قد يبدو العنوان غريبا وسابقا لأوانه، لكن كل المعطيات تشير إلى خسارة رئيس الاتحاد الجزائري خير الدين زطشي عضوية اللجنة التنفيذية لـ"فيفا" في الانتخابات المقررة شهر مارس/آذار المقبل في العاصمة المغربية الرباط قبل خوضها، بسبب أخطاء استراتيجية ودبلوماسية ورياضية ارتكبها أثناء الفترة الماضية من خلال ترشحه من دون موافقة وزارة الشباب والرياضة، كما ينص عليه قانون الرياضة في الجزائر، ومن دون ضمانات أخرى خارجية في أوساط رؤساء الاتحادات الأفريقية الذين توافقوا منذ مدة على دعم رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع، وممثل الاتحاد المصري هاني أبوريدة للظفر بالمقعدين المخصصين للمنطقة، ثم اتفقوا بعد ذلك على دعم السنغالي أوغستين سنغور في انتخابات رئاسة الكاف، لتعويض الرئيس المعاقب من "فيفا" الملغاشي أحمد أحمد الذي تهكم عليه خير الدين زطشي، فخسر كل مؤيديه في الهيئة القارية.
رئيس الاتحاد الجزائري ارتكب خطأ استراتيجيا عندما انتقد أحمد أحمد في تصريحات علنية نقلتها الصحافة الأفريقية والعالمية، في وقت التف فيه باقي الأفارقة ولو رمزيا حول رئيسهم ضد إنفانتينو، ووافقوا على اختياره السنغالي أوغستين سنغور مرشحا لخلافته، على حساب باتريس موتسييه من جنوب أفريقيا، بينما بقي الاتحاد الجزائري خارج الإطار، ما يجعل فريق أحمد أحمد والمرشح السنغالي في موقع معاد لرئيس الاتحاد الجزائري، كما ارتكب عمار بهلول، عضو المكتب الفيدرالي ونائب الرئيس، أخطاء دبلوماسية عندما راح في المنابر الإعلامية يصف انتخابات الكاف بأنها امتداد لصراع المغرب مع الجزائر، وأعطى للأمر بعدا سياسيا أكبر من حجمه، علما أن السلطات الجزائرية والمغربية لم تجاهر يوما بأي صراع بينها في كل المجالات.
المقربون من رئيس الاتحاد الجزائري راحوا يتحدثون دعم السلطات العمومية له، وعن علاقات الرجل الوطيدة مع رئيس "فيفا" الذي شجعه حسبهم على الترشح، على أمل أن يتعرض فوزي لقجع وهاني أبوريدة إلى عقوبة الإقصاء من طرف الفيفا، بسبب تورطهم مع رئيس الكاف الأسبق أحمد أحمد، فيخلو الجو لرئيس الاتحاد الجزائري للفوز بعضوية مجلس "فيفا"، وهو الأمر الذي لم ولن يحدث، ولن يكون لرئيس "فيفا" أي دور في انتخابات الكاف المقبلة التي اتفق أعضائها على معارضة إنفانتينو في اختيار بديل أحمد أحمد، ويتوجهون نحو التوافق حول المرشح السنغالي أوغستين سنغور لرئاسة الكاف، ودعم لقجع وأبو ريدة في انتخابات مجلس "فيفا" لتمثيل القارة السمراء في الهيئة الدولية.
كان بإمكان رئيس الاتحاد الجزائري الفوز بمنصب في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي على هامش بطولة كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها مصر سنة 2019،عندما طلب منه رئيس الكاف أحمد أحمد الترشح، واتفق الكثير من الأعضاء على دعمه، لكنه رشح في مكانه عضو المكتب الفيدرالي ورئيس رابطة جهوية اعتبره أعضاء المكتب التنفيذي للكاف استصغارا لهم وللهيئة القارية التي يترشح لعضويتها عادة رؤساء الاتحادات المحلية، ما حرم الجزائر من العودة إلى عضوية اللجنة التنفيذية للكاف، وأدخلها في عداء مع الكثير من أعضاء الجمعية العمومية الذين تقاسموا الأدوار والأصوات والمناصب، حتى قبل الجمعية العمومية الاستثنائية المقررة شهر مارس المقبل في الرباط.
أغلب التوقعات تشير إلى أن رئيس الاتحاد الجزائري لن يكتفي بخسارة انتخابات عضوية مجلس "فيفا"، بل سيخسر في نفس الوقت منصبه في الاتحاد الجزائري في انتخابات شهر مارس المقبل، ويكون السقوط مزدوجا، بسبب عدم رضى السلطات الجزائرية على تصرفاته وأخطائه المتكررة في التقدير والتسيير، لكن أزمة كورونا أجلت رحيله إلى غاية الجمعية العامة الانتخابية المقررة في نفس الفترة والتي سيعتذر فيها عن الترشح بإيعاز من السلطات العمومية، التي قدمت بالمقابل ضمانات لمدرب المنتخب الوطني جمال بلماضي بمواصلة دعمه ومساندته بغض النظر عن اسم الرئيس المقبل، خاصة أن المنتخب الجزائري سيكون شهر مايو/أيار المقبل على موعد مع تصفيات كأس العالم 2022.
ترشح رئيس الاتحاد الجزائري خير الدين زطشي لمنصب عضو مجلس "فيفا" أملا في الفوز به، ومن ثم الاستمرار على رأس الاتحاد الجزائري في تقديره، سيكون سببا إضافيا من أسباب ترحيله كونه محسوبا على منظومة سياسية ومالية ورياضية، ساهمت في عملية التهديم التي تعرضت لها الجزائر في كل المجالات في عهد بوتفليقة، وتلقى معارضة كبيرة في الأوساط الكروية والشعبية لم يشفع لها التتويج بكأس أمم أفريقيا الذي يعتبره الجزائريون تتويجا للمدرب جمال بلماضي واللاعبين الذين تعرضوا في بداية عهدة رئيس الاتحاد الحالي إلى كل أشكال التخوين والتشكيك في وطنيتهم والتزامهم مع بلادهم.