بعد أيام معدودة من توليه مسؤولية تدريب نادي باريس سان جيرمان، يبدو المدرب الفرنسي كريستوف غالتييه في وضع لا يحسد عليه مع لجنة المربين والمدربين التابعة للاتحاد الفرنسي لكرة القدم التي رفضت تسجيل واعتماد عقده الجديد مع الفريق الباريسي، حسب يومية "ليكيب" المختصة، بسبب عدم تحيين شهادته وتطابقها مع متطلبات اللجنة الفنية التي تشترط عند تسجيلها لعقود المدربين شهادات إعادة رسكلة وتكوين متواصلة ملزمة للجميع في فرنسا مهما كانت أسماؤهم وصفاتهم وتاريخهم ورصيدهم العلمي والفني والمهني، وهو الأمر الذي يميز الاتحاد الفرنسي عن غيره من الاتحادات في أوروبا والعالم. ويقتضي من كريستوف غالتييه حل الإشكال في أسرع وقت، على الأقل من خلال توقيع التزام يفرض عليه المشاركة في دورة تكوينية بداية شهر سبتمبر القادم إذا وافقت اللجنة الفنية للمدربين، بينما سيضطر فريق باريس سان جيرمان للبحث عن مدرب آخر في حالة رفض الحل المؤقت.
كريستوف غالتييه الذي انتقل بداية الشهر الماضي من نادي نيس إلى باريس سان جيرمان هو واحد من أحسن المدربين في فرنسا، إن لم يكن أحسنهم في الوقت الراهن، تألق مع سانت إيتيان لثمانية مواسم بين 2009 و2017 ، ثم ليل لأربعة مواسم انتزع فيها لقب الدوري الفرنسي قبل موسمين من باريس سان جيرمان، ثم اكتفى بموسم واحد مع نيس السنة الماضية، قبل أن يلتحق بالفريق الباريسي ويتوّج معه منذ أيام بأول ألقابه، عندما فاز على نانت في نهائي كأس الأبطال الفرنسي، وتمكّن في شهره الأول من إعادة تحفيز البرازيلي نيمار دا سيلفا والأرجنتيني ليونيل ميسي، وترتيب بيت كان مهدداً بالانهيار في عهد ماوريسيو بوكيتينيو الذي أخفق في اجتياز دور الثمانية في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وأخفق في تسيير نجوم الفريق والتعامل مع الضغوط الإعلامية والجماهيرية الكبيرة التي لم تعد ترضى بالتتويجات المحلية.
بغض النظر عن رفض أو قبول مقترح الالتزام بالمشاركة في دورة إعادة التأهيل، فإن الرفض المؤقت لتسجيل العقد الجديد للمدرب كريستوف غالتييه يعتبر لدى الفرنسيين قاعدة ملزمة لكل المدربين كلّ ثلاثة مواسم، حتى لو تعلق بأسماء معروفة بسيرها الذاتية الثرية ورصيدها الفني المشهود له، لإلزام كلّ المدربين بالتكوين وإعادة التأهيل كل مرة، تماشياً مع متطلبات الكرة الحديثة والفكر الكروي الفني والتكتيكي الذي جعل من فرنسا قطباً كروياً كبيراً في مجال تكوين المدربين واللاعبين وتنمية قدراتهم وثقافتهم الكروية التي مكّنت اللاعب الفرنسي من التألق في أقوى الدوريات الأوروبية، وسمحت لفرنسا بالتتويج مرتين بكأس العالم مع مدربين فرنسيين، هما إيمي جاكي وديدييه ديشان، والفئات السنية من تتويجات أوروبية وعالمية عديدة عبر التاريخ.
مقتضيات ومتطلبات المديرية الفنية الفرنسية للمربين والمدربين الفرنسيين تستوقفنا لإسقاطها على نجوم سابقين تحولوا إلى مدربين في أفريقيا وآسيا والوطن العربي دون شهادات تؤهلهم لولوج عالم التربية والتكوين في مجال الكرة، اعتقاداً منهم بأن رصيدهم الكروي يكفي ليجعل منهم مدربين يحق لهم تدريب منتخبات بلدانهم دون تأهيل وتكوين أو إعادة رسكلة مرحلية، كما هو الحال في فرنسا وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يشترط الحصول على إجازة مدرب، والمشاركة في دورات تدريبية كلّ موسمين أو ثلاثة حتى يسمح لهم بمواصلة مزاولة مهنة تتطور وتتغير بتغير الأجيال والأزمنة، استناداً لأفكار وقيم وقواعد ومبادئ تتطلب من الجميع أن يتأقلم معها ليمارس مهنة كادت تتحول إلى علوم دقيقة، في زمن لم يعد يستند فقط إلى التجربة والرصيد الكروي، بقدر ما يعتمد على خبرات ومؤهلات نفسية وفنية وتكتيكية وعلمية لمواجهة كل التحديات.
آخر المعطيات تشير إلى أن كريستوف غالتييه التزم بالاقتراب من المديرية الفنية الفرنسية لتسوية وضعيته الفنية خلال فترة التوقف الدولي لشهر سبتمبر القادم، وإلا سيرفض عقده الجديد مع باريس سان جيرمان الذي سيكون مطالباً بالبحث عن مدرب جديد لن يجده بسهولة في سوق المدربين الحالي.