"لم يكن ممكناً لأي مدرب غيرك أن يجعلنا نفوز باللقب"، هكذا علّق أحد عشاق إنتر على حساب مدرب الفريق أنطونيو كونتى.
عملياً هكذا يعتقد الكثيرون وفي مقدمتهم مدير النادي ماروتا، عراب التعاقد مع كونتى وهو الذي يملك فلسفة تقول إن التعاقد مع مدرب مميز، ولاعب عادي، أفضل من التعاقد مع لاعب مميز ومدرب عادي، بهذه الطريقة اقتنع زهانغ باستقدام مدرب تشلسي ويوفي السابق، المدرب الذي أنهى أصعب تحد في حياته كما يكرر دائماً، ونجح بالفوز كما يفعل غالباً...
ما فعله كونتى مع إنتر كان أصعب مما يعتقد الكثيرون، إسقاط يوفي عن عرشه يحتاج إلى فريق جاهز ذهنياً بدرجة كبيرة، يتحين الفرص لاستغلالها إذا أخطأ أبطال إيطاليا وهكذا كان، مع العلم أن يوفى في موسم ألليغري الأول تأخر 11 نقطة قبل أن ينجح بتعويضها بعد ذلك، بذكاء ألليغري أولاً، وبعدم قدرة من كان ينافسه على استغلال هذا الفارق الكبير.
لقب إنتر هو الخامس لكونتى في البطولات الأوروبية من سبع مواسم فقط درب فيها، ثلاثة من ثلاثة مع يوفى، لقب من اثنين لتشلسي ومثله لإنتر، أرقام ليست في متناول إلا قلّة قليلة من كبار المدربين.
عندما جاء كونتى إلى إنتر، كان الفريق بالكاد يتأهل إلى دوري الأبطال، علماً أنّه كان يصرف مبالغ كبيرة في الميركاتو، صفقات البعض منها لم يفهم إطلاقاً، مثل مبادلة زانيولو وسانتون و24 مليون يورو بناينغولان، كان على ابن مدينة ليتشي الجنوبية أن يغيّر كلّ هذه العقلية، تفاهمه مع موراتا ساعد كثيراً، اختار لاعبين بناء على المشروع والأسلوب، لم يصرف مبالغ طائلة كما يروج البعض، باريلا وسنسي معاً أقلّ من سعر كييزا، جزء كبير من صفقة لوكاكو تأمن بفضل بيع إيكاردي، حكيمي كان صفقته الكبيرة 40 مليوناً، أقل من ثمن كولوسفسكي، في مقارنة مع لاعبي الفريق الذي كان على كونتي أن يحاول إسقاطه عن عرشه.
بقية الصفقات كانت للاعبين انتهت عقودهم أو بأسعار قليلة جداً، إريكسن لم يكن مطلباً لكونتى ومع ذلك نجح بجعله يُؤْمِن بأسلوبه وهذا يحسب أيضاً للنجم الدنماركي.
ببساطة إنتر مع كونتى هو أول فريق يفوز باللقب ولاعبوه ليسوا الأعلى دخلاً في إيطاليا منذ أن فاز به يوفنتوس قبل عشر سنوات، مع كونتي أيضاً. هذه ليست تفاصيل صغيرة، قدرته على تطوير اللاعبين كبيرة جداً، يكفي النظر إلى ما أصبح عليه لاعبو إنتر الآن، وما كانوا عليه قبل وصوله.
يكفي أن ننظر إلى بطولة أوروبا عام 2016، جاكيريني، إيدير، بيلي، دي شيليو، بارولو وستورارو كانوا في التشكيلة الأساسية التي أوصلت أبطال العالم وقتها إلى ركلات الترجيح، أسماء يعرف جيداً متابعو الكالتشو ماذا تعني على المستوى الفردي.
المدرب الذي يراه البعض مظلوماً على المستوى الإعلامي ولا ينال الإطراء الذي يستحقه، غالباً ما يرفع في وجهه فشله في دوري الأبطال، لا يحكم عليه بالإمكانات التي بين يديه بل بالنتائج، يرون خسارته من البايرن في ربع النهائي فشلاً، علماً أن البايرن بعدها سحق برشلونة العملاق وهزم دورتموند وأحرز اللقب، نعم، لم يحقق نجاحات تذكر في تلك المسابقة الخاصة جداً، هذه من نقاط الضعف في مسيرته، لكن التركيز على تلك النقاط أكثر من كلّ ما فعله في مسيرته فيه ظلم له.
الحديث عن أنه لو كان يوفى في حالته الطبيعية لم يكن ليفوز كونتى مع إنتر أيضاً فيه تقليل من الشيء الكبير الذي قام به، أساساً يوفى فردياً أفضل بشكل واضح من إنتر، وعادة الفريق الأقوى فردياً هو المرشح للفوز في كلّ أنحاء العالم، أن يخسر الفريق الأقوى فهذا يحسب كثيراً لمن هزمه، فكيف إن كان فريقاً يفوز منذ تسع سنوات متتالية، عندها تصبح الأمور أصعب، لأن إقناع اللاعبين بإمكانية التفوق على يوفي وبجعلهم يثقون بذلك هو من أبرز النقاط التي أحدثت الفارق.
أريد أن أفرح مع اللاعبين ونحتفل الآن، هم استحقوا ذلك وبعدها نفكر بالمستقبل، مستقبل يتمناه كلّ عشاق إنتر لسنوات إضافية مع فريقهم، حتى أكثر من كان متشائماً عندما وصل كونتى يريده أن يستمر، فالمدرب الذي أسقط يوفي عن عرشه يعني لهم الكثير، يعني أنه دخل قلوبهم كما قال موراتي، يعني أنه كتب واحدة من أجمل صفحات تاريخهم، على الأرجح وحده كونتى من كان يقدر على ذلك...