تتوجه الأنظار في شهر يوليو/ تموز القادم نحو الجمعية العمومية الاستثنائية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم التي تعقد في العاصمة الاقتصادية البينينية كوتونو، ويُنتظر أن تختار رئيساً جديداً للاتحاد الأفريقي لكرة القدم خلفاً للرئيس الحالي، باتريس موتسيبي، الذي قرر الرحيل بعد نهاية عهده لأسباب خاصة، ما يفسح المجال أمام معركة كبيرة مرتقبة لخلافته.
وستكون المعركة بين جماعة حاولت ابتزازه لسنوات والسطو على الهيئة القارية مثلما فعلت مع سابقه الملغاشي، أحمد أحمد، وتسعى دون شك لتنصيب أحد رجالها للاستمرار في الهيمنة على الهيئة القارية بأساليب لم تعرفها من قبل، وبين جماعة أخرى تريد تخليص الكرة الأفريقية من الاختطاف الذي تعرضت له منذ رحيل الكاميروني، عيسى حياتو، وتحرير الاتحاد الأفريقي من الوصاية والممارسات السيئة.
واشتهر باتريس موتسيبي، في جنوب أفريقيا منذ أن أصبح مالكاً لفريق ماميلودي صنداونز، وجعل منه أحد أهم أندية الكرة الأفريقية في ظرف وجيز، كذلك عرف بكونه رجل أعمال كبيراً في أفريقيا تقدر ثروته بأكثر من ملياري دولار يحتل بها المركز الـ22 في قائمة أغنياء القارة السمراء، والسادس في جنوب أفريقيا.
وهو يملك في بلده وخارجه مجموعة من شركات المعادن والمناجم، وخصوصاً الذهب، لكنها تعرضت لخسائر فادحة خلال الثلاث سنوات الماضية بسبب انشغاله برئاسة الاتحاد الأفريقي عن إدارة أعماله الخاصة، ما دفعه إلى اتخاذ قرار الرحيل، خصوصاً بعد أن تعرض لمحاولات ابتزاز، واكتشف ممارسات وألاعيب على مستوى الكرة الأفريقية والعالمية أرادت أن تجعل منه مجرد أداة لتنفيذ أجندات اتحادات أفريقية وشخصيات فاعلة شوهت الكرة الأفريقية.
وتسعى بعض الاتحادات الأفريقية المنتفعة من فترة رئاسة أحمد أحمد سابقاً وباتريس موتسيبي حالياً، جاهدة لإقناع الرجل بتغيير رأيه والترشح لفترة ثانية حفاظاً على مكاسبها، وتعمل في الوقت نفسه على البحث عن خليفة يسمح لهم بمواصلة الهيمنة والحفاظ على مواقعهم، سواء على مستوى اللجنة التنفيذية، أو على مستوى لجان المالية والتحكيم والمسابقات، التي تحولت إلى لجان دعم لبعض الاتحادات، وأدوات لتصفية الحسابات مع البعض الآخر. وهو الأمر الذي انتبه له موتسيبي، ودفعه مثلاً إلى تأجيل التصويت على الدول المستضيفة لبطولة كأس أمم أفريقيا الثلاثة القادمة إلى غاية عقد الجمعية الانتخابية في شهر يوليو/ يونيو المقبل وإمكانية تغيير القناعات والمعطيات الموجودة اليوم.
وإصرار موتسيبي على الرحيل وهو غاضب من بعض أعضاء مكتبه ورؤساء لجانه ومن أرادوا ابتزازه، يجعل أمر خلافته مفتوحاً على كل الاحتمالات، خصوصاً أن الكثير من الاتحادات الأفريقية متذمرة من الوضع الراهن وتريد تغييره، وعليه تعمل بدورها منذ مدة على تحضير مرشحها الذي سيُعلَن قريباً، خصوصاً بعد أن أدركت أن الهيئة القارية لم تعد كما كانت لكل الأفريقيين.
وبعد أن دخلت عليها أساليب وممارسات مشبوهة أدت إلى الإخلال بالتوازنات، وتفكيك أسرة كروية كانت متلاحمة وموحدة ومنسجمة بين كل أعضائها الذين كانت لهم كلمتهم في اختيار رئيس "فيفا"، قبل أن يفقدوا سلطاتهم وصلاحياتهم في تعيين رئيسهم ونوابه وأعضائه ورؤساء لجانه، ويفقدوا سلطتهم في اتخاذ القرار الذي أصبح يخضع لأساليب لا أخلاقية ولا رياضية.
في المقابل، توحي كل المؤشرات بأن مقاطعة كل هذه الممارسات السيئة داخل الاتحاد ستحدث لا محالة، وسيعود كل شيء كما كان من خلال رئيس جديد تختاره أسرة كرة القدم الأفريقية بحرية وقناعة، ويُعيد للاتحاد الأفريقي سيادته وسلطته بعيداً عن كل المشاكل السابقة والابتزازات.
ورغم نظافة موتسيبي من كل أنواع الفساد، الأمر الذي يشهد له به كل من عرفوه، إذ يكفي أنه تبرع قبل عشر سنوات بنصف ثروته للفقراء والمساكين، وأنفق بلا حدود على فريق ماميلودي صنداونز الذي يرأسه، وأغلب سفرياته في إطار مهامه على رأس "الكاف" يستخدم فيها وسائل النقل الخاصة؛ فإنه لم يعد قادراً على تسيير أمور الاتحاد الكروي كما يجب، في ظل صراعات وممارسات بين الأعضاء والهيئات انعكست على الانسجام داخل الأسرة الكروية الأفريقية.