لا أحد كان يشك قيد أنملة في أن المنتخب الفرنسي، حامل اللقب العالمي، كان مرشحاً فوق العادة للتتويج ببطولة أوروبا للأمم، فهو الأفضل والأقوي والأمهر، وخاصة الأكثر استقراراً على مستوى الإطار الفني بقيادة ديدييه ديشان.
ولكلّ من نسِيَ أن كرة القدم تبقي دائماً من العلوم غير الصحيحة، وترفض الخضوع إلى نظرية المنطق، جاء الفشل المدوي للمنتخب الفرنسي بفعل الجار السويسري، الذي كشف للجميع شدة التعالي الفرنسي في تلك المواجهة، ليسقط الديك من شدة الغرور.
وبقدر إيمان المنتخب السويسري بإمكانية الإطاحة بالفرنسيين، بقدر تكبّر زملاء رافائيل فاران، خاصة بعد أخذ أسبقية مريحة بثلاثة أهداف لواحد، لينكسر جبروت أحفاد نابليون بونبارت في ركلات ترجيح مضنية وعسيرة، زادتها مرارة إضاعة الركلة الحاسمة من طرف أفضل لاعب فرنسي في الوقت الراهن، كيليان مبابي.
وهكذا فوّت المنتخب الفرنسي على نفسه دخول التاريخ من بابه الكبير، بمعادلة الرقم القياسي للثنائي ألمانيا وإسبانيا المتوّجتين ثلاث مرات بأغلى الألقاب الأوروبية للأمم، تاركة الكأس في النهاية لإيطاليا الواقعية، التي أنست العالم خيبتها الأخيرة بفشلها في الحضور في مونديال روسيا 2018.
والأكيد أن الأيام القادمة قد تزعزع البيت الفرنسي من الداخل، في ظل كواليس تتحدث عن وصول محتمل لزين الدين زيدان إلى دكة تدريب الديوك، وما سينجرّ عنه من تغييرات أو ربما ثورة ضرورية لتغيير العقلية.
والتاريخ كان دائما شاهداً على انكسار عديد المنتخبات العملاقة في زمانها بفعل الغرور، والأمثلة عديدة كمنتخب المجر الكبير الذي خسر نهائي مونديال 1954 في سويسرا ضد ألمانيا الغربية. أو منتخب هولندا العظيم بقيادة الأسطوري يوهان كرويف، الذي خسر نهائي 1974 في مونيخ ضد ألمانيا الغربية، من دون أن ننسى منتخب البرازيل الرهيب في نسخة المدرب سانتانا، الذي إلى اليوم لم يصدق العالم خروجه عن طريق الأزوري الرائع في مونديال 1982 بإسبانيا.
في النهاية، ما على المنتخب الفرنسي إلا مراجعة نفسه والالتزام بالتواضع الكروي مهما كانت قوته، حتى ينجح من جديد في التربع علي العرش العالمي في قطر 2022.