدين، ومئات الكهوف الطبيعية، والتي سوف تختفي جميعها بمجرد اكتمال مشروع الغمر، مع بقاء قلعتها فقط فوق المياه، وفقاً لما ذكرت وزارة الخارجية التركية، التي أكدت أيضاً أنّ السدّ ستكون له العديد من الفوائد الاقتصادية والبيئية.
من جهته، يشير هولوسي شاهين، حاكم مقاطعة باتمان، التي تقع فيها مدينة حصن كيفا، أنّ المدينة القديمة ستغلق بالكامل ويمنع دخول أيّ شخص إليها أو الخروج منها، بمجرد افتتاح طريق جديد في المنطقة. يضيف: "بعد ذلك لن تكون هناك أيّ حركة مرورية من المدينة أو إليها، ولهذا السبب يتعين على المواطنين وضع خططهم بناء على ذلك، فالوقت ينفد وعلينا جميعاً أداء واجباتنا".
قوبل القرار بغضب مجموعات عديدة تنظم حملات لإنقاذ المدينة، لكنّه اتخذ ولم يعد هناك تراجع عنه، على الرغم من أنّ دولاً عديدة أوقفت دعمها للمشروع، إذ أعلنت المملكة المتحدة منذ عام 2001 أنّها لن تدعم مشروع سد إليسو، وكذلك فعلت العديد من الشركات الأوروبية عام 2008.
تشير الأبحاث إلى أنّ المدينة والمنطقة المحيطة بها كانت مركزاً تاريخياً عريقاً، وقد استوطنت منذ زمن بعيد، ويعني "كيفا" بالسريانية الكهف وقد سميت به بسبب البيوت المنحوتة في الكهوف، وبالفعل وما زالت بعض كهوفها صالحة للسكن حتى الآن. كذلك، تشير الوثائق والمخطوطات القديمة إلى أنّ الإمبراطور البيزنطي قسطنطين بنى قلعة حصن كيفا في القرن الرابع بعد الميلاد لحماية المدينة. وفي عام 639 للميلاد فتحها الأمويون، وبعدهم العباسيون، والحمدانيون، والأرتقيون، والأيوبيون، والعثمانيون على التوالي. وكانت ملتقى للطرق التجارية، ومركزاً للعلوم والثقافة فكانت تحوي العديد من المدارس الدينية والعلمية والمستشفيات. وفي عام 1981 أعلنتها الحكومة التركية محمية طبيعية.
اقــرأ أيضاً
أهم آثار المدينة كهوفها المنحوتة داخل الصخور والتي ما زالت تشهد على الذكاء البشري قديماً، خصوصاً في ما يتعلق بإيصال المياه. وقد سكنت الكهوف، بحسب الوثائق التركية، شعوب عدة، كالسومريين، والآشوريين والبابليين.
وتعتبر المغارة التي تقع على نهر دجلة مباشرة، خزان مياه وطريقاً سرياً للخروج من القلعة إلى الضفة المقابلة، وتستقبل آلاف السياح والسكان حتى اليوم. كذلك، تعرف حصن كيفا بأخدودها، الذي تشكّل على مرّ السنين بفعل جريان الأنهار، وبفضل طبيعة صخور المنطقة الجيرية. ويشكل الأخدود مع المغارات المحفورة لوحة فنية، كأنّ الإنسان تعاون مع الطبيعة لتشكيل هذا المكان الذي أضاف له جريان نهر دجلة أودية وتضاريس أخرى.
معظم سكان مدينة حصن كيفا من الأكراد، لكن لم يبق من جميع السكان غير بضعة آلاف. وكانت المجالس المحلية في المنطقة ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات أخرى مختلفة قد اعترضت على بناء السد، وشكلت في إحدى الفترات ائتلافاً للضغط على الحكومة التركية من أجل الحفاظ على المدينة الصغيرة، حماية لسكانها الأربعة آلاف من جهة، وصوناً للتراث الإنساني من جهة أخرى.
لكن، بالرغم من نجاحها في دفع بعض الممولين الأجانب إلى وقف دعم المشروع، تابعته الحكومة وروجت لأبعاده الاقتصادية والسياحية. كذلك، أعلنت الحكومة قبل فترة، عن خطط لتوفير مساكن وأراضٍ بديلة للسكان، بالإضافة إلى الإعلان عن مشروع سياحي في المنطقة، أساسه تنظيم رحلات تحت الماء باستخدام غواصات زجاجية، لمشاهدة الآثار التي ستبقى تحت مياه السدّ.
لا يملك سكان المدينة التي تقع على ضفاف نهر دجلة، جنوبي شرق تركيا، سوى شهر واحد لإخلاء منازلهم، بعدما أعلن الحاكم الإقليمي عن تطويق المنطقة بالكامل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ثم إغراقها كجزء من بناء سد إليسو، الذي سيستخدم لتوليد الكهرباء، والذي أثار مشروعه الجدال طوال سنوات، وفقد دعم الحكومات الأجنبية بسبب تأثيره على المدينة القديمة.
ويقدّر عمر المدينة بنحو 12 ألف سنة، ما يجعلها من أقدم المستوطنات في بلاد ما بين النهرين، وتضم معالمها التاريخية بقايا جسر من القرن الثاني عشر، وقبراً أسطواني الشكل من القرن الخامس عشر، وأطلال مسجدين، ومئات الكهوف الطبيعية، والتي سوف تختفي جميعها بمجرد اكتمال مشروع الغمر، مع بقاء قلعتها فقط فوق المياه، وفقاً لما ذكرت وزارة الخارجية التركية، التي أكدت أيضاً أنّ السدّ ستكون له العديد من الفوائد الاقتصادية والبيئية.
من جهته، يشير هولوسي شاهين، حاكم مقاطعة باتمان، التي تقع فيها مدينة حصن كيفا، أنّ المدينة القديمة ستغلق بالكامل ويمنع دخول أيّ شخص إليها أو الخروج منها، بمجرد افتتاح طريق جديد في المنطقة. يضيف: "بعد ذلك لن تكون هناك أيّ حركة مرورية من المدينة أو إليها، ولهذا السبب يتعين على المواطنين وضع خططهم بناء على ذلك، فالوقت ينفد وعلينا جميعاً أداء واجباتنا".
قوبل القرار بغضب مجموعات عديدة تنظم حملات لإنقاذ المدينة، لكنّه اتخذ ولم يعد هناك تراجع عنه، على الرغم من أنّ دولاً عديدة أوقفت دعمها للمشروع، إذ أعلنت المملكة المتحدة منذ عام 2001 أنّها لن تدعم مشروع سد إليسو، وكذلك فعلت العديد من الشركات الأوروبية عام 2008.
تشير الأبحاث إلى أنّ المدينة والمنطقة المحيطة بها كانت مركزاً تاريخياً عريقاً، وقد استوطنت منذ زمن بعيد، ويعني "كيفا" بالسريانية الكهف وقد سميت به بسبب البيوت المنحوتة في الكهوف، وبالفعل وما زالت بعض كهوفها صالحة للسكن حتى الآن. كذلك، تشير الوثائق والمخطوطات القديمة إلى أنّ الإمبراطور البيزنطي قسطنطين بنى قلعة حصن كيفا في القرن الرابع بعد الميلاد لحماية المدينة. وفي عام 639 للميلاد فتحها الأمويون، وبعدهم العباسيون، والحمدانيون، والأرتقيون، والأيوبيون، والعثمانيون على التوالي. وكانت ملتقى للطرق التجارية، ومركزاً للعلوم والثقافة فكانت تحوي العديد من المدارس الدينية والعلمية والمستشفيات. وفي عام 1981 أعلنتها الحكومة التركية محمية طبيعية.
وتعتبر المغارة التي تقع على نهر دجلة مباشرة، خزان مياه وطريقاً سرياً للخروج من القلعة إلى الضفة المقابلة، وتستقبل آلاف السياح والسكان حتى اليوم. كذلك، تعرف حصن كيفا بأخدودها، الذي تشكّل على مرّ السنين بفعل جريان الأنهار، وبفضل طبيعة صخور المنطقة الجيرية. ويشكل الأخدود مع المغارات المحفورة لوحة فنية، كأنّ الإنسان تعاون مع الطبيعة لتشكيل هذا المكان الذي أضاف له جريان نهر دجلة أودية وتضاريس أخرى.
معظم سكان مدينة حصن كيفا من الأكراد، لكن لم يبق من جميع السكان غير بضعة آلاف. وكانت المجالس المحلية في المنطقة ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات أخرى مختلفة قد اعترضت على بناء السد، وشكلت في إحدى الفترات ائتلافاً للضغط على الحكومة التركية من أجل الحفاظ على المدينة الصغيرة، حماية لسكانها الأربعة آلاف من جهة، وصوناً للتراث الإنساني من جهة أخرى.
لكن، بالرغم من نجاحها في دفع بعض الممولين الأجانب إلى وقف دعم المشروع، تابعته الحكومة وروجت لأبعاده الاقتصادية والسياحية. كذلك، أعلنت الحكومة قبل فترة، عن خطط لتوفير مساكن وأراضٍ بديلة للسكان، بالإضافة إلى الإعلان عن مشروع سياحي في المنطقة، أساسه تنظيم رحلات تحت الماء باستخدام غواصات زجاجية، لمشاهدة الآثار التي ستبقى تحت مياه السدّ.