برزت في الآونة الأخيرة، المقاومة الشعبية في قطاع غزة، بشكل كبير، وتربعت أحداثها في عناوين الصحف، وأخبار ارتقاء الشهداء وأعداد المصابين، وكيفية قمع قوات الاحتلال الشبان الذين خرجوا من كل مدن القطاع للتعبير عن أحقيتهم في الأرض المسلوبة منذ سنوات طويلة، بينما غابت عن الشاشة، أخبار الحراك الفلسطيني المتواضع أمام حراك غزة، في مدن الضفة الغربية المحتلة.
يرفض المحللون والخبراء، أن تتم مقارنة الضفة الغربية بقطاع غزة، مشيرين إلى أن فلسطين وحدة واحدة، وترفض التقسيم على حساب المناطق الجغرافية، لكنّ حراك غزة، كان واضحا من خلال المشاركة الشعبية الحاشدة والأساليب المستخدمة من قبل المشاركين، أنه أقوى من الحراك في الضفة الغربية المحتلة، رغم الفروقات الميدانية بين المكانين.
الناشط في المقاومة الشعبية، وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، خالد منصور، وهو أحد المشاركين الدائمين في الفعاليات التي تنظمها المقاومة الشعبية في مدن نابلس وطوباس بالضفة المحتلة، قال في حديث لـ"العربي الجديد": "لا يجب أن نقوم بمقارنة ما يجري في الضفة وغزة، فالمقاومة الشعبية في الضفة تجري منذ سنوات، واستطاعت من خلال فعالياتها أن توضح الصورة للعالم بأكمله بأن هناك شعباً تحت الاحتلال، وهناك عدو يخرج عن كل القوانين الدولية ويمارس الإرهاب بشكل يومي ضد شعب أعزل".
ويرى بأن غزة تخرج اليوم عن بكرة أبيها للمشاركة في مسيرات العودة، لتعبر عن رفضها للمحتل وإصرارها على حقها في أرضها المسلوبة، ولتجسد المقاومة الشعبية من خلال فعالياتها المستمرة منذ 30 آذار/ مارس الماضي، والجماهير الفلسطينية في غزة تطبق مفهوم المقاومة الشعبية من خلال المشاركة الحاشدة، مشيرا إلى أن التطور الكبير في غزة، يأخذ اتجاها آخر، فهي جرّبت الكفاح المسلح وإطلاق الصواريخ، وكان رد فعل الاحتلال دمويا بالقذائف الصاروخية، التي تقتل العشرات من الفلسطينيين خلال الحروب التي شنها على القطاع في السنوات الماضية.
ويشير إلى أن ما يجري الآن في القطاع يفضح جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يعرف سوى لغة القتل مع الشعب الفلسطيني، ويعريه أمام العالم ويبين لهم بأنه جيش الذبح والقتل باستخدامه المفرط للرصاص الحي الذي يطلقه قناصته على الشبان والأطفال وذوي الإعاقة وشرائح المجتمع الغزاوي المشارك في مسيرات العودة".
ويصف منصور المقاومة الشعبية بموج البحر، حيث تكون اليوم بمستوى مرتفع ثم تنخفض وتشتد في وقت لاحق، لكنه أكد على أن هذا الطريق أثبت أنه قادر على سلب الاحتلال قدرته في الإمعان بقتل الفلسطينيين أمام شاشات التلفزة العالمية، والتي تظهر للعالم إجرام جنود الاحتلال.
تميزت مسيرات القطاع، عن مسيرات الضفة بجماهيرية الحشود في ميدان المواجهة، إذ يستذكر منصور، يوم الجمعة الأولى لمسيرات العودة، والتي خرج فيها مع أعداد من الناس لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عند أحد الحواجز العسكرية في منطقة نابلس، وأعداد المشاركين لا تتعدى 500 شخص، واصطدموا مع جنود الاحتلال من مسافة أمتار قليلة، لكن المشهد في غزة كان مختلفا تماما، عشرات الآلاف كانوا يواجهون جيش الاحتلال بحجارتهم وصدورهم العارية.
القيادة الوطنية
يجمع المتحدثون، أن غياب القيادة الوطنية الموحدة في الضفة الغربية المحتلة، هو ما يشتت تركيز الفعاليات الوطنية، وهو ما يضعف الحشود الشعبية ويقلل من وجودها في الميدان بأعداد كبيرة تقف في وجه المحتل خلال المسيرات، على عكس القطاع، الذي انطلق في مقاومته الشعبية، تحت مظلة موحدة من الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية، تتشارك في إعلان وتنظيم وترتيب وتخطيط الفعاليات الشعبية، وهذا ما أعطاهم ميزة أن الجميع يشارك ويحاول إثبات نفسه فيها.
عضو سكرتاريا اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمار (BDS)، صلاح الخواجا، أكد من خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحدث النوعي الكبير والمشاركة الجماهيرية الواسعة تحت العلم الفلسطيني، سببهما الإرادة السياسية الموحدة والجامعة في قطاع غزة، والتي تدعو إلى الخروج في مسيرات شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، على عكس ما يجري بالضفة، فالأحزاب ذاتها في غزة لها امتداد بالضفة، ولكن لا وجود لدعوات موحدة فيها، إذ يغيب دورها في تجنيد الطاقات والإمكانات الحزبية ومقدراتها إلى هذا العمل الشعبي، وهنا تقع المسؤولية على عاتق الأحزاب بالأساس، فعدا عن الانقسام والتأثيرات الأخرى على تطور المقاومة الشعبية، فإن الأحزاب هي من يتحمل مسؤولية تجنيد الطاقات والقدرات كما يجري تنفيذه في القطاع حاليا.
يضيف: "نحن كلجان شعبية، نعمل على دعوة الفصائل والتنظيمات للمشاركة في حراك ما، تشارك فيه القوى، ولكن لا تنخرط بشكل كلي في الفعاليات"، مشددا على ضرورة حسم الموضوع سياسيا، ففي كل مرة يتم الإجماع من خلال المجلس المركزي على المقاومة الشعبية، كما تم الإجماع عليها في مؤتمرات القاهرة من قبل الفصائل، ولكن حتى الآن الموضوع على الأرض، وهناك تردد وتلكؤ ونخب ومجموعات واعتماد أكثر على مجموعات ولجان المقاومة الشعبية بالمناطق".
إجراءات الاحتلال وتقسيم الضفة
يلفت الخواجا إلى قضية يجب أخذها بعين الاعتبار، أنه على كل كيلومتر مربع في الضفة يعيش 500 فلسطيني، بينما يعيش 5400 شخص على كل كيلومتر مربع، وبالتالي إمكانية الحشد لوجود كثافة سكانية في أربع مناطق بغزة تكون الحشود مركزة وهادفة، أما في الضفة فالاحتلال يخطط لبناء 170 كانتون غير متواصلة مع بعضها، تفصل أنحاء الضفة عن بعضها بالإضافة إلى الحواجز وجدار الفصل الذي يشكل نظام أبارتهايد، لا بد أن يكون لها تأثير واضح، عدا عن الاعتقالات اليومية التي تنفذها سلطات الاحتلال، والقمع الذي يمارسه جنود الاحتلال، يؤثر بشكل سلبي على المقاومة الشعبية بالضفة.
كذلك، ففي فعاليات المقاومة الشعبية، وجوه المشاركين لا تتغير، فهم ذاتهم من يشاركون في فعالية يوم الأرض، ذاتهم من يشاركون بذكرى النكبة أو في أية فعالية أخرى، وربما ينقص عددهم بسبب الاعتقالات والملاحقة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يضعف هذه الفعاليات، ويبعد الناس عنها، بسبب الخوف من الاعتقال وما يفرضه الاحتلال على المتهمين بتنفيذ الفعاليات والتخطيط لها.
ظروف تطور المقاومة الشعبية في الضفة
يشير الخواجا إلى أن جزءا كبيرا من القوى السياسية الفلسطينية، لم تكن مقتنعة بأن هذا الشكل من المقاومة، حيث كان الاعتقاد في السابق على أن هذه المقاومة هي مقاومة مستوردة وناعمة وغير مؤثرة ولن تجدي نفعا في مقاومة الاحتلال، إلا أن تطورا مهما حدث خلال الاتفاقيات التي تمت خلال الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 2011، إذ أجمعت كل القوى على المقاومة الشعبية، كجزء من الاستراتيجية الوطنية.
الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المقاومة الشعبية
مضى على تاريخ المقاومة الشعبية الفلسطينية، أكثر من 11 عاماً، لكن أثر الانقسام الفلسطيني الداخلي، كان واضحا وجليا في التأثير السلبي عليها، من حيث المشاركة الشعبية، وردّات الفعل السلبية على العمل الجماعي والمشترك والموحد وحتى في التغيير والتأثير على القرار السياسي، وفق ما يقول الخواجا، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك استطاعت المقاومة الشعبية أن المستمر والذي حقق إنجازات على أرض الواقع كالحراك الشعبي شبه اليومي الذي كان في بلعين ونعلين والمعصرة أثناء بناء جدار الفصل العنصري، والذي تحول إلى حراك أسبوعي بعد الانتهاء من بنائه، بالإضافة إلى أن هذا النضال حقق في عدد من القرى إنجازا بإزاحة الجدار، وتحرير آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية.
وأكد أن هذه الاستمرارية في الحراك الشعبي، أظهرت للجميع أن المقاومة الشعبية ليست موسمية، بل هي مقاومة جدية، تؤثر وتغير، استطاعت أن تحقق إنجازات فتوى لاهاي التي كانت من أهم القرارات الدولية التي لها ارتباط بالموضوع الفلسطيني.
ويشير أيضا الخواجا إلى مسيرات فلسطينية خرجت بعشرات الآلاف في الضفة الغربية المحتلة، مثل المسيرة التي خرجت عقب إعلان "ترامب" مدينة القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك فيها ما لا يقل عن 15 ألف فلسطيني بالضفة، ومسيرة ضخمة شارك فيها نحو 25 ألف فلسطيني عند بوابة قلنديا شمال القدس المحتلة، والعديد من الأمثلة لما أنجزته المقاومة الشعبية، مشددا على أن هذه النماذج إذا ما كانت حاضرة في الحديث عن المقاومة الشعبية يكون هناك ظلم لتقسيم المناطق الجغرافية، وكأن هناك مناطق تعمل ومناطق أخرى لا تعمل.
السلطة الفلسطينية تقمع من يخرج عن نطاقها
الناطق باسم تجمع شباب ضد الاستيطان في مدينة الخليل، محمد زغير، أشار في حديث لـ"العربي الجديد": إلى أن بعض الإشكاليات التي تواجهها المقاومة الشعبية بالضفة، أن أي حراك ينظمه شبان خارج حدود السلطة الفلسطينية، يتم قمعه، كما جرى في الفعالية التي نظمها التجمع في ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي الأخيرة، ضمن الحملة الدولية الثامنة المطالبة بفتح شارع الشهداء، إلا أن الحكومة الفلسطينية أغلقت مسجد علي البكاء الذي تخرج منه المسيرات في الخليل، في محاولة لعرقلة الفعالية.
ولفت إلى أن هناك فرقا ما بين الضفة وقطاع غزة في المقاومة الشعبية، فالأخيرة بفصائلها وحكومتها دعمت المقاومة الشعبية بشكل كامل، بينما في الضفة تُقمع في بعض الأحيان إذا خرجت عن نطاق السلطة ومؤسساتها، مؤكدا ضرورة جمع الطاقات والقدرات الشبابية والعمل بشكل موحد تحت مقاومة شعبية موحدة وجامعة للكل الفلسطيني، أمام غطرسة الاحتلال وامتداده بالاستيطان وسرقة الأرض وقتل الفلسطينيين والتضييق عليهم.
يرفض المحللون والخبراء، أن تتم مقارنة الضفة الغربية بقطاع غزة، مشيرين إلى أن فلسطين وحدة واحدة، وترفض التقسيم على حساب المناطق الجغرافية، لكنّ حراك غزة، كان واضحا من خلال المشاركة الشعبية الحاشدة والأساليب المستخدمة من قبل المشاركين، أنه أقوى من الحراك في الضفة الغربية المحتلة، رغم الفروقات الميدانية بين المكانين.
الناشط في المقاومة الشعبية، وعضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، خالد منصور، وهو أحد المشاركين الدائمين في الفعاليات التي تنظمها المقاومة الشعبية في مدن نابلس وطوباس بالضفة المحتلة، قال في حديث لـ"العربي الجديد": "لا يجب أن نقوم بمقارنة ما يجري في الضفة وغزة، فالمقاومة الشعبية في الضفة تجري منذ سنوات، واستطاعت من خلال فعالياتها أن توضح الصورة للعالم بأكمله بأن هناك شعباً تحت الاحتلال، وهناك عدو يخرج عن كل القوانين الدولية ويمارس الإرهاب بشكل يومي ضد شعب أعزل".
ويرى بأن غزة تخرج اليوم عن بكرة أبيها للمشاركة في مسيرات العودة، لتعبر عن رفضها للمحتل وإصرارها على حقها في أرضها المسلوبة، ولتجسد المقاومة الشعبية من خلال فعالياتها المستمرة منذ 30 آذار/ مارس الماضي، والجماهير الفلسطينية في غزة تطبق مفهوم المقاومة الشعبية من خلال المشاركة الحاشدة، مشيرا إلى أن التطور الكبير في غزة، يأخذ اتجاها آخر، فهي جرّبت الكفاح المسلح وإطلاق الصواريخ، وكان رد فعل الاحتلال دمويا بالقذائف الصاروخية، التي تقتل العشرات من الفلسطينيين خلال الحروب التي شنها على القطاع في السنوات الماضية.
ويشير إلى أن ما يجري الآن في القطاع يفضح جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يعرف سوى لغة القتل مع الشعب الفلسطيني، ويعريه أمام العالم ويبين لهم بأنه جيش الذبح والقتل باستخدامه المفرط للرصاص الحي الذي يطلقه قناصته على الشبان والأطفال وذوي الإعاقة وشرائح المجتمع الغزاوي المشارك في مسيرات العودة".
ويصف منصور المقاومة الشعبية بموج البحر، حيث تكون اليوم بمستوى مرتفع ثم تنخفض وتشتد في وقت لاحق، لكنه أكد على أن هذا الطريق أثبت أنه قادر على سلب الاحتلال قدرته في الإمعان بقتل الفلسطينيين أمام شاشات التلفزة العالمية، والتي تظهر للعالم إجرام جنود الاحتلال.
تميزت مسيرات القطاع، عن مسيرات الضفة بجماهيرية الحشود في ميدان المواجهة، إذ يستذكر منصور، يوم الجمعة الأولى لمسيرات العودة، والتي خرج فيها مع أعداد من الناس لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عند أحد الحواجز العسكرية في منطقة نابلس، وأعداد المشاركين لا تتعدى 500 شخص، واصطدموا مع جنود الاحتلال من مسافة أمتار قليلة، لكن المشهد في غزة كان مختلفا تماما، عشرات الآلاف كانوا يواجهون جيش الاحتلال بحجارتهم وصدورهم العارية.
القيادة الوطنية
يجمع المتحدثون، أن غياب القيادة الوطنية الموحدة في الضفة الغربية المحتلة، هو ما يشتت تركيز الفعاليات الوطنية، وهو ما يضعف الحشود الشعبية ويقلل من وجودها في الميدان بأعداد كبيرة تقف في وجه المحتل خلال المسيرات، على عكس القطاع، الذي انطلق في مقاومته الشعبية، تحت مظلة موحدة من الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية، تتشارك في إعلان وتنظيم وترتيب وتخطيط الفعاليات الشعبية، وهذا ما أعطاهم ميزة أن الجميع يشارك ويحاول إثبات نفسه فيها.
عضو سكرتاريا اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمار (BDS)، صلاح الخواجا، أكد من خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحدث النوعي الكبير والمشاركة الجماهيرية الواسعة تحت العلم الفلسطيني، سببهما الإرادة السياسية الموحدة والجامعة في قطاع غزة، والتي تدعو إلى الخروج في مسيرات شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، على عكس ما يجري بالضفة، فالأحزاب ذاتها في غزة لها امتداد بالضفة، ولكن لا وجود لدعوات موحدة فيها، إذ يغيب دورها في تجنيد الطاقات والإمكانات الحزبية ومقدراتها إلى هذا العمل الشعبي، وهنا تقع المسؤولية على عاتق الأحزاب بالأساس، فعدا عن الانقسام والتأثيرات الأخرى على تطور المقاومة الشعبية، فإن الأحزاب هي من يتحمل مسؤولية تجنيد الطاقات والقدرات كما يجري تنفيذه في القطاع حاليا.
يضيف: "نحن كلجان شعبية، نعمل على دعوة الفصائل والتنظيمات للمشاركة في حراك ما، تشارك فيه القوى، ولكن لا تنخرط بشكل كلي في الفعاليات"، مشددا على ضرورة حسم الموضوع سياسيا، ففي كل مرة يتم الإجماع من خلال المجلس المركزي على المقاومة الشعبية، كما تم الإجماع عليها في مؤتمرات القاهرة من قبل الفصائل، ولكن حتى الآن الموضوع على الأرض، وهناك تردد وتلكؤ ونخب ومجموعات واعتماد أكثر على مجموعات ولجان المقاومة الشعبية بالمناطق".
إجراءات الاحتلال وتقسيم الضفة
يلفت الخواجا إلى قضية يجب أخذها بعين الاعتبار، أنه على كل كيلومتر مربع في الضفة يعيش 500 فلسطيني، بينما يعيش 5400 شخص على كل كيلومتر مربع، وبالتالي إمكانية الحشد لوجود كثافة سكانية في أربع مناطق بغزة تكون الحشود مركزة وهادفة، أما في الضفة فالاحتلال يخطط لبناء 170 كانتون غير متواصلة مع بعضها، تفصل أنحاء الضفة عن بعضها بالإضافة إلى الحواجز وجدار الفصل الذي يشكل نظام أبارتهايد، لا بد أن يكون لها تأثير واضح، عدا عن الاعتقالات اليومية التي تنفذها سلطات الاحتلال، والقمع الذي يمارسه جنود الاحتلال، يؤثر بشكل سلبي على المقاومة الشعبية بالضفة.
كذلك، ففي فعاليات المقاومة الشعبية، وجوه المشاركين لا تتغير، فهم ذاتهم من يشاركون في فعالية يوم الأرض، ذاتهم من يشاركون بذكرى النكبة أو في أية فعالية أخرى، وربما ينقص عددهم بسبب الاعتقالات والملاحقة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يضعف هذه الفعاليات، ويبعد الناس عنها، بسبب الخوف من الاعتقال وما يفرضه الاحتلال على المتهمين بتنفيذ الفعاليات والتخطيط لها.
ظروف تطور المقاومة الشعبية في الضفة
يشير الخواجا إلى أن جزءا كبيرا من القوى السياسية الفلسطينية، لم تكن مقتنعة بأن هذا الشكل من المقاومة، حيث كان الاعتقاد في السابق على أن هذه المقاومة هي مقاومة مستوردة وناعمة وغير مؤثرة ولن تجدي نفعا في مقاومة الاحتلال، إلا أن تطورا مهما حدث خلال الاتفاقيات التي تمت خلال الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 2011، إذ أجمعت كل القوى على المقاومة الشعبية، كجزء من الاستراتيجية الوطنية.
الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المقاومة الشعبية
مضى على تاريخ المقاومة الشعبية الفلسطينية، أكثر من 11 عاماً، لكن أثر الانقسام الفلسطيني الداخلي، كان واضحا وجليا في التأثير السلبي عليها، من حيث المشاركة الشعبية، وردّات الفعل السلبية على العمل الجماعي والمشترك والموحد وحتى في التغيير والتأثير على القرار السياسي، وفق ما يقول الخواجا، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك استطاعت المقاومة الشعبية أن المستمر والذي حقق إنجازات على أرض الواقع كالحراك الشعبي شبه اليومي الذي كان في بلعين ونعلين والمعصرة أثناء بناء جدار الفصل العنصري، والذي تحول إلى حراك أسبوعي بعد الانتهاء من بنائه، بالإضافة إلى أن هذا النضال حقق في عدد من القرى إنجازا بإزاحة الجدار، وتحرير آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية.
وأكد أن هذه الاستمرارية في الحراك الشعبي، أظهرت للجميع أن المقاومة الشعبية ليست موسمية، بل هي مقاومة جدية، تؤثر وتغير، استطاعت أن تحقق إنجازات فتوى لاهاي التي كانت من أهم القرارات الدولية التي لها ارتباط بالموضوع الفلسطيني.
ويشير أيضا الخواجا إلى مسيرات فلسطينية خرجت بعشرات الآلاف في الضفة الغربية المحتلة، مثل المسيرة التي خرجت عقب إعلان "ترامب" مدينة القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك فيها ما لا يقل عن 15 ألف فلسطيني بالضفة، ومسيرة ضخمة شارك فيها نحو 25 ألف فلسطيني عند بوابة قلنديا شمال القدس المحتلة، والعديد من الأمثلة لما أنجزته المقاومة الشعبية، مشددا على أن هذه النماذج إذا ما كانت حاضرة في الحديث عن المقاومة الشعبية يكون هناك ظلم لتقسيم المناطق الجغرافية، وكأن هناك مناطق تعمل ومناطق أخرى لا تعمل.
السلطة الفلسطينية تقمع من يخرج عن نطاقها
الناطق باسم تجمع شباب ضد الاستيطان في مدينة الخليل، محمد زغير، أشار في حديث لـ"العربي الجديد": إلى أن بعض الإشكاليات التي تواجهها المقاومة الشعبية بالضفة، أن أي حراك ينظمه شبان خارج حدود السلطة الفلسطينية، يتم قمعه، كما جرى في الفعالية التي نظمها التجمع في ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي الأخيرة، ضمن الحملة الدولية الثامنة المطالبة بفتح شارع الشهداء، إلا أن الحكومة الفلسطينية أغلقت مسجد علي البكاء الذي تخرج منه المسيرات في الخليل، في محاولة لعرقلة الفعالية.
ولفت إلى أن هناك فرقا ما بين الضفة وقطاع غزة في المقاومة الشعبية، فالأخيرة بفصائلها وحكومتها دعمت المقاومة الشعبية بشكل كامل، بينما في الضفة تُقمع في بعض الأحيان إذا خرجت عن نطاق السلطة ومؤسساتها، مؤكدا ضرورة جمع الطاقات والقدرات الشبابية والعمل بشكل موحد تحت مقاومة شعبية موحدة وجامعة للكل الفلسطيني، أمام غطرسة الاحتلال وامتداده بالاستيطان وسرقة الأرض وقتل الفلسطينيين والتضييق عليهم.