بعيداً عن الدور الرسمي والحكومي، ومساعي المنظمات الدولية منها الأمم المتحدة، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، تنشط جمعيات وهيئات خيرية أهلية في هذا الاتجاه، كان آخرها حملة أطلقتها جمعية "طمزين" للأعمال الخيرية غرب البلاد، تحت شعار "حملة ليبيا ــ بناؤها أبناؤها"، تشجيعاً على بث روح المصالحة والدعوة إلى نبذ التفرقة، من أجل المساهمة في بناء ليبيا بالعلم والمعرفة.
ووصلت الحملة الأسبوع الماضي إلى مناطق جبل نفوسة. وتشير الصفحة الرسمية للحملة إلى أنها انطلقت منذ أوائل العام الماضي، وزارت في مرحلتها الأولى بلديات حي الأندلس وتاجوراء وترهونة وسوق الجمعة وطرابلس المركز ومصراتة والجميل.
وقبل انطلاقها مؤخراً باتجاه مناطق جبل نفوسة، غرب البلاد، نظمت "طمزين" التي تشرف على هذه الحملة محاضرة في إحدى مدارس مدينة تراغن جنوب البلاد، بهدف "تشجيع التلاميذ على التعلم ونبذ العنف والتمسك بقيم الخير والمبادئ الإنسانية والابتعاد عن معالجة مشاكلهم بحمل السلاح والدعوة إلى وحدة الصف".
اقــرأ أيضاً
وتعمل الحملة على نقل هدايا من منطقة الى أخرى، وتوزعها كعربون على الأخوة واللحمة الوطنية. وفي مدرسة بتراغن، وزعت هدايا لتلاميذ المدرسة مقدمة من تلاميذ مدارس طرابلس وبراك وترهونة وبنغازي بهدف "التعبير عن روح الأخوة التي يحملها الليبيون بعضهم تجاه بعضهم الآخر بعيداً عن التجاذبات السياسية والاختلافات المذهبية".
وتقول منجية بن سعد، وهي عضوة في مكتب النشاط المدرسي في طرابلس، والتي تشارك في الحملة أثناء نشاطها في طرابلس، إنها "من البوادر الأهلية القليلة التي تتمتع بالجدية والصدق. لذلك، كان الالتفاف حولها كبيراً جداً"، مشيرة إلى أن انطلاقتها بدأت من طرابلس العام الماضي كونها عاصمة البلاد. تضيف أن الحملة "استهدفت خلال أسبوعين ثلاثة آلاف تلميذ وتلميذة من 13 مدرسة، هي 5 مدارس ثانوية و4 مدارس إعدادية.
وتوضح بن سعد أنها "تعد تلاميذ المدارس لقيادة المصالحة الوطنية من خلال إقامة أنشطة وتمارين ومهارات سلوكية تنطلق من حب الوطن وأهمية المصالحة الوطنية بنشر ثقافة التعايش والتسامح"، مؤكدة أن نتائج هذه الحملة في طرابلس كانت إيجابية بشكل كببر. تضيف: "كان يوماً رائعاً جداً، تضافرت فيه المشاعر حول حقيقة آلام الوطن ونحن نشاهد رسالة سجلها تلاميذ مدرسة غرناطة في طرابلس عبر الفيديو لزملائهم من تلاميذ المنطقة الجنوبية"، مشيرة إلى أنها لفتت انتباه أولياء الأمور، وكان لها أثر امتد إلى خارج المدارس من خلال نقاشات الأهالي.
تضيف أن الحملة في الأصل نشاط مشترك بين جمعية طمزين الأهلية وإدارة النشاط المدرسي في وزارة التعليم، حتى يسهل على الجمعية زيارة المدارس في طرابلس أو غيرها.
واهتمت منصات التواصل الاجتماعي بمواكبة حملة الجمعية. ففي يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، نقلت عرضاً مسرحياً نظمته مدرسة في مدينة البيضاء شرق البلاد، فيها مشاهد تنبذ الانقسام والتفرقة بين التلاميذ ضمن حملة المصالحة التي تقودها الجمعية.
ولا تقتصر نشاطات الجمعية على حملات المصالحة الوطنية بل تنشط في أعمال إغاثية، خصوصاً لمهجري مدينة مرزق التي طاولتها الحروب، إضافة إلى خدمات أخرى مثل صيانة بئر في منطقة البركت جنوب البلاد يغذي 60 مزرعة.
من جهته، يؤكد عضو مجلس حكماء الجنوب يوسف الدعاس، أن العمل الأهلي ليس جديداً في مجال المصالحة الوطنية، فقد كان الأساس الذي اعتمدت عليه كل الجهود الرسمية، بل ولفت أنظار حتى المنظمات الدولية. لكنّه يشير إلى أن تلك الجهود تحبط في كل مرة بسبب تعارضها مع أهداف سياسية وأطراف خارجية تسعى لإذكاء الصراع في البلاد.
ويتحدث الدعاس عن مبادرة "تجمع من أجلك يا ليبيا" عام 2013، التي شارك فيها ناشطون في المبادرة، وجميعهم متطوعون أهليون، بهدف حل ملف اللاجئين من ليبيا إلى دول الجوار الليبي، بسبب الحرب التي اندلعت بعد ثورة فبراير/شباط عام 2011، وتمكنت من إعادة أكثر من 500 أسرة نازحة إلى تونس ترفض بعض المناطق عودتها على خلفية ولائها للنظام السابق.
اقــرأ أيضاً
يضيف الدعاس لـ "العربي الجديد" أنه خلال الأعوام الأخيرة، نشطت مجالس الحكماء الأهلية في نزع فتيل الكراهية بين القبائل في مختلف أنحاء البلاد، وتمكنت من إيقاف حروب دامت أشهرا، من بينها قتال بين قبائل التبو والطوارق". ويؤكد أن السلطة الرسمية لجأت في بعض الأحيان إلى ناشطين في الجمعيات الأهلية لحل الكثير من المشاكل العالقة. وتمكنت مبادرة أهلية أشرف عليها أكاديميون ومثقفون بدعوة من السلطة الرسمية عام 2014 من إعداد ميثاق وطني مبني على العرف الاجتماعي، ليكون أساساً للمصالحة الوطنية قبل أن يتوقف بسبب توسع رقعة الحرب في البلاد.
ووصلت الحملة الأسبوع الماضي إلى مناطق جبل نفوسة. وتشير الصفحة الرسمية للحملة إلى أنها انطلقت منذ أوائل العام الماضي، وزارت في مرحلتها الأولى بلديات حي الأندلس وتاجوراء وترهونة وسوق الجمعة وطرابلس المركز ومصراتة والجميل.
وقبل انطلاقها مؤخراً باتجاه مناطق جبل نفوسة، غرب البلاد، نظمت "طمزين" التي تشرف على هذه الحملة محاضرة في إحدى مدارس مدينة تراغن جنوب البلاد، بهدف "تشجيع التلاميذ على التعلم ونبذ العنف والتمسك بقيم الخير والمبادئ الإنسانية والابتعاد عن معالجة مشاكلهم بحمل السلاح والدعوة إلى وحدة الصف".
وتعمل الحملة على نقل هدايا من منطقة الى أخرى، وتوزعها كعربون على الأخوة واللحمة الوطنية. وفي مدرسة بتراغن، وزعت هدايا لتلاميذ المدرسة مقدمة من تلاميذ مدارس طرابلس وبراك وترهونة وبنغازي بهدف "التعبير عن روح الأخوة التي يحملها الليبيون بعضهم تجاه بعضهم الآخر بعيداً عن التجاذبات السياسية والاختلافات المذهبية".
وتقول منجية بن سعد، وهي عضوة في مكتب النشاط المدرسي في طرابلس، والتي تشارك في الحملة أثناء نشاطها في طرابلس، إنها "من البوادر الأهلية القليلة التي تتمتع بالجدية والصدق. لذلك، كان الالتفاف حولها كبيراً جداً"، مشيرة إلى أن انطلاقتها بدأت من طرابلس العام الماضي كونها عاصمة البلاد. تضيف أن الحملة "استهدفت خلال أسبوعين ثلاثة آلاف تلميذ وتلميذة من 13 مدرسة، هي 5 مدارس ثانوية و4 مدارس إعدادية.
وتوضح بن سعد أنها "تعد تلاميذ المدارس لقيادة المصالحة الوطنية من خلال إقامة أنشطة وتمارين ومهارات سلوكية تنطلق من حب الوطن وأهمية المصالحة الوطنية بنشر ثقافة التعايش والتسامح"، مؤكدة أن نتائج هذه الحملة في طرابلس كانت إيجابية بشكل كببر. تضيف: "كان يوماً رائعاً جداً، تضافرت فيه المشاعر حول حقيقة آلام الوطن ونحن نشاهد رسالة سجلها تلاميذ مدرسة غرناطة في طرابلس عبر الفيديو لزملائهم من تلاميذ المنطقة الجنوبية"، مشيرة إلى أنها لفتت انتباه أولياء الأمور، وكان لها أثر امتد إلى خارج المدارس من خلال نقاشات الأهالي.
تضيف أن الحملة في الأصل نشاط مشترك بين جمعية طمزين الأهلية وإدارة النشاط المدرسي في وزارة التعليم، حتى يسهل على الجمعية زيارة المدارس في طرابلس أو غيرها.
واهتمت منصات التواصل الاجتماعي بمواكبة حملة الجمعية. ففي يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، نقلت عرضاً مسرحياً نظمته مدرسة في مدينة البيضاء شرق البلاد، فيها مشاهد تنبذ الانقسام والتفرقة بين التلاميذ ضمن حملة المصالحة التي تقودها الجمعية.
ولا تقتصر نشاطات الجمعية على حملات المصالحة الوطنية بل تنشط في أعمال إغاثية، خصوصاً لمهجري مدينة مرزق التي طاولتها الحروب، إضافة إلى خدمات أخرى مثل صيانة بئر في منطقة البركت جنوب البلاد يغذي 60 مزرعة.
من جهته، يؤكد عضو مجلس حكماء الجنوب يوسف الدعاس، أن العمل الأهلي ليس جديداً في مجال المصالحة الوطنية، فقد كان الأساس الذي اعتمدت عليه كل الجهود الرسمية، بل ولفت أنظار حتى المنظمات الدولية. لكنّه يشير إلى أن تلك الجهود تحبط في كل مرة بسبب تعارضها مع أهداف سياسية وأطراف خارجية تسعى لإذكاء الصراع في البلاد.
ويتحدث الدعاس عن مبادرة "تجمع من أجلك يا ليبيا" عام 2013، التي شارك فيها ناشطون في المبادرة، وجميعهم متطوعون أهليون، بهدف حل ملف اللاجئين من ليبيا إلى دول الجوار الليبي، بسبب الحرب التي اندلعت بعد ثورة فبراير/شباط عام 2011، وتمكنت من إعادة أكثر من 500 أسرة نازحة إلى تونس ترفض بعض المناطق عودتها على خلفية ولائها للنظام السابق.
يضيف الدعاس لـ "العربي الجديد" أنه خلال الأعوام الأخيرة، نشطت مجالس الحكماء الأهلية في نزع فتيل الكراهية بين القبائل في مختلف أنحاء البلاد، وتمكنت من إيقاف حروب دامت أشهرا، من بينها قتال بين قبائل التبو والطوارق". ويؤكد أن السلطة الرسمية لجأت في بعض الأحيان إلى ناشطين في الجمعيات الأهلية لحل الكثير من المشاكل العالقة. وتمكنت مبادرة أهلية أشرف عليها أكاديميون ومثقفون بدعوة من السلطة الرسمية عام 2014 من إعداد ميثاق وطني مبني على العرف الاجتماعي، ليكون أساساً للمصالحة الوطنية قبل أن يتوقف بسبب توسع رقعة الحرب في البلاد.