"فيفا" يواجه اتهامات بالهيمنة.. الدوري الإسباني والنقابات العمالية تشكو للمفوضية الأوروبية
استمع إلى الملخص
- عبّر ممثلو الدوريات الأوروبية عن استيائهم من توسعة نطاق المباريات الدولية، مشيرين إلى أن ذلك يضغط على اللاعبين ويهدد استدامة الدوريات. وأكدوا على ضرورة العمل بشفافية وتفاهم مع النقابات لوضع جداول المباريات.
- دافع "فيفا" عن موقفه، مؤكداً أن العوائد تعود بالفائدة على كرة القدم العالمية، لكن الانتقادات تستمر من الدوريات الأوروبية التي ترى أن "فيفا" يستغل موقفه لتحقيق مكاسب خاصة، مما يهدد العلاقات بين الجانبين.
يواجه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ضغوطاً متزايدة، بعد أن تقدمت رابطة الدوري الإسباني ورابطة الدوريات الأوروبية والنقابة العالمية للاعبي كرة القدم بشكوى رسمية ضده، لدى المفوضية الأوروبية، متهمين إياه باستغلال "الموقف المهيمن" على تنظيم جداول المباريات والمسابقات الدولية، خاصة في ما يتعلق بقراره إطلاق النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية في الصيف المقبل.
وكشفت صحيفة ماركا الإسبانية، اليوم الاثنين، أن بداية الخلاف تعود إلى عدم استشارة "فيفا" للجهات المعنية، مثل روابط الدوريات والنقابات العمالية، بشأن التغييرات في جدول المباريات الدولية، وهو ما دفع هذه الجهات لتقديم الشكوى ضد المنظمة الدولية، ومن بين أبرز القضايا، التي أثارت الجدل، إطلاق النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية، والتي من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على جدول المباريات الوطنية والدولية.
وأكدت الجهات المقدمة للشكوى، في بيان رسمي، أن "فرض (فيفا) قراراته، بشأن الجدول الدولي، يمثل انتهاكاً لقوانين الاتحاد الأوروبي، ويمثل استغلالاً للموقف المهيمن". وأشار البيان إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يجب أن يكون أكثر شفافية وموضوعية في اتخاذ قراراته، وأن يتجنب التحيز لتحقيق مصالحه الخاصة. وتُعد قضية كأس العالم للأندية واحداً من أبرز أسباب النزاع، فهذا الحدث، الذي يعتزم "فيفا" تنظيمه بمشاركة عدد كبير من الأندية من مختلف القارات أثار قلقاً واسعاً لدى الدوريات الأوروبية، التي ترى في هذا التوسع تهديداً لجدول مباريات الدوريات الوطنية، وأيضاً لصحة اللاعبين، الذين يعانون بالفعل جدولاً مزدحماً ومكثفاً.
وكان رئيس رابطة الدوري الإسباني، خافيير تيباس، واحداً من أبرز المعارضين لهذا القرار، إذ صرّح في مؤتمر صحافي، عُقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، قائلاً: "من غير المعقول أن يستمر (فيفا) في تجاهل الدوريات الوطنية والنقابات العمالية. نحن في أوروبا نعمل بشفافية وتفاهم مع النقابات لوضع جداول المباريات، ويجب أن يحدث الشيء نفسه على الصعيد الدولي". كما عبّر ممثلو الدوريات الأوروبية الأخرى عن استيائهم من قرارات الاتحاد الدولي، إذ قال مدير العلاقات الدولية في الدوري الإنكليزي الممتاز، ماثيو مورو: "اللاعبون يشعرون بضغط هائل بسبب الجدول المكثف. (فيفا) يواصل توسعة نطاق المباريات الدولية على حساب صحة اللاعبين، واستدامة الدوريات الوطنية".
على الجانب الآخر، دافع "فيفا" بشدة عن نفسه في مواجهة هذه الاتهامات، إذ أكد رئيسه السويسري، جاني إنفانتينو، في آخر مؤتمر للاتحاد الدولي، أن المنظمة ليست مسؤولة عن معظم المباريات الدولية، قائلاً: "فيفا ينظم فقط 1 بالمائة من مباريات الأندية الكبيرة في العالم، بينما تنظم الدوريات الوطنية والاتحادات المحلية باقي المباريات". وأشار إنفانتينو إلى أن العوائد التي يحققها "فيفا" من خلال تنظيم البطولات الدولية تعود بالفائدة على كرة القدم العالمية بشكل عام، وليس فقط على بعض الأندية الكبيرة. وأضاف: "مهمتنا في (فيفا) هي تنظيم الفعاليات والبطولات لتطوير كرة القدم على مستوى العالم. الكثير من الدول الأعضاء، والتي تصل نسبتها إلى 70 بالمائة، تعتمد على دعم الاتحاد الدولي لإبقاء رياضة كرة القدم حية في مجتمعاتها".
ورغم دفاع "فيفا" المستمر، لا تزال الدوريات الأوروبية والنقابات العمالية تشعر بأن الاتحاد الدولي يتجاهل مصالحها في تنظيم جداول المباريات، وتعتبر أن التوسعات المستمرة في البطولات الدولية ستضر بمصالحها على المدى الطويل. وجاءت انتقادات أخرى لـ "فيفا" على خلفية اتهامات بـ "النفاق"، حيث اتهمه بعض الدوريات بتنظيم فعاليات ومباريات ودية وجولات صيفية تستنزف اللاعبين، لكنه في الوقت نفسه ينتقد الدوريات لتنظيم جداولها بما يخدم مصالحها التجارية. ومن جانبه، أضاف تيباس: "فيفا يدير الأمور كما لو كانت المصلحة العامة هي ما يهم، لكن في الواقع، هناك مصالح تجارية بحتة. في الدوريات الأوروبية، نحتاج إلى جدول مباريات مستدام ومنصف لجميع الأطراف، بمن في ذلك اللاعبون الذين يعانون إرهاقاً مفرطاً بسبب المباريات المتزايدة".
ومع تصاعد التوتر بين "فيفا" والدوريات الأوروبية والنقابات العمالية، يبدو أن العلاقات بين الجانبين قد تصل إلى نقطة حرجة. فمن جهة، يصر "فيفا" على أن جداول المباريات الدولية ضرورية لتطوير كرة القدم عالمياً، وتوفير الموارد المالية اللازمة للدول الأقل حظاً. ومن جهة أخرى، ترى الدوريات الأوروبية أن "فيفا" يستغل موقفه المهيمن لتحقيق مكاسب خاصة على حساب صحة اللاعبين واستدامة البطولات الوطنية. ويتوقع أن تستمر هذه القضية لفترة طويلة، خاصة إذا ما استمرت "فيفا" في تجاهل الدعوات للحوار مع الدوريات الأوروبية والنقابات العمالية حول جداول المباريات. ومع تقديم الشكوى إلى المفوضية الأوروبية، قد تصبح هذه القضية واحدة من أبرز التحديات التي تواجه "فيفا" في السنوات المقبلة، ليس فقط على مستوى تنظيم البطولات، ولكن أيضاً على مستوى علاقاتها مع الجهات الفاعلة الرئيسة في كرة القدم الأوروبية.