تدرس الأندية الأوروبية الكُبرى بشكل جيد عملية الدخول في سوق الانتقالات الصيفية المقبلة، في حال استمر تأثير فيروس كورونا عليها، ما يعني تواصل المُعاناة المالية، وعدم القيام بصفقات كبيرة، مثل رحيل مبابي عن باريس سان جيرمان إلى ريال مدريد.
ويعتمد ريال مدريد على هدوء عاصفة أزمة كورونا، والقضاء على الوباء العالمي قبل الصيف المقبل، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، لكن إدارة الفريق الإسباني غير مستعدة لدفع مبلغ مالي كبير للغاية مقابل الحصول على مبابي، بحسب ما ذكرته صحيفة "ماركا" الإسبانية.
بدوره اكتسب كيليان مبابي بعض الخبرة، من خلال التصريحات الموجهة التي بات يُطلقها حول مستقبل، وبخاصة أن ريال مدريد غير مُستعد لدفع راتبه الكبير، لذلك يعمل المهاجم الفرنسي على اتباع استراتيجية تجعله لا يخرج خاسراً في السباق، وبأن يبقى أحد أفضل اللاعبين في العالم.
وتحدث مبابي لوسائل الإعلام الفرنسية، قائلاً: "أنا الآن في فترة تفكير. لا أعرف ما الذي أريده لنفسي في السنوات المقبلة، حيث أريد أن أكون. أنا سعيد هنا، لكن لا أريد تجديد العقد، ولا المغادرة بعد عام".
لكن ما الذي يبحث عنه مبابي بهذه التصريحات؟ على الأرجح، يريد المهاجم شراء وانتظار معرفة النادي الذي يقدم مشروعاً أكثر موثوقية، بخلاف الراتب، خاصةً المشروع الرياضي والدور في الفريق.
ويبحث المهاجم الفرنسي الطموح للغاية عن نادٍ يمنحه دور القائد، وبخاصة أنه في ضوء الأزمة الاقتصادية نتيجة فيروس كورونا لن يظهر ذلك الأمر بشكل أوضح حتى نهاية الموسم الحالي، بالإضافة إلى أن باريس سان جيرمان بات يُغازل ميسي نجم برشلونة.
وظهر مبابي بتصريحاته الأخيرة بأنه قارئ جيد للوضع في ريال مدريد، بعد تراجع النتائج تحت قيادة زيدان، لذلك يعمل المهاجم الفرنسي على تأخير تقرير مصيره، حتى يقارن بين نتائج "الملكي" وباريس سان جيرمان في نهاية الموسم، مع رؤية المشاريع المستقبلة.
وأوضح مبابي دائماً رغبته في جميع تصريحاته الأخيرة بأنه يريد اللعب مع نادٍ قادر على تحمل تكاليفه المالية، وهذا الأمر ظهر بشكل جلي في سوق الانتقالات الصيفية عام 2019 مع ريال مدريد الإسباني.
ومع اهتمام باريس سان جيرمان بخدمات ميسي، والرغبة الواضحة التي أبداها نيمار بإعادة لم شمله بصديقه مرة أخرى، بدأ مبابي يُفكر ملياً بأن قدوم الأرجنتيني يعني رحيله عن الفريق في سوق الانتقالات الصيفية.
ولن تستطيع إدارة باريس سان جيرمان إعطاء رواتب ضخمة لميسي، ونيمار، ومبابي، الذي يطالب بعقده الجديد أن يحصل على 30 مليون يورو سنوياً، وبخاصة أن المدير الرياضي للفريق الفرنسي، ليوناردو، أبدى انفتاحه على الجلوس في مفاوضات مباشرة مع قائد برشلونة.
ويعلم مبابي أن إدارة باريس سان جيرمان تعتمد على نيمار، وتعتبره النجم الأول للفريق، مع عدم رغبتها بالاستماع للمطالب المالية الكبيرة للمهاجم مبابي، والرجاء من أي لاعب البقاء معها، لذلك أظهر كيليان استراتيجيته الجديد.
في تصريح مبابي الأخير أراد توجيه رسالة مشفرة لإدارة ريال مدريد، بأنني جاهز للرحيل عن باريس سان جيرمان، لكن أريد معرفة دوري الحقيقي معكم في المستقبل، وكيفية الإيفاء بمطالبي المالية.
ويدرك مبابي أن ريال مدريد مُهتم أيضاً بخدمات النرويجي هالاند، لذلك سارع إلى التعبير عن رأيه مباشرة، حتى تعلم إدارة "الملكي" بأنه يريد ارتداء القميص الأبيض، لكن أزمة كورونا المستمرة تُهدد الصفقة، ما يعني أنه من المحتمل بقاء المهاجم الفرنسي لموسم إضافي مع باريس سان جيرمان، والانتظار حتى انتهاء عقده في عام 2022.
لكن إدارة باريس سان جيرمان لا تريد الوصول إلى عام 2022، من دون الحصول على شيء من صفقة كيليان مبابي، لأنها تخشى رحيله بشكل مجاني، لذلك يعمل المدير الرياضي ليوناردو بشكل متوازن، حتى يضمن إرضاء جميع الأطراف، شرط عدم الخضوع للمطالب التعجيزية للمهاجم الفرنسي، الذي يريد راتباً سنوياً يقدر بثلاثين مليون يورو، وهذا أمر كبير للغاية في ظل أزمة فيروس كورونا، مع قيام جميع الفرق الأوروبية الكبرى بالجلوس مع نجومها من أجل تخفيض رواتبهم.
من ناحية أخرى، كان وجود المدرب الفرنسي زين الدين زيدان على رأس الجهاز الفني لنادي ريال مدريد أمراً مهماً لمبابي، رغم أنه ليس الحجة الوحيدة لارتداء قميص نادي ريال مدريد في المستقبل.
لكن المهاجم مهتم بكل ما يحدث في نادي ريال مدريد ويعلم أن المدرب الفرنسي زيدان ليس في أفضل حالاته، ولا الكيان أيضاً، في مشروع يحتاج إلى تغييرات وبيع عدد من اللاعبين في سوق الانتقالات الصيفية المقبلة للتعاقد معه.
ومع ذلك، لا يبدو أن هذا يخيف كيليان مبابي أيضاً، الذي لم يذهب إلى مدريد عندما غادر موناكو، بسبب خوفه الكبير من أن يطغى ويتفوق ويسرق النجومية منه كل من الويلزي غاريث بيل، والبرتغالي المخضرم كريستيانو رونالدو، ومواطنه كريم بنزيمة، الذين كانوا يقدمون أفضل الأداء مع "الملكي".
ربما سيأتي مبابي إلى نادي ريال مدريد في ظروف مختلفة للغاية عما كانت عليه قبل عدة سنوات، لأن "الملكي" يحتاج إلى "غالاكتيكوس" جديد، ثم هناك خيار ليفربول الإنكليزي، الذي أصبح في الصيف الماضي خياراً جاداً للمهاجم، بعد الرغبة الكبيرة التي أبداها المدرب الألماني يورغن كلوب، بالإضافة إلى الرسائل القوية التي وجهتها جماهير "الريدز" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع قيامها بالتعليق على الحسابات الرسمية للمهاجم الفرنسي تطالبه فيها بالقدوم إلى "آنفيلد".
وفي ضوء تحركات سوق الانتقالات الصيفية والشتوية الأخيرة، ليس هناك شك في أن الدوري الإنكليزي الممتاز هو أفضل من يقاوم وباء فيروس كورونا، ومشروع يورغن كلوب مع ليفربول يُغري مبابي أيضاً، وبخاصة الفلسفة وطريقة اللعب، لذلك يملك المهاجم الفرنسي عدة خيارات، واستراتيجيته بدأت بعد تصريحه الأخير، لكن اللعبة انطلقت منذ الآن.