عبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، عن أمله أن تفي حركة طالبان بوعودها وتقدم مزيداً من التنازلات في ملف منع النساء العاملات بالمجال الإنساني مع منظمات محلية ودولية، والذي أصدرته الحركة في 24 من الشهر الماضي.
وأكد مساعد الأمين العام أن زيارته الأخيرة لأفغانستان، جاءت بطلب وضمن وفد من المنظمات الإنسانية الدولية التي تشمل منظمات مُنعت النساء من العمل فيها، مشيراً إلى لقائهم مع عدد من قادة طالبان في وزارات مختلفة، من ضمنها الخارجية والاقتصاد والداخلية.
وأكد غريفيث أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية حصلت على وعود من طالبان بأنها ستنظر بإصدار مزيد من الاستثناءات للعاملات في المنظمة الدولية، بالإضافة إلى مجال الصحة والتعليم، والعاملات في المدارس للفتيات دون سن الـ12 عاماً.
وجاءت تصريحات غريفيث خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك، مع عدد من قادة تلك المنظمات الإنسانية والأممية.
وأوضح غريفيث: "لقد عبّرنا عن معارضتنا للمنع ضد عمل النساء، وعن أملنا بأن يجري التراجع عنه، ولكن في الوقت الحالي طلبنا أن يشمل الاستثناء مجالات إضافية (...) دعونا نرى ما إذا كانت طالبان ستصدر تلك الاستثناءات، وهل ستكون مفيدة للنساء (...) رسالتنا كانت واضحة، أن النساء مكون رئيسي في العمل بالمجال الإنساني، بالإضافة إلى أن لهن حقوقا ويجب أن يعدن إلى العمل، وفي هذا الصدد، نحن بحاجة لمواصلة العمليات الإنسانية في القطاعات الصحية والتعليمية، وتوسيع ذلك ليشمل قطاعات أخرى".
ومن جهتها، أكدت الأمينة العامة لمنظمة "كير الدولية"، صوفيا سبريشمان، أن "ثلثي الشعب الأفغاني، أي قرابة 28 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية، من بينهم 6 ملايين أفعاني على بعد خطوة من المجاعة"، مضيفةً أن "الأزمة فاقمتها ثلاث سنوات من ظروف شبيهة بالجفاف، وتدهور اقتصادي، وآثار 40 عاماً من الصراع، كما يواجه الأفغان أقسى شتاء خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، بانخفاض درجات حرارة إلى 29 درجة مئوية تحت الصفر في بعض المناطق (...) لقد أدى هذا البرد إلى فقدان العديد من الأرواح، كما رأينا في الأيام الأخيرة في الأخبار".
وشددت المتحدثة على أن الوضع مروع لجميع الأفغان، ولكن للنساء والفتيات على وجه التحديد، حيث يجعل التآكل المستمر لحقوقهن الوضع بالنسبة لهن ولأسرهن أسوأ بكثير. وتحدثت الأمينة العامة لمنظمة "كير الدولية" عن مقابلتها عددا من النساء اللواتي أتين إلى مراكز صحية بملابس ممزقة ودون أحذية في ظروف شتائية قاسية، وحدثنها عن أنهن ينمن كل ليلة بالجوع، كما شددت على أن ذلك غير مقبول، ويجب أن تستمر المساعدات، لافتةً إلى أن المنظمات الإنسانية المحلية والدولية تقوم بقرابة سبعين بالمئة من العمل الإنساني، وأن المنع (على عمل النساء في المجال الإنساني) غير مقبول ويؤدي إلى مزيد من خسارة الأرواح على الرغم من الاستثناءات.
إلى ذلك، قال نائب المديرة التنفيذية لليونيسف، عمر عبدي، خلال المؤتمر الصحافي نفسه، أنه وبالإضافة إلى الحظر، فإن الأمم المتحدة دعت "إلى الدمج الكامل للفتيات والنساء في الحياة العامة، خاصة في التعليم الثانوي العام والتعليم العالي، والأرقام مقلقة"، مضيفاً أنه "كان من المفترض أن تلتحق أكثر من مليون فتاة بالمدارس الثانوية، وقد خسرن الدراسة للسنة الثالثة على التوالي، بداية بسبب جائحة كورونا، ثم منذ سبتمبر/ من عام 2021، بسبب الحظر المفروض على الالتحاق بالمدارس الثانوية (من قبل طالبان)، ثم تحطمت آمال الفتيات والنساء الأفغانيات في التعلم والعمل مع الإعلان الأخير منذ ديسمبر/ كانون الأول، الذي يمنع النساء من الالتحاق بالجامعات ومراكز التعليم".
وتحدث النائب عن بعض المؤشرات الإيجابية، إذ إنه على الرغم من الحظر ومنع الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية، فإن "هناك ما يقدر بـ 200 ألف فتاة ما زلن يذهبن إلى المدارس الثانوية في حوالي 12 مقاطعة، كما تستمر المدرسات بالمدارس الثانوية بتلقي رواتبهن من سلطات الأمر الواقع (طالبان)"، مضيفاً أن "الرقم تضاعف خلال العام الماضي في عدد من فصول التعليم المجتمعي التي تجري في المنازل الخاصة والأماكن العامة، من 10 إلى 20 ألف فصل (...) يخدم هؤلاء حوالي 600 ألف طفل، 55 في المئة منهم من الفتيات، وتخدم هذه الفصول الأطفال الذين لم يسبق لهم أن ذهبوا إلى المدرسة من قبل، حيث تعثر الوصول إليهم بالماضي بسبب النزاع، هذه مؤشرات إيجابية".