حقق ريال مدريد انتصارا هاما على روما في الاولمبيكو، ليضع قدمه الأولى في ربع نهائي التشامبيونز لهذا الموسم، مع تألق لافت للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، اللاعب الذي يسجل أهدافا عديدة لفريقه خلال الفترة الأخيرة، سواء في بطولة الليغا أو عصبة الأبطال، ليرد على كافة الانتقادات الموجهة له مؤخرا، بأداء مختلف وأسلوب لعب مغاير، في الطريق نحو موسم تنافسي بامتياز على كافة المستويات.
مراحل تطور CR7
بدأ رونالدو مسيرته كجناح تقليدي صريح على اليمين، يحصل على الكرات بالقرب من الخط الجانبي، يراوغ كل من يقابله، يحتفظ بالكرة سريعا، ثم يلعب العرضية داخل منطقة الجزاء، في محاولة حقيقية لاستنساخ فكرة بيكهام مع اليونايتد تحت قيادة السير فيرجسون، لكن مع الوقت تحول البرتغالي إلى ما يشبه الجناح المعقد الذي يقوم بكافة المهام الهجومية داخل الملعب.
"حينما تصلك الكرة، أنت تأخذها وتنطلق بها إلى الخط مباشرة، لماذا؟ لأنك تعتقد أنه يجب أن تراوغ ثلاثة الى أربعة لاعبين حتى تسجل هدفاً رائعاً، وكرة القدم لا تتعامل بشكل كاف مع هذه الرؤية. عندما تحصل على الكرة، عليك أن تنطلق في العمق، تسدد وتسجل أهدافا، لا العكس، لأن الفكرة كم سجلت لا كيف سجلت"، نصيحة مهمة قالها رينيه ميولينستين أحد مساعدي السير لرونالدو في فترة سابقة، لتتحول مسيرة البرتغالي من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين في فترة قصيرة.
سجل كريستيانو أهدافا عديدة ولعب دورا محوريا في فوز اليونايتد ببطولات عديدة، حتى انتقل إلى ريال مدريد وواصل التألق، ليضع خطوطا عريضة جديدة في مهمة اللاعب الجناح، أهمها بكل تأكيد إحراز أكبر قدر ممكن من الأهداف، ليصبح هدافا رئيسيا في مختلف البطولات، ويترك فكرة صناعة اللعب إلى لاعبي الوسط، أما العرضيات فيكفيها لاعبو الأظهرة على الرواق.
المهاجم رقم 9
مع كبر سن رونالدو وقلة حركته بعض الشيء عن السابق، تحول النجم رقم 7 إلى منطقة الجزاء مع كارلو أنشيلوتي، يلعب الإيطالي بمزيج بين 4-3-3 و4-4-2، مع وجود رباعي صريح في المنتصف، ثنائي بالعمق وثنائي آخر ينطلق من المركز إلى الأطراف، في سبيل الضرب بثنائي صريح من المهاجمين في القلب، بنزيما خيار أساسي، ورونالدو بالقرب منه.
أصبح رونالدو يسجل أهداف أكثر، ويلعب كرقم 9 ونصف في التشكيلة، أي لاعب يتحرك بذكاء داخل وخارج منطقة الجزاء، وساهم هذا التحول في تسجيل كريستيانو لأرقام قياسية مهمة، بالأخص في السنوات القليلة الماضية، لأنه يلعب قريبا من المرمى، لا يتحرك كثيرا، لكنه ذو تأثير حاسم فيما يخص كافة العمليات المتعلقة بهز الشباك.
لكن خلال أكثر من مباراة هذا الموسم، أعاد رونالدو ذكريات الزمن الجميل، واستعاد قدرا من طريقته القديمة، ليهرب باستمرار إلى الأطراف، ويلعب دور الجناح المقلوب (Inverted Winger) أي اللاعب الذي يحصل على الكرة طرفيا، ثم يقطع في العمق على القدم الثابتة للمدافع، ويسدد في المرمى بشكل خاطف وسريع دون فلسفة زائدة.
مباراة روما
فاز الريال بهدفين دون رد أمام روما، انتصار له قيمته الفنية والمعنوية، لكنه فارغ بلا مضمون على الصعيد التكتيكي، لأن الفريق الملكي يلعب دون تناغم مطلوب، التناغم هنا ليس فقط المقصود منه فكرة الانسجام التي تحول المجموعة إلى مصطلح الفريق، الذي يتحرك ويضغط ويفعل كل شيء كوحدة واحدة مكتملة الأركان، ولكن أيضا فريق زيدان يهاجم بشكل فردي واضح، وفي دفاعه أيضا يوجد مساحات شاغرة بين محور الارتكاز ورباعي الخط الأخير، لكنه يفوز في النهاية، نتيجة الروح القوية والمهارات الخارقة في صفوفه.
لكن الشيء الملموس في المباريات الماضية أن رونالدو يلعب باستفزاز كبير، هذا الاستفزاز في حد ذاته إيجابي للاعب والفريق، لأنه لم يعد واقفا فقط داخل المنطقة أو خارجها، في انتظار تمريرة أو "أسيست"، بل تجده يخرج باستمرار طلبا للكرة، يعود بعض الشيء للضغط، ويحاول قطع الكرات في نصف ملعب الخصم، تصرفات جديدة تعيده مرة أخرى إلى الواجهة الخططية.
يلعب الريال مع زيزو بثنائي محوري على نفس الخط تقريبا، كروس ومودريتش في العمق، يعاونهما صناع اللعب على الطرف، إيسكو وخاميس بقيمة الأجنحة الـ Interior، الذين يلعبون خططيا على الرواق، لكنهم يدخلون باستمرار إلى مركز اللعب، من أجل التمرير والصناعة، وبالتالي توجد مساحات كافية على الخط لتحرك كريستيانو.
أيام 2010
يحصل مارسيلو على المهام الرئيسية في الجبهة اليسرى، ويميل له إيسكو للمساندة أثناء التحولات، ومع وجود بنزيما كمهاجم رئيسي، يتحول رونالدو مع المرتدة الخاطفة إلى الطرف الأيسر، يحصل في الغالب على تمريرة قُطرية، تأتي من العمق عن طريق إيسكو إلى الطرف، أو تمريرة قطرية أخرى تأتي من الطرف إلى العمق، كما فعلها كروس أمام روما في التشامبيونز، ليحصل رونالدو على الكرة المطلوبة، ويقطع في جزء من الثانية إلى الداخل، ويسدد سريعا في الشباك.
جملة فعلها البرتغالي في أكثر من مباراة سابقة، المثير للاهتمام أن هذه الأهداف تأتي كلما أعطى المنافس مساحة شاغرة لفريق الريال، لأن هذه الجملة تحتاج إلى تحولات سريعة وفراغ واضح في الدفاع، وفي حالة مواجهة منافس لا يهاجم كثيرا ويلعب فقط أمام مرماه بأكبر عدد ممكن من اللاعبين، من الصعب تطبيق مثل هذه الأفكار أمامه.
لعب روما الشوط الأول بتراجع واضح، لكنه أدى مباراة هجومية واضحة في النصف الثاني، وبالتالي وجد الريال المساحات لرونالدو عندما صعد الذئاب إلى الأمام، وهذا ما حدث أيضا أمام بلباو في الليغا، لأن الفريق الباسكي لعب باندفاع هجومي واضح تجاه مرمى الريال، فحصل رونالدو على ما يريده، المساحة، التمريرة القطرية، والقطع إلى الداخل!
اقرأ أيضا..
أدوريز جاهز لتقمص شخصية "كلوزة" مع إسبانيا في اليورو