كان كلّ ما خطّط له الشاب الفلسطيني إسلام عبد الغني دويكات (22 عاماً)، وهو من بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، يسير على ما يرام. كان حفل زفافه قريباً، وقد أنهى تجهيز شقته. إلا أنّ جنود الاحتلال الإسرائيلي أطلقوا الرصاص عليه من مسافة قريبة جداً، خلال تصديه مع الأهالي في الحادي عشر من الشهر الماضي، لاقتحامهم جبل العرمة. بقي يُصارع الموت نحو عشرين يوماً، قبل أن يفارق الحياة مطلع الشهر الجاري.
في الحادي عشر من الشهر الماضي، تصدّى إسلام ومعه مئات الفلسطينيين لقوات الاحتلال التي اقتحمت جبل العرمة في بلدة بيتا، ما أدى إلى إصابة العديد منهم بجروح خطيرة، أبرزهم الطفل محمد حمايل (15 عاماً) الذي استشهد بعد ساعات، إضافة إلى إسلام الذي أصيب برصاصتين في الأول من الشهر الجاري.
تتحدّث أم إسلام لـ "العربي الجديد" عن إبنها الذي كان يتحمّل المسؤولية باكراً. تقول: "اعتقلت قوات الاحتلال زوجي عام 2014، وكان إسلام حينها في السادسة عشرة من عمره. تحمّل مسؤولية إعالة الأسرة. كان سنداً لي وبمثابة أب لأشقائه". لم يغب عن بال الأم كيف أن إسلام وقبل إصابته بيومين فقط، أعد مفاجأة لوالده بمناسة عيد ميلاده. أحضر الحلوى واحتفلنا جميعاً وسط فرحة غامرة". تضيف: "كان يحفظ تواريخ ميلادنا جميعاً، ولطالما حرص على إحياء المناسبات السعيدة".
اقــرأ أيضاً
تُشير الأم إلى أن إصابة ابنها لم تكن بسيطة. "هيأنا أنفسنا لكل الاحتمالات، وعشنا على الأمل حتى آخر دقيقة. لكنّه نال شرف الشهادة. نحن مؤمنون لكن الفراق صعب". كانت دموع الأم تسبق كلماتها هي التي فقدت فرحتها الأولى. كانت تنتظر يوم زفافه. تقول: "خسرنا فرحتنا الأولى، لكن فلسطين تستحق أن نضحي جميعاً من أجلها. إلى متى سيبقى العالم صامتاً على جرائم الاحتلال؟ هل يقابل شباناً عُزّل حاولوا الدفاع عن أرضهم بهذا الشكل؟ شهيدان وأكثر من خمسين جريحاً؟ السكوت على هذا العدوان يعني مزيداً من القتل والدماء".
من جهته، يتحدّث الوالد عبد الغني لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل ما حدث. يقول: "منذ أن نصب ناشطون فلسطينيون خيمة ضخمة على قمة جبل العرمة لمنع سيطرة المستوطنين عليه، اعتدت مساندتهم يومياً برفقة إسلام وهو نجلي الأكبر. كنا نبقى إلى جانب المرابطين حتى حلول الظلام، ونغادر على أن نعود في اليوم التالي. لكنّ في الليلة التي سبقت استشهاده، هدّد المستوطنون باقتحام المنطقة بحماية جيش الاحتلال، فقررت عدم ترك الجبل أسوة بعشرات المواطنين من بلدتي والقرى والبلدات المجاورة".
مرّت ساعات الليل وكان الجميع متأهباً لصد هجوم المستوطنين المحتمل حتى بزوغ الفجر. لكن المستوطنين لم يأتوا، بل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرت جبل العرمة وبدأ الجنود في إطلاق الرصاص من كل حدب وصوب، إضافة إلى قنابل الغاز المسيلة للدموع. كما اعتدوا على المرابطين على قمة الجبل، من بينهم مسنون وأشخاص معوقون، وأصيب أكثر من خمسين فلسطينياً بجراح متفاوتة.
سمع الوالد الشبان يصيحون بأعلى أصواتهم ويكبرون، فأدرك أن خطباً ما قد حدث، وما كاد يصل إلى مكان تجمهرهم حتى رأى ابنه ملطخاً بالدماء. حاول التهجم على الجنود الذين كانوا قريبين جداً منه، فأطلقوا عليه رصاصتين مطاطيتين فسقط أرضاً لكن عينيه لم تفارقا إسلام. يقول: "كانت إصابة إسلام بليغة جداً وظننت أنه مات على الفور. نقلنا المسعفون إلى سيارتي إسعاف وقاومت إصابتي كونها كانت في البطن. كنتُ أرتدي ملابس شتوية ثقيلة. لحقت بإسلام لكنه كان فاقداً للوعي، ولم تكن ملامح الأطباء مبشرة".
تسببت إحدى الرصاصتين بتلف كبير في دماغ إسلام ونزيف حاد فقد على إثره كمية كبيرة من الدم، فيما اخترقت الثانية خده. لكن الكادر الطبي في مستشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس تمكن من إزالتها، وبقيت تلك التي في الرأس. استطاع الأطباء إيقاف النزيف قبل نقل إسلام إلى غرفة العناية الفائقة.
مرت الساعات بطيئة على عائلة إسلام، ووقع خبر استشهاد الطفل محمد حمايل الذي أصيب في المكان نفسه عليهم كالصاعقة. بعد يومين، نُقل إسلام إلى مستشفى خاص في مدينة رام الله وبقي هناك حتى فارق الحياة.
في الحادي عشر من الشهر الماضي، تصدّى إسلام ومعه مئات الفلسطينيين لقوات الاحتلال التي اقتحمت جبل العرمة في بلدة بيتا، ما أدى إلى إصابة العديد منهم بجروح خطيرة، أبرزهم الطفل محمد حمايل (15 عاماً) الذي استشهد بعد ساعات، إضافة إلى إسلام الذي أصيب برصاصتين في الأول من الشهر الجاري.
تتحدّث أم إسلام لـ "العربي الجديد" عن إبنها الذي كان يتحمّل المسؤولية باكراً. تقول: "اعتقلت قوات الاحتلال زوجي عام 2014، وكان إسلام حينها في السادسة عشرة من عمره. تحمّل مسؤولية إعالة الأسرة. كان سنداً لي وبمثابة أب لأشقائه". لم يغب عن بال الأم كيف أن إسلام وقبل إصابته بيومين فقط، أعد مفاجأة لوالده بمناسة عيد ميلاده. أحضر الحلوى واحتفلنا جميعاً وسط فرحة غامرة". تضيف: "كان يحفظ تواريخ ميلادنا جميعاً، ولطالما حرص على إحياء المناسبات السعيدة".
تُشير الأم إلى أن إصابة ابنها لم تكن بسيطة. "هيأنا أنفسنا لكل الاحتمالات، وعشنا على الأمل حتى آخر دقيقة. لكنّه نال شرف الشهادة. نحن مؤمنون لكن الفراق صعب". كانت دموع الأم تسبق كلماتها هي التي فقدت فرحتها الأولى. كانت تنتظر يوم زفافه. تقول: "خسرنا فرحتنا الأولى، لكن فلسطين تستحق أن نضحي جميعاً من أجلها. إلى متى سيبقى العالم صامتاً على جرائم الاحتلال؟ هل يقابل شباناً عُزّل حاولوا الدفاع عن أرضهم بهذا الشكل؟ شهيدان وأكثر من خمسين جريحاً؟ السكوت على هذا العدوان يعني مزيداً من القتل والدماء".
من جهته، يتحدّث الوالد عبد الغني لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل ما حدث. يقول: "منذ أن نصب ناشطون فلسطينيون خيمة ضخمة على قمة جبل العرمة لمنع سيطرة المستوطنين عليه، اعتدت مساندتهم يومياً برفقة إسلام وهو نجلي الأكبر. كنا نبقى إلى جانب المرابطين حتى حلول الظلام، ونغادر على أن نعود في اليوم التالي. لكنّ في الليلة التي سبقت استشهاده، هدّد المستوطنون باقتحام المنطقة بحماية جيش الاحتلال، فقررت عدم ترك الجبل أسوة بعشرات المواطنين من بلدتي والقرى والبلدات المجاورة".
مرّت ساعات الليل وكان الجميع متأهباً لصد هجوم المستوطنين المحتمل حتى بزوغ الفجر. لكن المستوطنين لم يأتوا، بل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرت جبل العرمة وبدأ الجنود في إطلاق الرصاص من كل حدب وصوب، إضافة إلى قنابل الغاز المسيلة للدموع. كما اعتدوا على المرابطين على قمة الجبل، من بينهم مسنون وأشخاص معوقون، وأصيب أكثر من خمسين فلسطينياً بجراح متفاوتة.
سمع الوالد الشبان يصيحون بأعلى أصواتهم ويكبرون، فأدرك أن خطباً ما قد حدث، وما كاد يصل إلى مكان تجمهرهم حتى رأى ابنه ملطخاً بالدماء. حاول التهجم على الجنود الذين كانوا قريبين جداً منه، فأطلقوا عليه رصاصتين مطاطيتين فسقط أرضاً لكن عينيه لم تفارقا إسلام. يقول: "كانت إصابة إسلام بليغة جداً وظننت أنه مات على الفور. نقلنا المسعفون إلى سيارتي إسعاف وقاومت إصابتي كونها كانت في البطن. كنتُ أرتدي ملابس شتوية ثقيلة. لحقت بإسلام لكنه كان فاقداً للوعي، ولم تكن ملامح الأطباء مبشرة".
تسببت إحدى الرصاصتين بتلف كبير في دماغ إسلام ونزيف حاد فقد على إثره كمية كبيرة من الدم، فيما اخترقت الثانية خده. لكن الكادر الطبي في مستشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس تمكن من إزالتها، وبقيت تلك التي في الرأس. استطاع الأطباء إيقاف النزيف قبل نقل إسلام إلى غرفة العناية الفائقة.
مرت الساعات بطيئة على عائلة إسلام، ووقع خبر استشهاد الطفل محمد حمايل الذي أصيب في المكان نفسه عليهم كالصاعقة. بعد يومين، نُقل إسلام إلى مستشفى خاص في مدينة رام الله وبقي هناك حتى فارق الحياة.