"أحب اللعب في البرنابيو بقميص برشلونة، أشعر بفخر غير طبيعي في مثل هذه المواقف، مع صافرات الاستهجان ضدي، والشعور بأنني أقاتل من أجل نفسي قبل فريقي"، هكذا كانت تصريحات لويس إنريكي في زمن سابق، حينما انتقل من العاصمة إلى كاتالونيا، ولعب بألوان الأحمر والأزرق كلاعب ثم كابتن، والآن مدرب، يقود البلاوغرانا إلى انتصار تاريخي على حساب الريال، أربعة أهداف دون مقابل، في مباراة لا تتكرر كثيراً.
فعل برشلونة ما يريد بالملكي، وقدم أداءً تكتيكياً رفيع المقام تحت قيادة اللوتشو، المدير الفني الذي يعرض أواق اعتماده مرة أخرى، بعرض مختلف هذه المرة، وتوازن خططي مبهر أجبر منافسه بينيتيز على الاستسلام والخضوع لسيطرة الضيف الثقيل القادم لاحتلال ملعب برنابيو، في كلاسيكو عنوانه أكثر من مجرد ثلاث نقاط!
التوازن مفتاح
اختار لويس الرهان المثالي، ولم يلعب بميسي من البداية، مع التحول من 4-3-3 إلى 4-4-2، بتواجد رباعي صريح في المنتصف، سيرجي روبرتو، بوسكيتس، راكيتيتش، وإنيستا، مع الحفاظ على ثنائي الهجوم سواريز ونيمار، بالإضافة إلى الإبقاء على أفضل رباعي دفاعي ممكن، ألبا برفقة بيكيه، ماتشيرانو ثم ماتيو، وداني ألفيش.
في المقابل، غيّر رافا بيينتيز من قناعاته، وتخلى دون أي منطق عن خطة 4-3-3، في سبيل التحول إلى طريقة 4-4-2 الهجومية، بإبعاد كاسيميرو، خيسي، وفاسكويز من التشكيلة الأساسية، من أجل نجوم الشباك، خاميس رودريغز، غاريث بيل، كريم بنزيما، ليصبح شكل الريال داخل الملعب أقرب إلى 4-2-4.
يكمن الفارق في التوازن بين برشلونة الذي يلعب بخطوط مترابطة، مع تقارب شديد بين الدفاع، الوسط، والهجوم، عكس الفريق الملكي الذي ترك الثنائي كروس ومودريتش بمفردهما حول الدائرة، ليفشل أصحاب الأرض في صناعة أي فرصة حقيقية خلال النصف الأول من المباراة، وتنتهي القمة سريعاً بعد أقل من 45 دقيقة.
الفخ الناجح
أريد مدافعاً يمرر بامتياز، وإذا لم أجده، سأعمل على تحضير هذا المدافع، مع وضع نظام يساعد المدافع على التمرير والتحضير من الخلف، هذه هي سياسة الإدارة التقنية داخل نادي برشلونة في اختيارها لنوعية معينة من المدافعين، وذلك من أجل التحضير من الخلف، وبناء الهجمة بصبر وهدوء أمام مرماهم.
وخلال الكلاسيكو الأخير، قام برافو، بيكيه، وبوسكيتس بهذا الدور من خلال التمريرات العديدة بين الثلاثي داخل منطقة جزاء برشلونة، وذلك من أجل دعوة نجوم الميرينجي للضغط، كأسلوب استفزازي "مقصود" من طرف الإدارة الفنية، وهذا ما حدث بالنص، ليُجبر النادي الكاتلوني خصمه على الضغط السلبي في الثلث الهجومي، أكثر من لاعب مدريدي في منطقة جزاء برشلونة، لكن المفارقة أن الكرة ليست معهم، ولكن مع بيكيه ورفاقه!
نتيجة سياسة التحضير الخلفي من طرف برشلونة، أصبح الريال مقسماً إلى فريقين، فريق في الأمام وفريق آخر في الخلف، دون رابط واحد بينهما، فظهر كل من بيل، خاميس، رونالدو، وبنزيما في اتجاه، وظهر باقي الفريق في اتجاه آخر، لدرجة أن الفارق بين هجوم ودفاع الريال وصل إلى أكثر من 40-50 متراً، مسافة من المستحيل تغطيتها بواسطة الثنائي مودريتش وكروس.
المصيدة الهجومية
سمعنا كثيراً عن مصيدة التسلل الدفاعية، لكن الفرق الهجومية أخيراً تستخدم مصيدة أخرى في الحالة الهجومية، من خلال تحرك لاعب أو أكثر في الفراغات بين خطوط المنافس، وإنيستا ملك هذه الميزة في الآونة الأخيرة، من خلال تحوله سريعاً من الطرف إلى عمق الملعب، في المساحة بين ثنائي ارتكاز الريال وخط دفاعه.
لذلك حصل الدون الإسباني على كرات عديدة، بعد دعوة الريال للضغط على دفاع برشلونة، ومن ثم لعب تمريرة طولية مباغتة، في الأغلب من بوسكيتس إلى إنيستا، ليحصل الرسام على فراغ شاسع، يستطيع من خلاله بناء هجمة سريعة في نصف ملعب مدريد، دون وجود أي رقابة حقيقية.
اللاعب المختلف هو من يدعو الخصم للضغط، هو من يستفز منافسه، حتى يترك موقعه ويذهب إليه، هو القادر على جذب أكثر من لاعب ناحيته، حتى يعطي رفاقه المساحة المطلوبة، هذا ما يُعرف فنيا بفخ الضغط الهجومي، وإنيستا نفذ هذا الفكر بامتياز، لذلك حصل سواريز ونيمار على فرص أكبر، نتيجة تحركات إنيستا وذكائه الحاد في جذب انتباه دفاعات الملكي، فظهر الرقم 8 بدور البطل، وحقق برشلونة ثلاث نقاط غالية.
اقرأ أيضا..
الحدادي فعل في 13 دقيقة..ماعجز عنه الريال في 90دقيقة