نجح العرب في لعبة كرة اليد في فرض أنفسهم، وصنعوا لها شعبية جماهيرية في بلدان لم تكن تعشق سوى كرة القدم، ولا يلاحق مشجعها سوى نجم المستطيل الأخضر لسنوات حتى كتبت الألفية الثالثة تحديدًا ظهور مارد رياضي جديد، لتصبح كرة اليد اللعبة الشعبية الثانية بشكل عام، بفضل النتائج المميزة التي حققها العرب في رحلة كفاح كبيرة.
ومع انطلاق منافسات مونديال الكبار للمنتخبات في نسختها الـ17 يوم الأربعاء تستعيد الجماهير العربية ذكريات تاريخية لا تنسى، لأجيال رائعة صنعت الإنجازات الذهبية التي لا تزال محفورة في الأذهان لمن تابعها أو من سمع عنها أو قرأ تفاصيلها، ويأمل في تحقيقها في العاصمة المصرية القاهرة.
وفي النسخة الجديدة سيُشارك 6 منتخبات هي قطر والبحرين وتونس والجزائر والمغرب، إلى جانب المنتخب المصري بوصفه البلد المضيف وهو رقم قياسي لم يتحقق في السابق. وتبحث هذه المنتخبات عن حلم الوصول إلى منصات التتويج سواء أكان بطلاً بالكأس وحصد الميدالية الذهبية أم الوصافة مع الميدالية الفضية أم المركز الثالث ولقب الحصان الأسود مع الميدالية البرونزية أم التواجد بين العظماء الأربعة.
وللمنتخبات العربية في كرة اليد تاريخ حافل، يتصدره على دوما المنتخب القطري أول المنتخبات العربية وصولا إلى المباراة النهائية، وحصد خلالها الميدالية الفضية والمركز الثاني.
ففي عام 2015 استضافت قطر منافسات البطولة عبر جيل مميز من اللاعبين، من بينهم كمال الدين ملاش وعبدالله الكربي وحمد مدادي وهادي حمدون وزكار أمين ودانيال ساريتش ورافايل كابوتي وزاركو ماركوفيتش هداف المنتخب في البطولة، تحت قيادة المدير الفني الإسباني فاليرو ريفيرا دون توقعات بالوصول إلى المباراة النهائية، التي طالما حجز مقعديها منتخبات الصف الأول في أوروبا وإقامة البطولة وسط مشاركة كل كبار القارة العجوز.
ونجحت قطر في إبهار الجميع بمستويات ونتائج رائعة في الدور الأول وحلت وصيفة خلف إسبانيا في المجموعة الأولى، ليتأهل منتخب "العنابي" إلى المباراة النهائية بعد ذلك ويكون أول منتخب من خارج أوروبا يُحقق هذا الإنجاز.
لكن لسوء حظ قطر خسرت النهائي أمام المنتخب الفرنسي نارية، ليحصد المنتخب العربي الميدالية الفضية والذي أصبح أهم وأكبر الإنجازات العربية في تاريخ منافسات مونديال اليد للكبار على الإطلاق.
ومن الإنجازات التاريخية أيضاً نجاح المنتخب المصري عبر جيل 2001 الشهير في كتابة السطر الأول للفراعنة بين الكبار، حين نجح في بلوغ المربع الذهبي لأول مرة في تاريخه خلال نسخة فرنسا. ومثل إنجاز منتخب "الفراعنة" السطر الأبرز الذي بدأ معه تفوق العرب كقوة كبرى في عالم كرة اليد العالمية بصفته ثاني منتخب عربي يتأهل إلى المربع الذهبي.
وفي نسخة مونديال 2001 نجح المنتخب المصري في تقديم عرض قوي ووصل إلى الدور نصف النهائي ليخسر أمام المنتخب الفرنسي آنذاك. وفي مواجهة تحديد صاحبي المركزين الثالث والرابع كانت المعنويات المصرية تراجعت بعد ضياع حلم النهائي ليخسر أمام يوغوسلافيا (27 – 17)، وكانت أقل المباريات الفنية بالنسبة لمنتخب "الفراعنة" بعدما تبخرت أحلام التأهل للنهائي.
وما حققه المنتخب المصري وجيل 2001 حققه منتخب عربي آخر ولكن في عام 2005 وهو المنتخب التونسي صاحب الشعبية الكبرى والتاريخ الحافل والأكثر تتويجاً بلقب بطولة كأس الأمم الأفريقية لليد.
ونظمت تونس نسخة 2005 في حدث استثنائي ناجح عبر جيل مميز قاده المدير الفني سعد أفنديش، وخاضت البطولة وكانت أقصى الطموحات التواجد بين الثمانية الكبار، ولكن تونس خطفت الأنظار بعروض جميلة
ووصلت إلى الدور نصف النهائي في إنجاز تاريخي لنسور قرطاج.
وفي المربع الذهبي التقى تونس نظيره الإسباني المرشح الأول للتتويج، وقدم مباراة رائعة وخسر (33 – 30) بعد أداء رائع وقتالي ليذهب إلى لقاء المركزين الثالث والرابع مواجها فرنسا، وقاتل بشراسة أملاً في تحقيق إنجاز البرونزية وتخطي إنجاز مصر في الوصول لدور الأربعة، ولكنه خسر بعد أداء رائع أمام منتخب "الديوك" بفارق هدف وحل رابعاً في بطولة العالم لأول مرة في تاريخه، وأمسى بهذا الإنجاز ثاني منتخب عربي ينجح في حصد المركز الرابع في البطولة.
وبالنظر إلى المنتخب الجزائري رابع المنتخبات العربية الكبرى في المونديال، والذي تأمل جماهيره في وصوله للعظماء العشرة في النسخة ال 27، يمتلك هو الآخر تاريخاً لا بأس به فهو من أكثر المنتخبات مشاركة في المونديال في 15 نسخة عبر تاريخ البطولة.
وكان ظهوره الأول في عام 1974 حينما نال المركز الخامس عشر، فيما يعد الحصول على المركز الثالث عشر في مونديال 2001 في فرنسا الأفضل له، وكان ودع منافسات الدور ثمن النهائي أمام نظيره المصري، وكان قريباً بدوره من بلوغ دور الثمانية للمونديال.
في المقابل، يبرز المنتخب المغربي في الصورة بتاريخ لا بأس به، فهو شارك من قبل في 7 نسخ مونديالية، كان أولها في عام 1995، ونال وقتها المركز الـ22 ، ونجح بعدها بـ 4 سنوات في الحصول على أفضل مراكزه في البطولة، وهو حصد المركز الـ17 في ترتيب المنتخبات.
أما المنتخب البحريني سادس المنتخبات المشاركة فهو سيُشارك رابع نسخة مونديالية له في رحلته بالبطولة الكبرى التي بدأها في عام 2011،حينما شارك لأول مرة ونال المركز الثالث والعشرين، ولكنه فيما بعد نجح في حصد أفضل مراكزه وهو المركز العشرين في نسخة 2019، وهو يبحث عن تحسين مركزه ودخول قائمة الـ 16 الأوائل في البطولة المقامة في مصر.