أثّر انتشار فيروس كورونا على سوق انتقالات اللاعبين بشكل ملحوظ، قبل عودة المسابقات المحلية في أوروبا لموسم 2020/2021، بعد أن تراجع حجم المصاريف المالية للأندية مع غياب المداخيل المعتادة من الإعلانات وبيع التذاكر إلى جماهير الفرق، وهو ما أسفر عن تباين واضح بين الدوريات الكبرى في "القارة العجوز".
وعلى عكس بقية الدوريات الأوروبية، بقي الدوري الإنكليزي وفياً لتقاليده وعاداته، بعد أن أثبتت أندية "البريميرليغ" قوتها المادية في الصفقات التي قامت بها حتى الآن، رغم التأثير الواضح لفيروس كورونا على الجميع، حيث صرفت بالمجمل ما قيمته 885 مليون يورو فقط من أجل الأسماء الجديدة التي حصلت عليها في "الميركاتو" الصيفي، أي بمعدل 43 مليوناً لكل فريق.
واستغلت الأندية الإنكليزية تساهل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في صرف الأموال لضم اللاعبين، استناداً للأضرار التي تسبّب فيها الوباء العالمي، إذ جاء تشلسي المتعطش للصفقات بعد عقوبة حرمانه من ضم لاعبين في فترتي "ميركاتو" كاملتين على رأس القائمة، بضمه نجوماً عالميين عبر صفقات تجاوزت 200 مليون يورو.
ولم يدخل ليفربول وتوتنهام وحتى مانشستر يونايتد بقوة إلى سوق الانتقالات، باكتفائها في ضم اسم أو اسمين كبيرين، بعد العجز المادي الذي أكّده مدرب ليفربول الألماني يورغن كلوب في أكثر من مناسبة، وإلا كانت الفاتورة أكبر بكثير مما أعلن عنه موقع "ترانسفير ماركت".
ومن المنتظر أن ترتفع القيمة المسجّلة قبل شهر من نهاية فترة الانتقالات، المقرّرة في 5 أكتوبر/تشرين الأول، علماً أنّ إنكلترا قد حقّقت تفوقاً على إيطاليا التي جاءت ثانية في ترتيب الدوريات الأكثر صرفاً خلال "الميركاتو" الصيفي.
كورونا خفّف المصاريف للنصف
وجاء انتشار فيروس كورونا ليحد من قيمة الصفقات بشكل رهيب مقارنة بما كانت عليه في آخر خمس سنوات؛ فرغم الفاتورة المرتفعة، إلا أن مصاريف الفترة الحالية هي نصف ما صرفته الأندية الإنكليزية في موسم 2017/18 الذي بلغت فيه القيمة الشرائية للاعبين (1.6) مليار يورو، وقبلها موسم 2015/16 الذي بلغت فيه (1.2) مليار.
وفضّل الكثير من الأندية التريث والاكتفاء بصفقات قليلة، بينما عمل كشافو المواهب في أندية أخرى على البحث في السوق لضم لاعبين بصفقات مجانية، وهم 12 لاعباً بينما انضم 7 منهم ولم يتبقَ سوى سنة في عقودهم من أنديتهم السابقة، ما يعني أن قيمة انتقالهم كانت ضئيلة.
79 لاعباً جديداً بمعدل شرائي ضئيل
وكشفت صحيفة "سبورتس" الإسبانية، أنّ الأندية الإنكليزية التي تلعب في الدوري الممتاز، قد حققت 79 صفقة، بمعدل 10.8 ملايين يورو لكل صفقة، وهي القيمة التي انخفضت لمجانية بعض الصفقات أو سعرها المنخفض، ما يعكس الظروف الاستثنائية التي تعيشها الفرق في إنكلترا والعالم منذ انتشار الوباء.
وفي موازنة بين قيمة المصاريف والمداخيل، تبين أن الأندية الإنكليزية تشتري أكثر مما تبيع، حيث جمعت من صفقات البيع التي حققتها 302 مليون يورو فقط، بينما صرفت على صفقاتها الجديدة 553 مليوناً، وهو ما جعل حجم الفوائد سلبياً، وبفارق بلغ 250 مليون يورو.
أبرز الصفقات
لعل أبرز صفقات "البريميرليغ" هذا الموسم كانت انتقال المهاجم الألماني تيمو فيرنر إلى فريق تشيلسي والتي كلفت حوالي 53 مليون يورو، وهو المهاجم الذي حضر من فريق لايبزيغ الألماني. وهناك أيضاً صفقة لاعب خط الوسط الهولندي دوني فان دي بيك الذي انتقل من عملاق هولندا أياكس أمستردام إلى فريق مانشستر يونايتد مقابل حوالي 45 مليون يورو.
كما أن توتنهام حصل على صفقة نارية بعد وصول المهاجم الويلزي غاريث بيل منتقلاً من فريق ريال مدريد الإسباني مجاناً، برفقة الظهير الإسباني سيرجيو ريغيلون الذي وصل إلى النادي بقيمة ناهزت الـ35 مليون يورو. هذا عدا عن وصول نجم خط الوسط الإسباني تياغو ألكانتارا إلى فريق ليفربول، من بايرن ميونخ الألماني مقابل حوالي 30 مليون يورو.
فارق ضخم مع الدوريات الأوروبية الكبرى
وسجّل "البريميرليغ" فارقاً مادياً كبيراً مع نظرائه بأوروبا، حيث حلّت إيطاليا ثانية بـ290 مليون يورو، وهو ما يبرز توجهات الأندية الإيطالية التي تعتمد على ضم صفقات بأقل مصاريف ممكنة، على غرار إنتر ميلانو الذي يركز على استعارة لاعبين أو استقدام نجوم في نهاية عقودهم على غرار الصربي المخضرم ألكسندر كولاروف، الذي قدم من صفوف روما.
وجاء الدوري الفرنسي ثالثاً على غير العادة، وذلك رغم اكتفاء نادي باريس سان جيرمان بالنجوم الذين يمتلكهم، وترقية بعض لاعبيه الشباب، حيث اختارت بعض الأندية المقبلة على مشاركة أوروبية، مثل نيس، عقد صفقات منخفضة الثمن، لكنها كانت كثيرة، وهو ما جعل "الليغ 1" تسجّل نفسها في الترتيب متفوقة على الدوري الإسباني.
وفضّلت الأندية الإسبانية اتخاذ نهج الاستثمار في نجومه ولاعبيه الشباب، عبر بيعهم، فتفوقت على الجميع، بما في ذلك إنكلترا وبفارق 63 مليون يورو من عملية البيع، إذ كان ذلك خيارها الوحيد بعد الصدمة الاقتصادية التي اضطرتها لخفض مرتبات اللاعبين تفادياً للإفلاس.