تقول والدة سارة، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لقد عاملوني بعنصريّة ودوّنوا في شهادة الوفاة، "وفاة لاجئة تونسية"، رغم أنّ إقامتي قانونية. أضف إلى ذلك، أنّهم طلبوا منّي إغلاق ملف طفلتي، من دون أن يمنحوني حقّ معرفة ما فعلوا بها، وكيف ماتت. لقد كنت شاهدة على التقصير وعلى سلسلة من الأخطاء التي ارتكبوها بحقّ طفلتي".
وتضيف الأم، بدأت القصة، الخميس الماضي، عندما كانت طفلتي تلعب مع إخوتها في البيت، قامت بحركة رياضية وسقطت على ساقها. لم تشك ألماً ولم تبكِ، فسارة ليست من الأطفال كثيري الشكوى والمرض.
وتؤكّد الأم أنه، في المساء، بدأت سارة تشكو من الآلام، فسارعت هي للاتصال بطبيبتها ولكنها طلبت منها التريّث ووضع الكمّادات لها، فالأمر لا يحتاج لنقلها إلى المستشفى. في اليوم التالي، لم توقظنا سارة، على غير عادتها، إذ لم تكن بنشاطها المعهود، وعاودتها الآلام مجدداً. اتصلت الأم بطبيبتها الخاصة، وهي تقول إنّها لاحظت نبض قلبها السريع. "لكن الطبيبة رفضت الحضور لفحصها ولامتني على مبالغتي في الخوف. عندها اتصلت بالصليب الأحمر، ووجدوا أنّ دقّات قلب سارة متسارعة بالنسبة لطفلة في سنّها. كذلك ضغط الدم كان منخفضاً جداً، وفي هذه الأثناء، وطيلة 3 أيام، كانت طفلتي تعاني من الإمساك".
أصرّت الأم على طلب الإسعاف لابنتها، يوم الأحد، ونقلها إلى المستشفى، وتحديداً إلى قسم الطوارئ. وبعد تسجيلها، وقياس درجة حرارتها التي كانت 36 درجة مئوية، تمّ حقنها بحقنتين، فظهرت بقع حمراء على كامل جسدها. وأضافت الأم، أنّهم أخبروها أنّ تلك البقع لا أهمية لها، بينما كانت سارة تئن وتصرخ من الآلام. واتصل الممرّضون بطبيب الأطفال، الذي رفض الحضور لرؤية المريضة الصغيرة، رغم لوم مشرف القسم له، لأنّ الحالة طارئة، وإخباره بأنّه سيتحمّل تبعات الأمر، لكنه لم يبال.
وتضيف الأم أنه في ظل غياب طبيب مختصّ، كانوا تارة يخبرونها أنّها تعاني من مرض في الرئة، فشكّوا بإصابتها بفيروس كورونا، لكن نتائج فحص كورونا ظهرت سلبية. ثم أخبروها أنّ ابنتها تعاني من مرض السلّ. وفي ظلّ الاضطراب، وغياب التشخيص الدقيق، قرّر قسم الطوارئ في المستشفى نقل طفلتها إلى مستشفى آخر.
تقول صفاء: "عندما نقلتها كان وضع سارة عاديا وكانت لا تزال واعية بكلّ ما يحدث من حولها، تسأل عن شقيقاتها ووالدها. ثم وضعوا لها الأوكسجين، وآلة القلب وكانوا يحاولون إخراج رواسب الإمساك لها، ما تسبّب بنزيف في أنفها".
وتؤكّد صفاء، تبيّن لاحقا أنّ أمعاءها معقّدة، الأمر الذي تسبّب لها بالإمساك. عندها قررت الطبيبة إجراء عملية عاجلة لها.
وتؤكّد صفاء أنّ طفلتها كانت تهذي قبيل إدخالها إلى غرفة العمليات، نتيجة الآلات والتدخلات الخاطئة في تشخيص حالتها. وأثناء العملية، شعرت بقلبها يتمزّق، ورغم محاولتها دخول غرفة العمليات لترى طفلتها، تمّ منعها من ذلك، وفي تلك اللّحظات كانت سارة قد فارقت الحياة، لكن لم يتمّ إخبار صفاء بذلك.
وتضيف الأم أنّ الطبيبة أخبرتها لاحقاً، أنّه سيتم تشريح الجثة لمعرفة السبب الحقيقي للوفاة، لكن سرعان ما تمّ العدول عن الفكرة، وطلبت منها نقل الجثة لدفنها. بل أكثر من ذلك، قيل لها: "انسي سارة. لديك أطفال آخرون، اهتمي بهم. ولسنا في وضع يجعلنا نهتم بأسباب وفاة طفلتك".
وتؤكد صفاء أنّها لم تحمل جثّة طفلتها لغاية اليوم، والثلاثاء المقبل هو مهلتها الأخيرة لاستلام جثّة طفلتها أو سيقوم المستشفى بدفنها. لكن رغم عمق ألمها ووجعها، فهي تصرّ على أنّها لن تستلم الجثّة، لأنها تريد أن تعرف كيف ماتت ابنتها. مشيرة إلى أنّها تريد إنصاف سارة، كي لا يتكرّر ما حصل معها لأطفال آخرين، خاصة أنّها لاحظت امرأة أخرى في المستشفى، تجاوزت فترة ولادتها، من دون أن تلد، بأيام، وتمّ تركها منتظرة إلى أن توفي رضيعها.
وتوجّه صفاء نداءً إلى سفارة تونس في إيطاليا لتدعمها في معرفة الأسباب الحقيقية، التي قادت إلى موت طفلتها الصغيرة.