تباينت ردود الفعل في تونس، بعد إعلان الحكومة رفع بعض القيود عن الحجر الصحي الشامل، في ظلّ النتائج الإيجابية التي تحقّقت والتي ساهمت في الحدّ من انتشار فيروس كورونا في البلاد. وتستأنف بذلك العديد من القطاعات نشاطها، ابتداءً من 4 إلى 24 مايو/ أيار، على أن تتبعها مرحلة ثانية، يعاود فيها الجميع أنشطتهم ويُعَمّم فيها العمل بصفة شاملة، بدءاً من 14 يونيو/ حزيران.
وقال عضو لجنة مجابهة فيروس كورونا، الدكتور سمير عبد المؤمن، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ "التجربة التونسية تعتبر نموذجية، وفرنسا تتّبع تقريباً النموذج ذاته، من حيث الحجر الصحي الشامل ووضع مصابي كورونا في مراكز إيواء، والقيام بعمليات تقصي للمحيطين بالمصاب وعائلته، وإجراء التحاليل اللازمة لهم". وأضاف أنّ "على التونسيين أن يفخروا بتجربة بلادهم في التصدي لكورونا، وأنّ النتائج ستُقيَّم في كلّ مرحلة، فإن كانت جيدة، يُرفع الحجر تدريجاً".
وأوضح عبد المؤمن أنّ النتائج هي التي تحكم على مدى نجاح أيّ تجربة أو فشلها، وتونس تمشي في المسار الصحيح. وأضاف أنّه "يمكن القول إنّ بلادنا تبلي بلاءً حسناً، حتى الآن، وحان الوقت للرفع التدريجي للحجر وعودة الحياة بشروط معيّنة، إذ لا يمكن مواصلة غلق البلاد".
وأضاف المتحدّث أنّ على القطاعات الحيوية والمعملية والإدارات، أن تستأنف تدريجاً عملها ونشاطها، مع ضرورة التقيّد بشروط الوقاية.
وقالت رئيسة جمعية "النساء الديمقراطيات"، يسرى فراوس، في حديث لـ"العربي الجديد" إنّ "قرار الحكومة، رفع الحجر الصحي الشامل تدريجاً، شر لا بدّ منه، إذ لا بد من الانتقال إلى هذه المرحلة، فلا يمكن العيش دائماً في الحجر. لكن الإشكال ليس في القرار أو توقيته، بل في تهيئة الظروف المناسبة للمضيّ في مثل هذه الخطوة. من حيث التحضير لاستئناف العمل في القطاع العام بنسبة 50 بالمائة، ومدى تجهيز وتوفير وسائل النقل والبنية الملائمة التي تحافظ على التباعد الاجتماعي وتؤمّن نقل العملة والعمّال بالطريقة الصحيحة، التي تجنّبهم المخاطر".
وأضافت فراوس أنّ "رفع الحظر بشكل موجّه يجب أن يكون فعلاً موجهاً ومدروساً، ومراقباً. وفي حال غياب هذه الشروط، سيكون تهوراً قد يقود إلى نتائج وخيمة. إذ لا خيار أمام تونس سوى تطبيق توجيهات الحكومة، التي ترى حالياً أنّه جرى تجاوز مرحلة الخطر، ولو نسبياً، ولكن هذا التجاوز يجب ألّا يشكّل أي خطر آخر مستقبلاً".
وتابعت قائلةً إنّ تقييم المخاطر يبقى بدوره نسبياً، لأنّ التداعيات الاجتماعية والاقتصادية ستكون كبيرة، وأضافت أنّه "قد يكون هناك بداية انفراج في الوضع، وهناك بلدان اتّبعت تقريباً السياسة ذاتها التي تنتهجها تونس، ورفعوا الحجر بعد بروز مؤشّرات إيجابية أولى، ليعود بعدها ويرتفع عدد الإصابات ويزداد الوضع سوءاً، وتونس لا يمكنها تحمّل مثل هذه التداعيات".
وترى المتحدّثة أنّ الظرف الاجتماعي صعب، وفي ظلّ شهر رمضان الذي يمثّل فرصة لتنشيط بعض القطاعات، ثم العيد وما يتطلّبه من تحضيرات وحاجة الناس للخروج، لا بدّ من الحذر لكي لا ندفع الثمن لاحقاً.
وقال القيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، أنّ رفع الحجر الموجّه الذي اتخذته تونس، مهم ولكن يجب الانتباه من الإحساس المخادع بأنّنا تجاوزنا مرحلة الخطر، لأنه في الحقيقة لا يزال قائماً. وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوضع حالياً غير خطير، لكن في حال عدم احترام الإجراءات الصحيّة، فإنه يمكن أن تنقلب الأوضاع".
وأفاد ديلو أنّه "مع قرار الرفع التدريجي للحجر، خاصة أنّ هناك قطاعات عليها أن تستأنف عملها، ولا خيارات أخرى أمامها، فالتونسي يريد أن يعود إلى حياته الطبيعية وكأنه لم يعش أزمة كورونا". وأشار إلى أنّه ضدّ الادّعاءات بأنّ هناك خرقاً كبيراً للحجر، لأنّ معظم المقاهي والمطاعم مغلقة، ووسائل النقل معطّلة والإدارات كذلك، ولو لم يُتَّخذ مثل هذه الإجراءات لكانت العواقب وخيمة وأكثر حدّة.
وتابع المتحدث: "إنّ قرار السماح لبعض القطاعات الخدماتية باستئناف نشاطها ضروري، إذ لا بد من أن تدور العجلة الاقتصادية والاجتماعية تدريجاً، ولا خيار لدينا سوى التقدّم، حتى ولو كان تقدماً حذراً. وإذا لا قدّر الله، لوحظ تراجع، فإنّه يمكن العودة إلى تشديد الإجراءات".