شهدت نهائيات كأس آسيا، وكذلك كأس أفريقيا، حضوراً مهماً للمدربين العرب، وخاصة من دول شمال أفريقيا، التي تملك الكثير من الأسماء القوية في عالم التدريب، التي حققت الكثير من النجاحات في مختلف البطولات في المواسم الماضية، ذلك أن أفضل نتيجة لمنتخب عربي في كأس العالم حققها منتخب المغرب في عام 2022 بقيادة المدرب وليد الركراكي.
وكان حصاد المدرسة التدريبية لشمال أفريقيا مختلفاً بين كأسي آسيا وأفريقيا، في مفارقة غريبة. فقد كانت أبرز النتائج بتوقيع منتخبات يقودها مدربون من تونس والمغرب، في وقت رافق فيه الفشل المشاركة العربية في كأس أفريقيا رغم حضور 5 منتخبات.
وفي الواقع، يُعتبر وصول منتخب فلسطين إلى ثمن نهائي كأس آسيا في قطر إنجازاً مهماً وتاريخياً بالنظر إلى الظروف التي يُعاني منها والحصار المفروض وصعوبة إقامة مباريات الدوري، إذ قدم مستوى رائعاً في البطولة وتفوق على منتخبات تعمل في ظروف أفضل منه بكثير.
ويُحسب هذا التألق إلى المدرب التونسي مكرم دبوب الذي يقود المنتخب الفلسطيني منذ قرابة السنة، وبدأ عمله يعطي ثماره على المستوى الدولي، خاصة أن منتخب فلسطين كان قريباً من التأهل على حساب حامل اللقب ومنظم البطولة في الآن نفسه المنتخب القطري القوي، أحد المرشحين لحصد البطولة.
كما كتب منتخب الأردن صفحة من صفحات النجاح الكبير بعد كسر حاجز منتخب العراق، الذي يتفوق عليه تاريخياً في المواجهات المباشرة بينهما، وكسب بطاقة العبور إلى ربع النهائي بعد لقاء بطولي أظهر من خلاله تفوقاً من الناحية التكتيكية.
وظهرت بصمة المدرب المغربي حسين عموتة، الذي نجح في إعداد العدة لمراقبة أفضل اللاعبين في منتخب "أسود الرافدين" واعتمد خطة ناجحة ساعدتهم على الحد من خطورة أفضل اللاعبين والعودة في المواجهة في الأوقات الحاسمة بعد التقدم العراقي 2ـ1 في الشوط الثاني، ويُعتبر وصول الأردن إلى نصف النهائي من هذه النسخة من كأس آسيا بمثابة النجاح الكبير لهذا المنتخب.
في الأثناء، كانت المشاركة العربية في كأس أفريقيا في ساحل العاج فاشلة بما أن خمسة منتخبات حققت 3 انتصارات فقط في البطولة، حيث كان منتخب المغرب بقيادة المدرب وليد الركراكي يحمل آمال الجميع في التقدم في المسابقة وحصد اللقب، إلا أنه فشل أمام جنوب أفريقيا، التي أقصت تونس في دور المجموعات ثم المغرب في ثمن النهائي.
واعترف المدرب الركراكي بأنه مسؤول عن الوداع المخيب للآمال بسبب الاختيارات التي قام بها، والتي كلفتهم صدمة قوية، بما أن رابع "مونديال" قطر فشل في الوصول إلى ربع النهائي البطولة الأفريقية وتأجل حلم اللقب الثاني للكرة المغربية في البطولة.
وللبطولة الثانية، يفشل جمال بلماضي في تحقيق الانتصار مع منتخب الجزائر، بعد أن فشل خلال نسخة 2022 في تجاوز الدور الأول، وتكرّر الأمر في نسخة 2024 التي جعلت بلماضي يخسر ما كسبه في نسخة 2019 التي شهدت تتويج الجزائر باللقب الثاني في مسيرتها. كما أن بلماضي غادر منتخب الجزائر بعد أن أثار أزمة جديدة بسبب عدم موافقته على فسخ العقد بالتراضي، وقد هاجمه الاتحاد المحلي ببيان قوي.
ولم يكن حصاد المشاركة التونسية في قيمة تطلعات الجماهير، فالمدرب جلال القادري فشل في قيادة "نسور قرطاج" إلى تحقيق الانتصار في البطولة وعاد بنقطتين من تعادلين مع مالي وجنوب أفريقيا وخسارة تاريخيّة أمام ناميبيا، لتُنهي تونس مشاركتها في المركز الرابع في المجموعة الخامسة.
وكان للمشاركة الكارثية تأثيرها الكبير على الاتحاد التونسي أيضا، وأضعفت موقفه، ولكن القادري كان الضحية الأولى بفشل تاريخي في تقديم مستويات مقنعة في البطولة، حيث كان أداء "النسور" الأضعف تقريبا من بين كل المشاركين، ولا تعكس قوة المدرسة التدريبية التونسية التي تملك من أفضل المدربين في القارة.
وكان المدرب الجزائري عادل عمروش من أول المدربين الذين تمت إقالتهم في كأس أمم أفريقيا، حيث قاد منتخب تنزانيا في لقاء وحيد كان أمام المنتخب المغربي، وخسره 3ـ0، وقد دفع ثمن تصريحاته التي هاجم من خلالها الاتحاد الأفريقي، وكذلك الاتحاد المغربي، وتمت معاقبته باستبعاده من الجلوس على دكة الاحتياط 8 مباريات، ما دفع بالاتحاد التنزاني إلى إقالته، ليكون أول ضحايا النسخة 34 من البطولة.