وبيّن الاستطلاع الذي نشره معهد "إيفوب"، اليوم السبت، وشمل ألفاً و8 أشخاص يمثلون مختلف شرائح المجتمع الفرنسي، أنّ 17% من الفرنسيين يعتقدون أنّ الفيروس صُنع "عمداً"، في حين يعتقد 9% منهم أنه "صُنع بالصدفة". في المقابل، يؤمن 57% من الفرنسيين بأنّ الفيروس "ظهر بشكل طبيعي".
ويُظهر الاستطلاع أنّ الفكرة القائلة بأن الفيروس مصنوع في مختبر تلقى رواجاً كبيراً بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً (28%)، وبين الشرائح الاجتماعية والاقتصادية الأقل حظاً، حيث ترتفع لدى اليد العاملة (28%) والموظفين (24%) والعاطلين عن العمل (28%).
في المقابل، لا تقنع هذه المقولة كثيراً الشرائح العمرية والاجتماعية الأكبر سناً والأكثر دخلاً، حيث يعتقد بها 6% فقط من الذين تجاوز عمرهم الـ65 عاماً، في حين تصل هذه النسبة إلى 12% عند الكوادر و13% لدى العاملين المستقلين، لكنها ترتفع إلى 20% لدى عموم العاملين من الفرنسيين.
ويبدو أنّ للميول السياسية علاقة في مدى اعتقاد الفرنسيين بأفكار تنتمي إلى نظرية المؤامرة، حيث ترتفع نسبة الذين يعتقدون بـ"صنع" الفيروس إلى 38% بين جمهور حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، في حين لا تتجاوز نسبتهم 6% بين مناصري حزب "الجمهورية إلى الأمام" الحاكم.
وفي تحليلهما لهذه المعطيات، يُرجع رودي ريشتات من "مرصد نظريات المؤامرة"، وجيروم فوركيه، من معهد "إيفوب"، وجود أصداء كبيرة لهذه الأفكار لدى الشباب إلى استخدامهم الكبير للإنترنت واعتمادهم على الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي، "التي تعدّ الوسيلة الأبرز لنشر الأخبار الكاذبة".
ويرى الباحثان أنّ قلة استخدام الشرائح العمرية الأكبر سناً لهذه الوسائط، واستقاءها الأخبار من الوسائط الإعلامية التقليدية، يقفان وراء حذرها الملحوظ من الأخبار الكاذبة والمؤامراتية.
ويشير ريشتات وفوكيه إلى أنّ "انعدام الثقة العميق في النخب والسلطات" قد يشرح توجه الطبقات الشعبية إلى الإيمان بالفكرة القائلة بأن "الحقيقة في مكان آخر" وليست في ما تقوله النخب السياسية والعلمية بالضرورة. ويقولان: "لدى الأوساط الشعبية نزعة أكبر للاعتقاد بسرديات المؤامرة أو الاستراتيجيات السرية التي تنفذها قوى مؤسساتية أو مالية لخدمة مصالحها الخاصة على حساب الشعب أو "مَن هم في القاع'".
أما الميل الكبير لدى جماهير اليمين المتطرف إلى أفكار كهذه، فيرجعه الباحثان إلى عدة عوامل، منها تقبّلهم التقليدي لـ"البلاغة المؤامراتية" مهما اختلف الموضوع الذي تتناوله، وحساسيتهم المفرطة تجاه المخاطر والفضائح الصحية.
على صعيد آخر، قالت الوكالة الوطنية للصحة إنّ السلطات الفرنسية تقدمت بطلب شراء مليار كمامة من الصين، من بينها 74 مليون كمامة من طراز FFP2 المرجعي، في وقت يواجه فيه البلد شحاً كبيراً في احتياطيه من الكمامات، ومن مستلزمات الوقاية من وباء كورونا بشكل عام.
ونقلت إذاعة "فرانس إنفو" عن مصدر في الوكالة قوله، إنّ "جسراً جوياً" سيقام بين البلدين لنقل أكثر من 18 مليون كمامة أسبوعياً، في تأكيد لما نشرته صحيفة "لوموند"، أمس الجمعة، والتي تحدثت عن شراء 600 مليون كمامة فقط.
ودفع النقص في الكمامات وفي مستلزمات الوقاية الأخرى إلى إعلان بعض نقابات العمال، لا سيما نقابات سائقي العربات الثقيلة، توجه عمالها لاستخدام حقهم بالتوقف عن العمل بدءاً من الاثنين المقبل، مطالبةً الحكومة بإيجاد حلول في أسرع وقت لحمايتهم. وإذا ما تأخرت الحكومة في توفير معدات الوقاية اللازمة لاستكمال السائقين عملهم، فقد تشهد فرنسا أزمة كبيرة في تزويد المحال والمتاجر الكبرى بالأغذية والخضروات على الأقل.
وزاد من سخط النقابات وفاة عاملة صندوق كانت تشتغل في أحد المتاجر الكبرى شمال باريس، إثر إصابتها بفيروس كورونا. وتقول النقابات إنّ سبب موت المرأة، واسمها عائشة وتبلغ من العمر 52 عاماً، هو عدم توفير مستلزمات الوقاية من كمامات وقفازات ومطهرات أيدٍ، وعدم تطبيق تعاليم حماية صارمة للحفاظ على حياة العاملين مثلها المدعوين إلى البقاء على رأس عملهم في ظل الأزمة التي تواجهها البلاد.