فتحت موجة الأمطار الغزيرة التي تضرب مناطق عدة في العراق منذ أيام، ملف البنية التحتية المتهالكة وتردي الخدمات العامة، وخاصة في القطاع الصحي، وذلك بعد غرق عدد من المراكز الصحية والمستشفيات في البصرة وعدد من مدن جنوبي البلاد.
وتداول ناشطون ومدونون عبر "فيسبوك"، صوراً تظهر غرق مناطق جنوبي العراق، ومن بينها محافظة البصرة التي تعد أغنى مدن البلاد، إذ تتركز فيها موارد النفط والغاز، لكنها رغم ذلك تعاني من تفاقم البطالة والفقر وترد واضح في الخدمات، واتساع نطاق الجريمة المنظمة، وتغول المليشيات المسلحة التي تتورط بعمليات تهريب النفط والمخدرات.
واجتاحت مياه الأمطار، أمس الاثنين، مستشفى البصرة، وهو أكبر مستشفيات المحافظة، فأغرقت غرف وممرات الطابق الأرضي، ما دفع المرضى للصعود إلى الطوابق العليا أو مغادرة المستشفى الذي ظهرت فيه القوارض والحشرات.
وقال ناشطون إن مناطق كاملة غرقت خلال الساعات الماضية، وإن عشرات المدارس غرقت، لكن لم ينتبه أحد إليها بسبب إضراب المعلمين وعدم وجود دوام دراسي، مقارنة بالتركيز على المستشفيات الغارقة.
وأكد مسؤول في مديرية صحة البصرة غرق عدة مؤسسات طبية، موضحا أن "الأمر ليس مسؤولية المستشفيات، أو وزارة الصحة، وإنما المشكلة في البنية التحتية، فشبكات الصرف الصحي تالفة، وبالتالي لم تتحمل الأمطار، فأغرقت كل شيء".
وقال الطبيب صفاء طالب لـ"العربي الجديد"، إن "قسما من المراجعين تركوا المستشفى الرئيس بالبصرة بعدما اجتاحته مياه الأمطار والصرف الصحي، وبعضهم غادر إلى مستشفيات خاصة، بينما غير القادرين ماديا فضلوا البقاء، وتحايلوا على المياه بالصعود إلى الأدوار العليا في المستشفى الذي يجري حاليا العمل على تفريغه من المياه".
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وصول مستوى المياه داخل المستشفى إلى نحو نصف متر في الغرف والردهات. في حين امتنع معظم أهالي البصرة عن الذهاب بمرضاهم إلى المستشفيات الحكومية، ولجأوا إلى المستشفيات الخاصة، أو غادروا إلى محافظات أخرى لمعالجة مرضاهم.
وقال محسن أبو علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الفشل الكبير في الخدمات يشمل كافة دوائر البصرة، ومنها المستشفيات، رغم أن المحافظة تعد الأغنى في العراق بسبب النفط. معظم المستشفيات تم تشييدها خلال القرن الماضي، والسنوات الأخيرة لم تشهد أي صيانة لها، ما يؤدي إلى تحولها إلى برك مياه خلال مواسم الأمطار".
وأضاف أن "أهالي المحافظة يقاطعون المستشفيات الحكومية خلال مواسم المطر، واعتدنا في السنوات الأخيرة أن نذهب بمرضانا إلى مستشفيات المحافظات الأخرى"، منتقدا "استمرار الإهمال الحكومي لتلك الخدمات الضرورية التي تمس حياة وسلامة المواطنين".
وباشرت هيئة النزاهة العراقية أخيرا فتح ملفات الفساد في وزارة الصحة، والتي قدرت بنحو 20 مليار دولار، وجرى إهدار غالبيتها خلال حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية بين 2006 و2014.