يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب عن أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني، رفائيل نادال.
وصلت إلى نهائي بطولة الولايات المتحدة من دون أن أخسر مجموعة، وخسرت شوط الإرسال في مرتين من أصل 91 شوط إرسال لعبته. لم يكن هذا من قبيل الصدفة، فقبل البطولة قررت إجراء تغيير على مسكة المضرب لتسديد إرسالات قوية، كانت مخاطرة لكنها آتت ثمارها.
وبينما كنت متقدماً بأربعة أشواط مقابل واحد خلال مباراة النهائي أمام نوفاك ديوكوفيتش، والذي بدا منهكاً، فجأة تملك الخوف من رأسي، كما حدث في ويمبلدون قبل عامين. كان المنطق يؤكد أن المباراة محسومة بعد تقدمي بمجموعتين لواحدة أربعة أشواط مقابل واحد في الرابعة.
بذلت مجهوداً كبيراً لأبعد تلك الأفكار عن رأسي، والتفكير فقط في النقطة التالية. لكنني لم أتمكن من هذا، وكان له أثره على نقطة الإرسال، فبعدما كان دقيقاً خلال المباراة، تعطل فجأة. انخفضت الثقة في ضرباتي وكانت تحركاتي كلها سيئة، واعتمدت على الدفاع. ضخامة الإنجاز التي كنت أوشك على تحقيقه جعلت منافسي يبدو مثل وحش عملاق. كنت أشعر وكأنني مشلول.
في كل المجموعات حافظت على إرسالي بأريحية أكبر مقارنة بهذا الشوط. تعادلنا فيه 40-40 مرتين. ولكن مستواه لم يكن ثابتاً. في المقابل كان مستواي ثابتاً، من دون ارتكاب أخطاء سهلة. بعد أن تعادلنا للمرة الثالثة، تغلبت على التوتر بعد أن سددت ضربة ساحقة أمامية.
لم يتمكن من كسر إرسالي وتقدمت 5-1. ليختفي التوتر، ويبدأ هو في الإرسال لم أكن أتوقع الفوز بهذا الشوط. لم ألعب فيه بكامل قوتي. عدل النتيجة إلى 5-2، وعاد بعدها التوتر الذي كان يسيطر على الجميع.
كان عليَّ أن أبعد تلك الشكوك عن رأسي والحفاظ على مستواي ثابتاً، من دون الإقدام على المخاطرة، انتظاراً لأخطاء منافسي. تقدمت 30-0 في الشوط الأخير. بكيت وجففت دموعي بالمنشفة. احتفلت مبكراً بالفوز في ذهني، وكنت أعرف أنه ليس عليّ فعل هذا، ليس الآن، ديوكوفيتش فاز بالنقطة التالية ليعود بعدها ويتعادل 30-30.
بذلت مجهوداً كبيراً للحفاظ على تركيزي، وقلت في نفسي "العب بهدوء ولا تخاطر اكتف بالسيطرة على الكرة"، والتزمت بهذا وكنت محظوظاً بكرة اصطدمت بحافة الشبكة وسقطت في ملعبه ليلعبها إسقاطة قصيرة لكنني تمكنت من اللحاق بها ولعبتها طويلة تلمس الخط الخلفي.
نقطة المباراة. حاولت جاهداً ألا أبكي، لعبت الإرسال ولم يدم التبادل سوى ست ضربات بعدها خرجت الكرة التي سددها خارج الملعب. لم تعد ركبتاي قادرتين على حملي سقطت على الأرض حتى قبل أن تخرج الكرة.
لا نخطط للاحتفال والسقوط بهذه الطريقة. لم أدرك ما أفعل. توقف رأسي عن التفكير وتملكتني المشاعر وتخلصت من التوتر، وكذلك بالنسبة لجسدي لم أستطع الوقوف على قدمي. فجأة أدركت أنني ملقى على الأرض وسط تصفيق الجماهير، وبدأت أستوعب ما فعلت، ففي الرابعة والعشرين من عمري فزت ببطولات الغراند سلام الأربع ودخلت التاريخ.