كان الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي نقطة تحول فارقة في تكريس جهوزية قطر لاستضافة المونديال قبل أيام من الموعد، من خلال الإعلان عن جهوزية المنظومة الأمنية والصحية، ودخول عدة إجراءات استثنائية حيز التطبيق، على غرار تفعيل دخول البلد بواسطة بطاقة "هيا" وإعادة تنظيم ساعات الدوام الحكومي والمدرسي، وترتيبات تتعلق بتسهيل عمليات النقل والتنقل صوب الملاعب والمرافق المختلفة.
وذلك في انتظار تسهيلات أخرى مرتقبة أثناء المونديال تصبُ كلها في إطار إنجاح العرس العالمي، وتكميم كل الأفواه التي صدعت رؤوسنا بانتهاك قطر حقوق الإنسان والعمال والمرأة والمثليين، وانعدام شروط التنظيم الجيد للبطولة، في بلد لم يحترم في تقدير الحاقدين والجاحدين معايير الاستدامة في حماية البيئة عند تشييده مرافق المونديال، رغم كل المجهودات التي بذلتها لجنة المشاريع والإرث، والتطمينات التي قدّمتها قطر للفيفا والمنظمات الدولية المختلفة.
ابتداء من الأول من شهر نوفمبر تم تعليق العمل بتطبيق احتراز في المطار والميناء والمعبر الحدودي البري، وكل المرافق العمومية، ورفع كل القيود الوقائية من فيروس كورونا، وجرى تسهيل إجراءات دخول قطر، والحركة داخلها من خلال إعادة ضبط مواعيد الدوام في المدارس والمؤسسات الحكومية التي تم تقليصها من الساعة السابعة صباحاً إلى منتصف النهار، وتقليص نسبة المداومين في مقرات عملهم إلى أكثر من النصف، لتسهيل تنقل الأشخاص وتخفيف حركة المرور في شوارع وطرقات الدوحة، على أن يدخل التلاميذ والطلبة في عطلتهم الشتوية ابتداء من 17 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى الـ25 من شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل استثناء، حتى يتسنى للمواطنين والمقيمين الاستمتاع بأكبر حدث رياضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
منذ الأول من شهر نوفمبر بدأ تفعيل الدخول إلى قطر بواسطة بطاقة هيا، وبعد ذلك سيكون الدخول من دون الحاجة إلى تأشيرة انطلاقاً من يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول ويستمر الأمر إلى غاية نهاية يناير/ كانون الثاني 2023، إذ يستفيد أصحابها من مجانية الخدمات الصحية، والنقل العام في مترو الدوحة والحافلات العامة التي تتكفل بنقل الأشخاص لحضور مباريات المونديال إذا كانت لديهم تذاكر دخول الملاعب، وكذلك حضور كل الفعاليات والأنشطة الفنية والثقافية والجماهيرية المصاحبة. أما ابتداء من الثاني من ديسمبر المقبل، بعد ختام مباريات دور المجموعات، فقد أعلنت قطر السماح للجمهور المونديالي بدخول ببطاقة هيا فقط من دون الحاجة إلى تذاكر دخول المباريات، حتى تسمح لأكبر قدر ممكن من الجماهير بالاستمتاع بالأجواء المونديالية العالمية التي توفرها قطر.
منذ الأول من الشهر الحالي أصبح كورنيش الدوحة مخصصاً للمشاة الذين يمكنهم الوصول إليه بواسطة الحافلات المخصصة لذلك، التي تعمل من التاسعة صباحاً إلى الثالثة فجراً، بمعدل حافلة واحدة كل 7 دقائق، أو بواسطة الميترو استعداداً لاستضافة مجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية للجماهير، بما في ذلك الشاشات العملاقة لمتابعة المباريات، في ساحات مخصصة لذلك تحتضن فعاليات ونشاطات ترفيهية مختلفة على طول الشريط الساحلي للكورنيش الذي يبلغ طوله 6 كيلومترات، وقد نُصبت فيه أربعة مسارح تستضيف استعراضات وحفلات، و150 محلاً تجارياً لبيع الأغذية والمأكولات والمشروبات، ومختلف المرافق الحيوية التي توفر حاجيات الجماهير الضرورية، خصوصاً أن درجات الحرارة ستكون مناسبة تتراوح بين 20 و28 درجة مئوية.
من جهته سوق واقف؛ أحد معالم التراث القطري المقابل لكورنيش الدوحة والوجهة المفضلة للمتسوقين والسائحين، فقد تم تجهيزه ليشهد فعاليات فنية وثقافية تستقطب ما يقارب 70 ألف شخص يومياً، وما يعادل مليون زائر على مدار البطولة، بكل ما يحتويه من مطاعم وفنادق ومقاه، وشاشات عملاقة ونشاطات تصل إلى حديقة السوق المقابلة للكورنيش، ومنطقة مشيرب القريبة من متحف الفن الإسلامي والديوان الأميري.
وهي جميعها معالم انطلقت فيها فعاليات منذ الفاتح من نوفمبر الذي تم فيه الإعلان أيضاً عن جاهزية الخدمات الأمنية والصحية التي ستكون متوفرة في الملاعب ومناطق المشجعين ومواقع الإقامات الرئيسية من خلال توفير 100 عيادة وتجنيد كل المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والعيادات الخاصة لتقديم الرعاية الصحية لحاملي بطاقة هيا مجاناً.
المواطنون والمقيمون والزوّار الذين بدأوا يتوافدون على قطر شعروا بأن المونديال بدأ في الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني قبل انطلاق مبارياته، ولن ينتهي قبل أن يترك آثاراً عميقة تبقى راسخة في النفوس والقلوب والعقول.