حلّ أحد أساطير منتخب تونس وصاحب لقب كأس أمم أفريقيا عام 2004، المدرب المساعد لنادي سيركل بروج البلجيكي، راضي الجعايدي، ضيفاً على "العربي الجديد"، في حوار خاص تحدث خلاله عن موقفه من عديد الأمور المتعلقة بفشل منتخب بلاده في البطولة، ورأيه في مشاركة المنتخبات العربية في البطولة الأفريقية.
* كيف تقيّم مشاركة المنتخب التونسي في بطولة كأس أمم أفريقيا؟
مشاركة منتخب تونس لم تكن في المستوى المطلوب، الانتظارات كانت كبيرة جداً وكنا نتطلع في أضعف الإيمان لتجاوز الدور الأول. صحيح أن أفريقيا تطورت بشكل عام، لكن لا ننسى أن منتخب تونس كان موجودا في المستوى الأول للقرعة، وهو ما يعني أننا نشعر الآن بخيبة أمل كبيرة الآن، ورغم ذلك فإني لم أتفاجأ بهذه الخيبة، لأنها كانت نتيجة للمشاكل العديدة التي تعاني منها الكرة التونسية في الفترة الأخيرة، ونحن قادرون على حلّها إن شاء الله.
* من يتحمل مسؤولية هذه الخيبة؟
أعتقد أن المسؤولية يتحملها الجميع، من أعلى إلى أسفل الهرم الذي يضم جميع مكونات المشهد الكروي، وهي الاتحاد التونسي والجهاز الفني واللاعبون. لكن في مثل هذه الخيبات يجب أن نراجع أنفسنا وأن نقوم بتقييم شامل، وهذه مهمة المسؤولين الذين عليهم أن يمسكوا بزمام الأمور، وأن يتخذوا القرارات المناسبة من أجل مستقبل أفضل للمنتخب.
* هل تعتقد أن مرحلة بعض النجوم مثل المساكني ومعلول والخنيسي انتهت؟
مثلما قلت لك، التقييم وحده سيتيح لك اتخاذ القرارات بخصوص بعض اللاعبين، وما إن كان المنتخب يستحقهم في الوقت الحالي أم لا، وهل أن الحلول البديلة موجودة فعلاً؟ دائماً التقييم في الكرة التونسية لا يكون بناء، حيث إننا لا نخطط سوى لسنتين أو 3 فقط، وهذا ما تركنا في المستوى الذي نحن فيه الآن، أما بالنسبة لي فأعتبر أن لاعبي المنتخب عليهم مراجعة أنفسهم كذلك، وأعتقد أن المدرب الجديد والإدارة الفنية القادمة سيكون لديهم الحلول في هذا الموضوع.
* ما رأيك في اللجنة الاستشارية التي شكلها الاتحاد لاختيار المدرب الجديد؟
نقطة ضعف الاتحاد التونسي في هذا الموضوع تتمثل في غياب هيكلة إدارية أو فنية واضحة، حيث لم نسمع تماما أن هناك شخصا مكلفا باتخاذ القرارات التي تخص الأمور الفنية، وهو ما جعل الاتحاد يسلك خطوة تبدو غريبة علينا وهي تشكيل لجنة لاختيار المدرب الجديد. شخصياً لم أسمع بهذا من قبل وأعتبره قراراً غير سليم، ربما الاتحاد التونسي يعتقد أن هذه الاستراتيجية تمثل الحل، فبكل بساطة لأن وضعيته الفنية والإدارية غير واضحة، وهو ما يفسر التجاء المسؤولين لهذه الخطة.
* كيف تعلق على انسحاب بدرة وغميض وذويب من اللجنة؟
أحيي اللاعبين السابقين الذين قرروا عدم قبول هذه المسؤولية، لأن الخطوة التي سلكها الاتحاد تعتبر غير احترافية نوعا ما. بالنسبة لي يجب أن يكون هناك إدارة فنية تضم لجنة التعاقدات والاختيارات الفنية ويسيّرها أشخاص لديهم الخبرة، هم يختارون المدرب الذي يتماشى مع استراتيجية الاتحاد، سواء كان تونسياً أو أجنبياً فهذا لا يهم، لطالما أن الاختيار سيكون في هذه الحالة مبنيا على أسس علمية ومدروسة.
* هل تدخل ضمن قائمة المرشحين لخلافة جلال القادري؟
كلّا لم يفكر أحد في راضي الجعايدي، ولم يحصل أي تقارب بيني وبين مسؤولي الاتحاد التونسي لتدريب منتخب تونس، وأريد أن أشكر كل الأشخاص الذين طالبوا بالتعاقد معي، وفي نهاية الأمر فإن قيادة منتخب تونس تبقى شرفا وفخرا كبيرا بالنسبة لي.
* لماذا فشل منتخب المغرب في البطولة حسب رأيك؟
بالنسبة لي المغرب هو حالة استثنائية بين المنتخبات العربية لأنه كان من المرشحين للفوز باللقب، أعتقد أن النتيجة التاريخية لـ"أسود الأطلس" في بطولة كأس العالم 2022، سلطت ضغطاً كبيراً على الفريق، وقد ظهر ذلك على المدرب وليد الركراكي واللاعبين والمسؤولين في أمم أفريقيا، كما لا ننسى أن درجات الحرارة المرتفعة أثرت على الفرق العربية، لكن أرى أن المغرب لم يحسن التعامل مع أغلب المباريات ولم يستغل نقطة قوته التي تكمن أساساً في اللاعبين.
* ماذا عن مشاركة الجزائر في البطولة؟
حيّرني منتخب الجزائر، لأنه يملك منتخباً كبيراً، وهنا أتحدث عن اللاعبين، كما لاحظت أن المدرب جمال بلماضي كان متشنّجا أحيانا. عموما أعتقد أن الجزائر أضاعت البطولة بسبب إهدار 5 أو 6 فرص ثمينة في كل مباراة، وفي نهاية الأمر يكتفي بالتعادل أو يخسر اللقاء مثلما حدث ضد موريتانيا، وهذا يمثل نقطة استفهام بالنسبة لي، منتخب الجزائر يجب أن يراجع حساباته على مستوى طريقة اللعب وكيفية تعامله مع البطولات المجمّعة هذه.
* كيف تعلّق على خسارة مصر في الدور ثمن النهائي؟
خروج مصر كان متوقعاً نوعاً ما، فرغم أنهم يضعون الثقة دائما في المدربين الأجانب، فإن المشكل حسب رأيي يتمثل في تعويلهم على لاعب واحد وهو محمد صلاح وهو ما وضعه في مسؤولية كبيرة جدا، وقد شاهدنا الضغط الإعلامي المسلط عليه بعد تعرضه إلى الإصابة، أعتقد أن الفريق مطالب باقتسام الأدوار وبحسن التعامل مع مثل هذه البطولات، منتخب السنغال كذلك مرّ بنفس المشكل عندما عوّل على ساديو ماني بمفرده، قبل أن يتدارك ذلك ويعتمد على اللعب الجماعي وهو ما مكنه من التتويج بلقب كأس أمم أفريقيا سنة 2022.
* ما سبب تألق منتخب موريتانيا في بطولة كأس أمم أفريقيا حسب رأيك؟
أعتقد أن كل العرب عليهم مراجعة أنفسهم، ما عدا منتخب موريتانيا الذي استعد بشكل جيد للبطولة وخطط لهذا النجاح طيلة العشر سنوات الأخيرة، والنتائج التي حققها الفريق تدل على قوة التخطيط والتحضير والاستراتجيات، التي لا تتبعها بقية المنتخبات العربية في الوقت الحالي، وأتمنى أن يتدارك جميعهم في المستقبل، لأننا نمتلك المواهب والموارد البشرية لكن يجب أن نحسن استغلالها.