سخرية من فيروس كورونا الجديد تنقلب إلى حذر في بيوت المصريين

10 مارس 2020
زادت أسعار الكمامات بسرعة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

الحذر، وصولاً إلى الخوف من فيروس كورونا الجديد، بات حقيقياً في مصر بعد تسجيل وفاة سائح، بالإضافة إلى عشرات الإصابات التي توزعت ما بين مواطنين وأجانب. خوف يتداخل مع ثقة ضعيفة بأجهزة الدولة، ويتزامن مع استغلال للمواطنين
حتى وقت قريب، كان فيروس كورونا الجديد قد دخل إلى مصر من بوابة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فقط، فشهدت الحسابات والصفحات حالة من السخرية والتهكم على كلّ شيء متعلق بالفيروس بما في ذلك أداء الحكومة المصرية والإدارة السياسية للتعامل مع هذا الفيروس ذي الانتشار العالمي. لكنّ الخوف سرعان ما تسلل رويداً رويداً من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي إلى بيوت المصريين، بنسبة تتزامن مع تزايد أعداد المصابين بالفيروس خصوصاً بعد ظهور حالات بين المواطنين المصريين بالذات، وتسجيل أول وفاة، الأحد، لسائح ألماني.




وأعلنت السلطات المصرية، صباح الإثنين، تسجيل 55 حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد حتى الآن، من بينها 33 حالة على متن باخرة في نهر النيل تحمل 171 شخصاً، من بينهم 101 أجنبي، و70 مصرياً. وجرى نقل الحالات المصابة الجديدة على متن طائرة عسكرية إلى مستشفى العزل الطبي بالنجيلة، بمحافظة مرسى مطروح شمال غربي مصر. كذلك، أعلنت وزارة الصحة والسكان، مساء الأحد، عن وفاة أول حالة مصابة بالفيروس داخل مصر، وهي لسائح ألماني، مشيرة إلى أنّه يبلغ من العمر 60 عاماً، ووصل إلى مصر من ألمانيا منذ سبعة أيام.

في يوميات المصريين مع الفيروس وأخباره، راجت حركة بيع المنظفات والمطهرات ومستحضرات التعقيم في الصيدليات والمتاجر الكبرى. وطرحت بعض الشركات الرائدة في إنتاج المطهرات المنزلية عروضاً وتخفيضات كبيرة على منتجاتها.

كذلك، انتشر في الأسواق المصرية بكثافة، رذاذ (سبراي) للتعقيم ضد الإنفلونزا ونزلات البرد، يصلح للرش على الأسطح والمفروشات من إنتاج شركة كبرى في مستحضرات التنظيف والتعقيم، وهو مستورد من الاتحاد الأوروبي، وسعره مرتفع نسبياً.

أما الكمامات ومنتجات الكحول في الصيدليات، فقد ارتفعت أسعارها أكثر من الضعفين خلال الأسبوع الماضي وحده. فالكمامة العادية التي كانت تباع بجنيه واحد (0.063 دولار أميركي)، زاد سعرها إلى جنيهين ونصف (0.15 دولار)، وفي بعض الصيدليات ارتفع سعرها إلى خمسة جنيهات (0.30 دولار). أما الكمامة المجهزة بفلتر فقد ارتفع سعرها من 60 جنيهاً (3.80 دولارات) إلى أكثر من 90 جنيهاً (5.70 دولارات)، وذلك بعد انتشار تقارير عن أنّ هذا النوع من الكمامات يحتوي على المرشحات الدقيقة (الفلاتر) التي تزداد فعاليتها في الوقاية من الإصابة.

وبالرغم من استقرار الأوضاع نسبياً في الأسواق المصرية، وعدم انتشار مشاهد الخوف من نفاد كميات المواد الغذائية في الأسواق، فقد شهدت مجموعات الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الاتصالات، محادثات كثيفة عن بدء تخزين بعض السلع الغذائية وإعداد كميات من الطعام وحفظها مثلجة تحسباً لأيّ حالة طوارئ. أما أشهر المنتجات الغذائية التي خزنتها الأمهات بحسب هذه المجموعات، فهي البطاطس والدقيق والأرز والمعكرونة، بالإضافة إلى السكر والخبز واللحوم، إلى جانب الألبان المجففة. وتزامن ذلك مع زيادة إقبال المصريين على الشراء بهدف التخزين في بعض المتاجر الكبرى في نطاق المعادي ومصر الجديدة ومدن شرق القاهرة.

وفي الوقت الذي تطالب هذه المجموعات وأولياء الأمور بضرورة تعليق الدراسة في المدارس والجامعات خشية تفشي الفيروس، لم تتخذ السلطات المصرية بعد قرارات في هذا الشأن. وتشير التقديرات الحكومية إلى أنّ الوضع في مصر لم يصل إلى هذا المستوى من الخطورة، على الرغم من بدء ارتفاع أعداد المصابين وتخصيص السلطات المصرية مستشفيات خاصة بالحجر الصحي في عدد من المحافظات استعداداً لسيناريوهات أكثر مأساوية.

وعلمت "العربي الجديد" من شهود عيان بمحافظة الأقصر، جنوبي مصر، حيث الباخرة النيلية المعزولة للاشتباه في وجود إصابات كورونا الجديد على متنها، عدا عن الإصابات المؤكدة المنقولة منها، أنّ قوات الأمن المصرية فرضت على الممشى السياحي المؤدي إليها إجراءات أمنية، وأنّها تحت حراسة مشددة لعساكر وجنود يضعون الكمامات، ويُدخلون المؤن إلى الباخرة بانتظام، إلى حين انتهاء فترة حضانة الفيروس في الجسم، ومعها العزل وهي 14 يوماً. وقالت المصادر إنّ أهالي الأقصر يتخوفون بشدة من انتشار المرض في مدينتهم السياحية، التي شهدت ظهور أول حالة إصابة بالفيروس في مصر، لسائحة أميركية من أصل تايواني، غادرت البلاد بعدما نقلت العدوى.

وما إن فرضت بعض الدول وعلى رأسها السعودية، إجراء تحليل الـPCR الخاص بالكشف عن فيروس كورونا الجديد كشرط أولي للسفر إليها، بدءاً من الأحد، حتى استيقظ المصريون على خبر طوابير وتزاحُم للراغبين في السفر أمام بوابات تحاليل المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة لإجراء التحليل. وكانت الإدارة المركزية للمعامل في وزارة الصحة والسكان المصرية، قد أعلنت السبت، البدء في إجراء تحاليل واستخراج شهادة الخلوّ من فيروس كورونا الجديد للراغبين في السفر إلى السعودية وعدد من الدول العربية، لكن مع زيادة قيمة التحاليل بالنسبة للمستعجلين منهم إلى 2500 جنيه (160 دولاراً أميركياً)، ولغير المستعجلين 1000 جنيه (64 دولاراً) للمصريين، و70 دولاراً للأجانب.



على صعيد متصل، انطلق التلفزيون الرسمي المصري، في ثوبه الجديد أخيراً بعد استحواذ جهات سيادية عليه بدافع التطوير، لكنّ انتشار الفيروس عالمياً لم يدخل قائمة أولوياته بعد، إذ إنّ نشرة التاسعة مساءً الرئيسية في التلفزيون الرسمي، انطلقت مساء السبت وعلى رأسها أخبار "إنجازات" الحكومة وفيديوهات دعائية للمشروعات الجديدة، وبيان وزارة الخارجية المصرية للردّ على الجانب الإثيوبي في مباحثات سدّ النهضة، وفقرة عن تكريم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لسيدة مصرية تقود سيارة ميكروباص، فقرر مكافأتها بإهدائها ميكروباصاً جديداً، ثم جاءت أخبار انتشار الفيروس العالمي بعد مضيّ نحو ربع ساعة من بدء النشرة.