"لم تعد الاحتياجات المعيشية لذوي الإعاقة أثناء الحرب ذات أولوية خاصة على قائمة المنظمات الدولية، فكيف ستدعم تعليمهم!" كانت هذه كلمات حزينة للكفيف اليمني حسين الأرحبي الذي فقد بصره إثر إصابته بمرض في طفولته. كان حسين يعد نفسه محظوظاً للغاية بحصوله على سرير ومقعد دراسي في أحد المراكز الخاصة بتعليم المكفوفين في مدينة صنعاء.
يقول لـ "العربي الجديد": "أنهت الحرب ما كنت أحلم به في تحسين وضعي التعليمي، لكني أحاول تعويض ذلك ببرامج وأنشطة خاصة حتى تنتهي الحرب".
ويشعر الأشخاص ذوو الإعاقات بالإحباط إزاء ما وضعته الحرب أمامهم من عوائق إضافية حالت دون استمرار معظمهم في التعليم. فقد منعت تداعيات الحرب المختلفة مواصلة 2.2 مليون طفل (30 في المائة من إجمالي عدد الطلاب) الدراسة في مراحل التعليم الأساسي والثانوي خلال العام الماضي بحسب منظمات الأمم المتحدة.
يقول ناشطون حقوقيون إن المعوقين يشكلون جزءاً كبيراً من تلك النسبة، فقد حُرِم الكثير منهم من التسهيلات مثل المباني والمواد التعليمية المكيفة لإعاقاتهم والمعلمين ووسائل النقل التي كانت المنظمات المختلفة تعمل على توفيرها لضمان وصولهم وتوفير متطلباتهم الخاصة بالتعليم.
في تصريح لـ "العربي الجديد"، تقول منال الأشول رئيسة جمعية السعيدة للفتيات الصم بأن أكثر المناطق تأثراً كانت مدينة تعز التي تمزقها الحرب منذ أقل من 20 شهراً. وتؤكد "تم حرمان جميع الأطفال ذوي الإعاقة من الذهاب للمدرسة في تعز بسبب القصف المتكرر للمدينة وأزمة الوقود التي أوقفت كافة المدارس الخاصة بذوي الإعاقة لتصبح بعضها مخيمات للنازحين، منها مجمع صِينة التربوي والتي كنت أعمل فيها قبل أن أنزح خارج محافظة تعز".
وتتحدث الأشول عن نزوح أسر ذوي الإعاقة للأرياف بعد أن انتقلوا إلى لمدينة سابقاً من أجل تعليم أبنائهم في مدارسها، خصوصاً الصم والمكفوفين والتوحديين ممن كانوا يحصلون على الرعاية ويدرسون في مدارس ومراكز خاصة ذات معلمين مؤهلين وتجهيزات خاصة.
وكان من أسباب توقف تعليم معظم المعوقين توقف المراكز المتخصصة وتمويلات وإيرادات أنشطة الصندوق الاجتماعي للتنمية وصندوق دعم المعوقين اللذان كانا يدعمان هذا المجال بأشكاله المختلفة. يقول فهيم القدسي الأمين العام لجمعية رعاية وتأهيل المعاقين حركياً، كان صندوق المعاقين يدعم تعليم ذوي الإعاقة برسوم ومصاريف الدراسة وخاصةً في الجامعات والمدراس الأهلية. مضيفا بأن الصندوق "أوقف هذا الدعم لعدم توفر السيولة المالية اللازمة للدعم الذي كان يقدم ولشح الإيرادات التي كان يعتمد عليها الصندوق وهذا ما سبب ذلك على تعليم ذوي الإعاقة".
وفي السياق، توقف كثير من الأسر عن تعليم أبنائها المصابين بإعاقات مختلفة، بعدما تصاعدت نسب الفقر والاحتياج للسلع والخدمات المنقذة للأرواح مثل الغذاء ومياه الشرب والدواء. ويسوء وضع المعاقين في الريف بسبب انعدام التسهيلات الهندسية في المدارس والاحتياجات التعليمية الخاصة بهم. كما لا تزال أسر يمنية تحرم الفتيات المعاقات من التعليم بسبب استهتارها والمجتمع من جدوى تعليمهن.
وتعرض عدد من المراكز الخاصة بتأهيل المعوقين إلى التدمير من جراء المواجهات المسلحة كان أسوأها قصف دار للمكفوفين في صنعاء ما أدى إلى تدمير أجزاء واسعة منه.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت في وقت سابق أن الحرب الراهنة في اليمن أنتجت أكثر من 6 آلاف معاق جديد من اليمنيين ممن فقدوا أطرافهم رغم غياب أي إحصائيات دقيقة عن عدد المعاقين في اليمن، وكانت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" قد أشارت إلى أن ثلاثة ملايين من المعاقين يشكلون حوالي 12 في المائة من إجمالي سكان اليمن يواجهون تحدّيات متزايدة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية، ومنها التعليم.