يعيش الألماني توماس مولر فترة صعبة مع بايرن ميونخ، بسبب قلة مشاركاته مع الفريق، ولعبه في غير مركزه بعيداً عن المرمى، ليعبر النجم الدولي عن انزعاجه الشديد من وضعه الحالي، وينتقد مدربه كارلو أنشيلوتي بشكل علني عبر وسائل الإعلام، في موقف غير مسبوق تسبب في مضاعفة الضغط على إدارة النادي البافاري.
ورغم أن الجهاز الفني بالكامل تفهم موقف اللاعب وسر عصبيته، ولم يتطور الأمر على نحو أسوأ جماهيرياً، إلا أن كل الطرق تؤدي إلى ثورة غضب داخل صفوف حامل لقب البوندسليغا، خصوصاً بعد كثرة الاعتراضات من اللاعبين، وآخرهم فرانك ريبري الذي خرج غاضباً أثناء المباراة الأوروبية ضد أندرلخت البلجيكي، لتحوم الشكوك حول استمرار أكثر من نجم مستقبلاً، وعلى رأسهم هداف المانشافت، توماس مولر.
رحيل ممكن
أشرك أنشيلوتي مولر أساسياً أمام ماينز، وفاز الفريق بالأربعة على ملعب الأليانز أرينا، لكن ليس بالضرورة أن تستمر الانتصارات في الملاعب المعقدة، وبعد الوصول بعيداً في منافسات دوري الأبطال، لذلك من الممكن عودة المعضلة من جديد خلال فترة زمنية قصيرة.
وتحدث الصحافي الموثوق رافائيل هونغستين عبر هيئة الإذاعة البريطانية مؤخراً، عن الوضع الخططي السيئ بالنسبة لأنشيلوتي ومساعديه، ونقل الرجل صاحب العلاقة القوية بأكثر من مصدر داخل النادي، المشاكل التي تتضاعف خلال التدريبات وأثناء المباريات، لدرجة أن أحد النجوم الكبار "لم يذكر اسمه" ذهب للإدارة، ليعبر عن انزعاجه من كسل التقني الإيطالي، من خلال إصراره على أخذ راحة سلبية كل يوم أحد، بشكل شبه أسبوعي، ومعظم أعضاء الفريق يرون عدم جدوى هذا الأمر، وتأثيره بالسلب على العناصر الأساسية والبديلة أمام الفرق الكبيرة.
مولر من بين هؤلاء الذين يريدون وضعاً أفضل مع بايرن ميونخ، أي كلاعب أساسي بشكل مستمر، مع وضعه في العمق خلف الهجوم مباشرة، وليس على الطرف كجناح تقليدي بالقرب من الخط الجانبي للملعب. وتشير لغة الأرقام أيضاً إلى تراجع واضح لمولر تحت قيادة أنشيلوتي، فالمهاجم لم يسجل أي هدف في ثلاث مباريات، وصنع هدفا واحدا فقط بالدوري. حتى بالنظر إلى الموسم الماضي، سجل 5 أهداف وصنع 12 في 29 مباراة محلية، بينما في آخر مواسم غوارديولا، كان للاعب 20 هدفا و5 تمريرات حاسمة في 31 مباراة، أي أن سجله التهديفي في انحدار متواصل منذ رحيل المدرب الإسباني وقدوم المايسترو الإيطالي.
دخلت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" على الخط، وأشارت إلى وجود اهتمام من طرف ليفربول بقضية مولر، لأن مواطنه يورغن كلوب يفضل اللعب من دون مهاجم صريح، من أجل تطبيق الضغط على دفاعات الخصوم، وخلق الفراغات أمام القادمين من الخلف كصلاح وماني، لذلك يفضل التعاقد مع توماس بسبب رعونة البرازيلي فيرمينو وضعف حاسته التهديفية، مع الحفاظ على نفس الشكل الخططي الحالي، بخطة اللعب 4-3-3 برأس حربة غير تقليدي.
مولر في المقابل لا يفضل أبداً الذهاب إلى ليفربول، وفي حالة خروجه من ميونخ، فإنه يركز أكثر على مانشستر يونايتد، إذا كانت الخطوة التالية تجاه إنكلترا، لأنه فكر في العرض من قبل أثناء تولي لويس فان غال قيادة الشياطين الحمر، ولا يمانع في إعادته مرة أخرى بعد تولي مورينيو المهمة، لأن فريق الأولد ترافورد لديه مشروع رياضي مميز، ويأمل في المنافسة القوية على البريميرليغ والشامبيونزليغ في الفترة الحالية، بعد حصوله على الدوري الأوروبي في نسخته الماضية.
صانع المساحات
عرفت سنوات الكرة القديمة تكتيكاً أشبه بالدوامة، لفريق يضم مجموعة لاعبين يجب أن تتوافر فيهم الصفات المتطرفة في كل شيء، "الأكثر" طولاً، "الأكثر" قصراً، "الأكثر" سرعة. وتكمن الفكرة هنا في الخروج عن المألوف والابتعاد عن القاعدة المعروفة، المدافع يجب أن يكون قوي البنية، والمهاجم يتمتع بطول فارع، بينما الظهير يكون قصيراً، ولاعب الوسط له صفات جسمانية خاصة.
لم تنتشر هذه الفكرة بشكل كبير بناء على أرشيف الصحف البريطانية، لكن توماس مولر هو أفضل من يطبق هذه النظرية بمفهومها الخططي، لأنه ليس بمواصفات المهاجم الصريح، ولا يملك مهارة صانع اللعب، ولا خفة الجناح، ولا دقة تمرير لاعب الوسط، ولا حتى خفة المهاجم المتأخر، لكنه يمتاز بصفة خاصة تجعله ضرورياً لأي فريق يريد المنافسة في المباريات الكبيرة، ألا وهي القدرة على خلق وصناعة الفراغات، بالحركة الذكية لصناعة المساحة أمام حامل الكرة، وفتح زوايا التمرير لزملائه، ووضع نفسه داخل الإطار الذي يسمح له بالتسجيل والتهديف أمام الصغار والكبار على حد سواء.
ويعرف هذا المركز في ألمانيا بالـ Raumdeuter، أي صانع المساحات، إذ إنه يأتي من بعيد من دون رقابة، ويتحرك في القنوات الشاغرة، فيصنع الأهداف ويسجلها، وربما لهذه الأسباب فإن مورينيو لا يزال يريده في صفوف فريقه، رغم تعاقده مع لوكاكو بالصيف، وقرب عودة زلاتان إبراهيموفيتش من الإصابة، حتى يحصل على أسلوب لاعب جديد لا يجده في مانشستر. ومع صعوبة انتقال مولر في يناير/ كانون الثاني بسبب المشاركة في الشامبيونزليغ، فإن الانتظار للصيف هو الأقرب للحدوث.
يلعب اليونايتد حالياً بخطة لعب 4-3-3 أو 4-2-3-1، ويسجل الفريق أكثر من الكرات الثابتة، مع تكفل لوكاكو وبوغبا بالبقية، بالإضافة لدخول مارسيال كبديل في معظم المباريات، وعدم تهديف راشفورد أمام المرمى، لذلك يحتاج جوزيه إلى دماء جديدة لهز الشباك، لكن كل هذا في حالة واحدة فقط، ترتبط بعدم التعاقد مع غريزمان بالصيف المقبل، لأن قدوم المهاجم الفرنسي يعني صعوبة حجز مولر لمكان في التشكيلة الأساسية، وهذا ما يرفضه اللاعب الآن في ناديه الأصلي.
الحل البديل
رفض أنطوان غريزمان بالاتفاق مع ناديه الاستمرار رفقة الروخيبلانكوس لموسم إضافي، بعد قرار الفيفا بحرمان الفريق من تسجيل اللاعبين خلال فترة الانتقالات الصيفية، ليفشل مانشستر يونايتد في التوقيع مع اللاعب رغم الاتفاق المبدئي، ويقرر مورينيو سريعاً الاستثمار في البلجيكي لوكاكو. وتؤكد صحيفة ماركا الإسبانية أن غريزمان سيرحل بشكل مؤكد خلال الصيف المقبل، مع وجود شرط جزائي في عقده يسمح له بالانتقال، مقابل دفع مبلغ مالي يصل إلى 100 مليون يورو. وبعد الأرقام الفلكية المدفوعة في نيمار ومبابي وديمبلي ولوكاكو وموراتا وغيرهم، فإن أي نادٍ كبير يستطيع خطف الفرنسي لاستحقاقه هذا المبلغ، وفقاً لمستواه وأرقامه وسجله المحلي والدولي.
سواء ذهب غريزمان إلى مانشستر أو دخل برشلونة على الخط بناء على تعليمات فالفيردي، المدرب المعجب بطريقة لعب نجم الأتليتي، والذي يريد وضع ميسي بين ثنائي قوي وسريع في أنصاف المسافات، لذلك ربما يجلب البارسا مهاجماً جديداً، لكن كل شيء متوقف على نتائج الموسم وحالة سواريز، وبالتالي فإن سيميوني يحتاج إلى وضع تصور عاجل وحاسم، لمساعدة فريقه عند رحيل النجم الأول، والتعويض لن يكون بلاعب واحد فقط، بل أقرب إلى ثنائي هجومي صريح بالثلث الأخير أمام خط الوسط.
حصل أتليتكو مدريد على بطولة الكأس في 2013 بالثنائي دييغو كوستا وفالكاو، ثم حصد لقب الليغا عام 2014، بالإضافة للوصول إلى نهائي دوري الأبطال بقيادة كوستا ودافيد فيا، لذلك لن يذهب الشولو بعيداً عن طريقة لعب 4-4-2، بوجود ثنائي ارتكاز دفاعي، رفقة مزيج بين صناع اللعب والأجنحة خلف لاعبي الهجوم. وعند الموافقة على بيع غريزمان، فإن إدارة النادي ستتعاقد فوراً مع دييغو كوستا، نتيجة مشاكله الأخيرة مع كونتي، واستحالة استمراره داخل صفوف تشيلسي.
كوستا إضافة رائعة على الصعيد الهجومي، لكنه ليس الحل الوحيد لسد العجز الناتج عن عدم البدء بأنطوان، لذلك تبقى فكرة إضافة مهاجم آخر قائمة مطروحة بقوة، ويأتي توماس مولر كأحد الحلول الممكنة، فاللاعب يجيد بشدة دور المهاجم الإضافي، ويفضل دائماً الوجود في المركز 10 خلف رأس الحربة، كما فعل من قبل رفقة المانشافات بالتعاون مع ماريو غوميز وميروسلاف كلوزيه. وإذا فكر نجم المنتخب الألماني في الانفصال عن أنشيلوتي في أقرب وقت، فإن اللعب مع سيميوني بمثابة الحل الفعال والسريع لكلا الطرفين.