مورينيو... رحالة البرتغال في المدينة الخالدة

17 مايو 2021
جماهير روما سعيدة بوصول مورينيو (Getty)
+ الخط -

قصته مختلفة عن قصص أولئك الذين يسعون نحو صناعة المجد، هو استطاع فعلها بروحه وأفكاره وخططه، حتى تراجعه كان ربما بمحض إرادته، بقرارات ومبادئ يرفض التخلي عنها. شخصية مثيرة للجدل لأبعد الحدود، هو جوزيه مورينيو.

سيرته مع أكبر الأندية الأوروبية، ساهمت في خوضه الكثير من المواجهات العظيمة في مختلف الدوريات. وصف بالرحالة بعدما اختبر العديد من التجارب من بورتو إلى تشلسي وإنتر ميلانو وريال مدريد ومانشستر يونايتد وكذلك توتنهام هوتسبر ثم روما، الذي وصل إلى صفوفه في الأيام الأخيرة لكتابة حقبة جديدة في كتابه التدريبي انطلاقاً من الموسم المقبل.

ارتفعت أسهم نادي روما في بورصة ميلانو بنسبة 21% بعد إعلان مورينيو وصوله إلى الفريق. قصة غريبة ربما للبعض، لكنّ اسم البرتغالي ماركة مسجلة، من شأنها جذب الأضواء ورفع نسبة المشاهدة في أيّ مباراة. هذا ما حصل فعلاً يوم تسلّم المهمة في توتنهام هوتسبر، لكنّ ظروفاً داخلية عاندته، إضافة لقوة المنافسين، وعدم استقرار طريقة لعبه وأفكاره العبثية أحياناً أخرى، كلّ ذلك ساهم في تراجع النتائج وطرده.

ربما لن يكون من المبالغة القول إنّ جوزيه مورينيو تولى المهمة الأكثر صعوبة في عالم كرة القدم الإيطالية بهذه الحقبة من الزمن.

أثار إعلان روما، الأسبوع الماضي، أنّ مدرب تشلسي السابق سيخلف باولو فونسيكا في نهاية الموسم، الكثير من الإثارة في جميع أنحاء إيطاليا، لماذا روما؟ هل هناك مشروعٌ جديد ينتهجه مالكو النادي؟ الأهم من ذلك أنّ جماهير العاصمة فرحة جداً.

ما زال مورينيو يفخر بشيء لم يفعله أيّ مدرب آخر في تاريخ كرة القدم الإيطالية، من خلال قيادته الإنتر إلى ثلاثية غير مسبوقة في عام 2010. وضع نفسه على مقعد لا يمكن لأيّ مدرب آخر الوصول إليه، بغض النظر عن الألقاب الكثيرة التي فاز بها الآخرون خلال مسيرتهم مع ميلان أو يوفنتوس أو إنتر حتى.

بقبوله الدور الجديد، يواجه مورينيو تحدياً كبيراً، لن يكون كحقبته في إنتر، يوم كان يمتلك فريقاً يزأر كالأسد فيخاف منه الخصوم، نعم كان يمتلك محاربين في كلّ رقعة من أرضية الميدان، يلعبون للقميص ولاسمه في الوقت عينه. دموع ماركو ماتيراتزي، تلك الشخصية الغريبة بعد ليلة الأبطال عام 2010 والفوز على بايرن ميونخ كافية لتعكس قيمة الولاء والحب الذي ولد في تلك الغرف الزرقاء والسوداء. بكى المدافع العملاق لرحيل السبيشال وان... تلك كانت عظمة مورينيو في إنتر.

قد يكون الكلام هنا مزعجاً للبعض، لكن روما يشتهر بفشله في تلبية المطالب التي يضعها مشجعوه، ربما سقف طموحاتهم عالٍ دائماً، فلاعبوه لم يحققوا لقب الأبطال لكنّهم يحلمون بلعب أدوار متقدمة دائماً، رغم أنّهم في الموسم الحالي بعيدون عن المنطقة المؤهلة لمسابقة التشامبيونز ليغ حتى.

تولي مدرب عادي تدريب الـ"جيالوروسي" قد يكون صعباً للغاية، صحيح أنّ النادي ليس مطالباً بحصد الألقاب الكبيرة من قبل الإدارة، لكنّ شغف الجماهير هناك والعواطف الجياشة تلك التي تنتاب الجميع، تجعلك تحت الضغوط الدائمة، فالجميع يريد لحقبة فرانشيسكو توتي وغابرييل باتيستوتا وكاسانو ومونتيلا أن تعود، وحتى العيش في العاصمة الإيطالية صعب، وربما هي مهمة أكبر من أن يتحمّلها البعض.

سيصل مورينيو إلى تريغوريا، والمهمة هذه المرة تشبه تلك التي عاشها عام 2004، إذ إنّ عملية بناءٍ كبيرة تنتظره. لكنّها أيضاً مختلفة بشكلٍ كبير عن كلّ التجارب السابقة. يوم كان في إنتر امتلك عناصر مميزة منذ البداية، لم يكن مضطراً لوضع خطط إعادة هيكلة وهندسة، وفي ريال مدريد أيضاً احتاج بطبيعة الحال لبعض التدعيمات، ثم في الحقبة الثانية في تشلسي وبعدها الشياطين الحمر والسبيرز.

يوم وصل إلى ستامفورد بريدج في لندن بعد تركه بورتو، وضع ورقة وقلماً بالمعنى المجازي طبعاً، وبدأ تدوين الأسماء التي يريدها، مررها إلى طاولة رئيس النادي، الروسي رومان أبراموفيتش، "كذا وكذا وكذا... شبيك لبيك". حصل على ما ابتغاه وكانت سنوات القطاف بفوزه بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز وعدّة جوائز أخرى، فتحول تشلسي إلى أحد أندية الصفوة والنخبة التي تتراجع إلى الخلف أحياناً أو نادراً في البريميرليغ.

الآن في روما، هناك شائعات عن نيته القيام بالخطة نفسها، مع احترام طبيعة الوضع الحالي لعالم كرة القدم، بسبب جائحة كورونا وتراجع المداخيل وما إلى ذلك.

ارتبطت في الوقت الراهن العديد من الأسماء التي لا حصر لها بروما، قد لا ينتقل معظمها، لكنّها للوهلة الأولى تعطي إشارات إيجابية؛ الإسباني خوان ماتا على سبيل المثال، ومواطنه الحارس المخضرم ديفيد دي خيا، لاعبان كانا معه في مانشستر يونايتد، ويريدان الابتعاد عن أولد ترافورد.

هناك بعض المراكز التي تحتاج من دون شك إلى الانتعاش والتجديد. لا يبدو أنّ باو لوبيز فعالٌ لتلك الدرجة التي يريدها مورينيو، وسيحتاج إلى استبداله في أيّ حال، بينما من المرجح أن يرحل إدين دجيكو عن النادي، مع ربط اسم أندريا بيلوتي لاعب تورينو بالانتقال إلى العاصمة، وهو مهاجمٌ يعرف جيداً الدوري الإيطالي وقادرٌ على تقديم الإضافة للتشكيلة.

كما يبرز اسم ماورو إيكاردي، لاعب الدكة - إذا صحّ التعبير - في باريس سان جيرمان. مهاجم كان في القمة مع إنتر، قبل أن تتراجع مسيرته بسبب قرارات زوجته (وكيلة أعماله) واندا نارا، التي ظنّت أنّ المكابرة والتعنّت في التجديد خير وسيلة للحصول على المال، فكانت من دون أن تدري تغرس المسمار تلو الآخر في ظهر الأرجنتيني.

قد تكون لدى مختاريان وكريس سمولينغ ردود فعل متباينة على نبأ وصول مورينيو إلى المدينة الخالدة، بعدما فشلا في اكتساب ثقته في يونايتد، لكنّهما من أهم اللاعبين حالياً في الفريق، والوقت مبكر للحديث عنهما.

المساهمون