نبّه ائتلاف حقوقي يضم منظمات وجمعيات مدنية في تونس، إلى خطورة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في المؤسسات التعليمية ومحيطها، على خلفية بيانات رسمية كشفت عنها وزارة التربية حول تسجيل حالات تحرش بأطفال داخل المدارس.
وحذّر الائتلاف الذي يضم نحو 6 جمعيات من "ممارسات مشينة وعنيفة مسلطة على النساء والفتيات ضحايا التحرش. هذه الظاهرة من شأنها المساس بكرامتهن، وبحرمتهن الجسدية، كما تعيق تمتعهن بحقوقهن، وممارسة حياتهن الطبيعية".
وكشفت وزارة التربية التونسية عن "وقوع 87 حالة اشتباه بالتحرش الجنسي بتلاميذ مدارس بين الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2018، ومارس/آذار 2019"، وأكدت "عزل 23 شخصا يعمل في المحيط المدرسي، بينهم مدرسون، وإداريون، وعمال، بسبب تورطهم في التحرش الجنسي، وطرد 21 شخصا في قضايا تحرش بالمؤسسات التربوية".
وأكد الإئتلاف الحقوقي في بيان، على "خطورة إفلات مرتكبي التحرش الجنسي من العقاب"، موضحا أنّ "نسبة الضحايا اللاتي لا يقمن بالتبليغ تصل إلى 97 في المائة طبقا لإحصائيات مركز البحوث والدراسات والتوثيق حول المرأة (كريديف)، وينبغي تشجيع الضحايا على التبليغ عن هذه الممارسات، والدفع نحو التشهير بمرتكبيها".
ودعت الجمعيات أجهزة الأمن والقضاء إلى التعامل الجدي مع قضايا التحرش والعنف الجنسي المسلطين على النساء، مع وجوب احترام القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية. وقالت عضو مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجلاء عرفة، إن المجتمع المدني رصد تنامي مظاهر وسلوكيات تهدد الأطفال في المحيط المدرسي، مشيرة إلى ضرورة زيادة المراقبة خارج أسوار المؤسسات التعليمية.
وأضافت عرفة لـ"العربي الجديد"، أن "المسؤولية مشتركة بين المجتمع المدني والإطار التربوي لمكافحة زيادة حالات التحرش والتنمر والعنف الممارس على الأطفال بمختلف أشكاله، وعلى وزارة التربية تكثيف الإحاطة النفسية عن طريق المختصين في مؤسساتها، ومراجعة مناهج الدراسة التي تمكن من زيادة الوقاية من كل مظاهر العنف المهددة للطفولة".
وأقرت وزارة المرأة والأسرة والطفولة بتعدد حالات الاعتداء على الأطفال في تونس، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية والجنسية التي تطاولهم داخل المحيط العائلي، مؤكدة على وجود مؤشرات حول تحقيق تقدّم في التبليغ عن حالات العنف التي تطاول الأطفال.
وأكدت وزيرة المرأة، نزيهة العبيدي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، تسجيل نحو 17 ألف بلاغ يتعلق بحالات تعرض الأطفال للعنف، لاسيما في الوسط العائلي، خلال سنة 2019، مقابل 5 آلاف بلاغ فقط في 2015.
ويوم 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت تونس الانضمام إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي (لانزاروت)، والتي تدخل حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2020، لتكون بذلك أول دولة من خارج الاتحاد الأوروبي تنضم إلى هذه الاتفاقية.
وتهدف اتفاقية (لانزاروت) التي تمّ الإعلان عنها في 12 يوليو/تموز 2007، إلى مكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال، ومنع استغلالهم، وتجريم استدراجهم للاعتداء عليهم جنسيا أو استغلالهم جسديا بالاعتماد على التكنولوجيا.