في قمة برشلونة ومان سيتي... الكثرة تهزم الشجاعة

19 مارس 2015
+ الخط -

"توقعت أن السيتي الليلة سيكون مندفعاً للهجوم أكثر، لذلك قمنا بحد خطورتهم عبر الاستحواذ وحرمانهم من الكرة". هذه الكلمات كانت افتتاحية لويس إنريكي، خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمباراة بارسا ومان سيتي، وعباراته توضح الطريقة التي بدأ بها برشلونة المباراة، بالحفاظ على نفس التشكيلة الأساسية، ومحاولة كسر هجمات الخصم من البدايات، قبل الوصول إلى مرمى تير شتيجن، معتمداً على نتيجة الذهاب في إنجلترا، والخروج فائزاً في الجولة الأولى.

لقاء المدربين
عكس أغلب التوقعات، بدأ بليجريني المباراة متحفظاً، وفضل الاستغناء عن تكتيكه الخاص بالثنائي الهجومي، في سبيل تقوية الوسط والوصول إلى صيغة مناسبة تساعده على الوقوف ضد نجوم كاتالونيا، لذلك جلس دجيكو على الدكة، وبدأ توريه بجوار فرناندينيو، مع مساندة ميلنر اللاعب المميز دفاعياً، وترك العمل الهجومي بين أقدام الثلاثي المتقدم، سيلفا، نصري، والأرجنتيني كون أجويرو.

لذلك كانت اللعبة بين 4-3-3 صريحة لبرشلونة، و 4-4-1-1 التي تتحول إلى 4-2-3-1 بالنسبة للسيتي، بتمركز سيلفا كلاعب وسط ثالث وصانع لعب من العمق، خلف المهاجم الوحيد، وبين ثنائي الأطراف، بينما حافظ الأحمر والأزرق على نسقه، بوجود ميسي كلاعب حر، مع دعم ثلاثي الارتكاز دفعة واحدة، وصار الرهان على أسماء الخط الهجومي.

معاناة الضيوف
اعتقد الجميع أن الصراع سيكون خاصا بمنطقة المنتصف، خصوصاً حول فكرة الاستحواذ والسيطرة على الكرة، وفي سبيل هذه النقطة، لعب كل فريق بأكبر عدد ممكن من اللاعبين في المنتصف، لكن العبرة في النهاية كانت بالفريق صاحب نصيب الأسد من صناعة الفرص خلال التسعين دقيقة، لأن الحيازة طوال المباراة 58% لبارسا مقابل 42% للسيتي، أي هناك تقارب واضح في الحفاظ على الكرة.

عانى الفريق الإنجليزي من سلبية بناء الهجمات، بسبب التكتيك المعتمد من المهندس الشيلي، خصوصاً في وضع سيلفا بالعمق، لأن الإسباني حرم زملاءه تماماً من القطع إلى الأمام نتيجة تمركزه الخاطئ، وأبسط مثال على ذلك تحركات الإيفواري توريه. يايا يعتبر لاعب وسط غير تقليدي، نصف ارتكاز ونصف وسط مهاجم، وكلما حاول القيام بالانطلاقات من الدائرة إلى منطقة الجزاء، اصطدم بزميله سيلفا، لذلك قلت فرص الفريق الضيف، بل انعدمت خلال الشوط الأول.

ذكاء أصحاب الأرض
أما برشلونة فاستفاد كثيراً من أسلوب التمركز الذكي الذي جعل ميسي يخطف كل اللاعبين في لقطة الهدف، ويستفيد راكيتتش من الفراغ في عبور منطقة الجزاء، وتسجيل لقطة رائعة. يقول بيب جوارديولا الحاضر في المدرجات خلال حوار قديم مع الصحافي بيرارنو، "لا تصدق أبداً كلمة التيكي تاكا، إنها كلمة إعلامية بحتة، الفريق الناجح من يستطيع خلق الفراغات، بنقل الكرة من زاوية إلى أخرى، بغية تحريك الخصم، وتركه فراغات في مناطقه الخطيرة".

وهذا ما فعله البلاوجرانا بالنص خلال معظم هجماته، تبدأ الهجمة في جانب ما من الملعب، ثم يتم التركيز على منطقة معينة، ومن ثم يتم ضرب الدفاعات بتمريرة مباغتة في الجانب الآخر، لذلك وصل نيمار وسواريز وراكيتتش إلى الأمتار الأخيرة في أكثر من محاولة، من دون أي تفاعل من جانب حامل لقب "البريميرليج" الذي ظهر وكأنه يلاقي برشلونة للمرة الأولى في تاريخه.

سدد برشلونة كرات ضعف ما سدد سيتي، ووصل لاعبوه بكل أريحية إلى الأمام، وفشل تماماً مانويل في إيجاد الحل، خصوصاً أن سمير نصري قدم أسوأ مستوى ممكن له، بالإضافة إلى عدم قدرة الثنائي "توريه-فرناندينيو" على القيام بدور لاعب الارتكاز الدفاعي، حتى شاهدنا ميسي يتجول في كامب نو بمفرده.

التغييرات
قرأ أنريكي المباراة من البداية بطريقة صحيحة، وتأخر كثيراً في التفاعل مع المجريات خلال الشوط الثاني، وترك خصمه بليجريني يعود من الباب الضيق، ربما لم تكتمل العودة لكن السيتي ظهر بصورة الند أمام برشلونة في الأمتار الأخيرة من عمر المواجهة، خصوصاً بعد تغييرات الضيوف، بخروج نصري ونزول نافاس، ثم الرهان على فكرة الثنائي الهجومي، بإشراك بوني محل مواطنه توريه، والتحول إلى 4-4-2 الهجومية، ومنها وإليها عاد الإنجليز.

تأخرت تغييرات برشلونة حتى آخر خمس دقائق، وركز السيتي على الأجنحة وبالتحديد أسفل الأطراف، نافاس وسانيا من جهة، كولاروف وسيلفا من جهة أخرى، ومع تأخر ارتداد مهاجمي برشلونة، ونفاد بطاريات راكيتتش وانيستا، تضاعف الحمل على الأظهرة، ووجد الثنائي ألبا وألفيش تياراً شديداً من الهجمات، وخلق موقف 1 ضد 1 في بعض الأحيان، لكن رعونة الهجوم البريطاني وثبات الدفاع البرشلوني أنهيا كل شيء، حتى ضاعت ضربة الجزاء التي قضت على رفاق أجويرو من الوريد إلى الوريد.

القلب الشجاع
تصدى الحارس الإنجليزي جو هارت لعشرة تصديات خلال المباراة، وكان النجم الأول بلا منافس بالنسبة للسيتي، لأنه لم يكتف بالوقوف أمام مرماه وانتظار الهجمات، بل فاجأ نجوم برشلونة في أكثر من مناسبة، وخرج من مرماه في شجاعة يُحسد عليها، لدرجة أن جميع وسائل الإعلام ركزوا عليه بعد انتهاء المقابلة، رغم خروج فريقه وهزيمته ذهاباً وإياباً.

كل التقدير في النهاية لثلاثي برشلونة الهجومي، صحيح أن الفريق لم يعد صاحب الكلمة الأولى بالقارة العجوز، وبكل تأكيد ابتعد قليلاً عن الصدارة في المراهنات الأوروبية، وانقلبت موازين القوى لتدخل أندية أخرى على الخط وتغيّر قواعد اللعبة، لكن لا يزال هذا الفريق قادراً على مباغتة خصومه، ويبقى الرهان على ضبط عملية الدفاع من دون كرة، وتوفير أكبر غطاء خلفي مقدم من لاعبي المنتصف والدفاع، من أجل شيء واحد يهدف له لوتشو، ألا وهو حرية مثلث الرعب، الكل يبذل أقصى ما يملك، حتى يتألق الـ MSN.