إذا عُدنا إلى كرة القدم في العصر القديم، سنجد الأدوار الكلاسيكية لكل لاعب على أرض الملعب. مثلاً الحارس هو حارس، لاعب خط الوسط للوسط والمهاجم لكي يقف أمام المرمى ويُسجل الأهداف. كرة القدم بسيطة بمراكزها، لكن ما هو موجود في كل مركز وبين أدوار كل مركز، أكبر بكثير.
النجاح الأكبر لأي مدرب هو الربط بين جميع الخطوط، والقدرة على تحريك مجموعة وفقاً لرؤية واحدة وأسلوب فني يتناسب مع كل مباراة. زيدان مثلاً، قادر على خلق ظروف تُناسب فريقه هو، لأنه يعرف جيداً كيف يستغل نقاط ضعف منافسيه. والأهم أنه يملك العناصر التي تُجيد خلق ما يريده.
أن تخلق رابطاً قوياً أشبه برابط عائلي بين حارس مرمى قوي يحمي المرمى، بحجرين في خط الوسط يفعلان أي شيء تريده من أجل الكرة (دفاعياً وهجومياً)، ومهاجم كان وفياً صادقاً وقدم كل ما يملك من أجل الفريق ومن أجل زيدان، وفي المباريات العظيمة طبعاً ستعرف قيمة هؤلاء جيداً، هو رباعي النجاح حتماً.
بداية هذا الرباعي هو تيبو كورتوا. حارس لا يخذل زيدان خصوصاً في المباريات الكبيرة، نسبة تصدياته هي 80%، ومعدل الأهداف في مرماه (0.77). حارس ظهر في القمم الكبيرة وأثبت أنه حمى مرمى زيدان وساهم بصناعة الانتصارات، وهذا هو الأهم بكل تأكيد.
توني كروس، لاعب خط الوسط الذي أينما وضعه زيدان في الوسط صنع الفارق. يقف على الكرة خلف الجميع، يرفع رأسه، يختار دائماً المساحة ويصيبها بدقة. تمريراته الطويلة قاتلة وحاسمة، تارةً بتغيير جهة اللعب وتارةً بكسر الخطوط خلف الظهر، ووضع المهاجم أمام المرمى.
يملك زيدان لاعبَ خط مُتكاملاً مهارياً في التمرير والسيطرة على خط الوسط بأكمله وهو لوكا مودريتش. مثلاً لو احتجت إلى تمريرات قصيرة ستجد مودريتش قريباً، إذا احتجت إلى تمريرات طويلة خلف ظهر الدفاع عليك بمودريتش، إذا احتجت إلى تمريرات "Risky Pass" عليك بمودريتش، زيدان لا يمل مثل هذا اللاعب في الوسط.
مودريتش، قادر على الهروب من الضغط دائماً، خطواته معروفة في مثل هذه الحالات: يتقدم بالكرة، يتخلص من لاعب، يضغط عليه لاعبان أو ثلاثة، يُمرر نحو اللاعب في المساحة، أو خلف ظهر الدفاع في المساحة. لاعب خط وسط "ساحر" يجد دائماً الحلول للتخلص من الكرة بأناقة وذكاء.
كريم بنزيمة آخر لاعب في رباعي زيدان القوي، والذي يُنهي الربط بين كورتوا مروراً بمودريتش وكروس وصولاً إليه. مهاجم رأس حربة غير تقليدي، فبنزيمة أهم عنصر في تشكيلة زيدان، لسبب واحد أن تحركاته تُغير الكثير، وتُجبر المنافس على الفوضى وارتكاب الأخطاء وترك المساحات.
لو راقب أحد بنزيمة مثلاً، سيجده تارةً يعود للوراء للاستلام والتسليم، تارةً في عمق المنطقة كرأس حربة صريح، وتارةً يستلم على الطرف لفتح المساحات أمام الأجنحة والقادمين من الخلف. بنزيمة ذكي جداً وزيدان طوّر هذا الذكاء بمنحه أدواراً هجومية تقلب الطاولة دائماً.