مونديال قطر من منظور الخطاب.. أكثر من أبعاد رياضية

16 مارس 2023
الندوة هدفت إلى دراسة ما خلفه مونديال قطر 2022 (صفحة المركز العربي/تويتر)
+ الخط -

نظمت "وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، الخميس، بمقرّ المركز في الدوحة، ندوة أكاديمية بعنوان "مونديال قطر 2022 من منظور الخطاب: القوة، والسياسة، والرهانات".

وتوزعت أعمال الندوة التي حضرها "العربي الجديد" بين أربع جلسات، بمشاركة تسعة متخصّصين، بحثوا مواضيع التعددية والنسبية الثقافيتين، وكذلك قراءة في الخطاب الناقد وأيضاًً قراءة المونديال من مواقع مختلفة والعودة إلى إطار العلاقات الدولية.

وبحسب آراء الرياضيين فقد كان مونديال قطر 2022 واحداً من أفضل النسخ التي عاشها عالم كرة القدم منذ بداية هذه المسابقة في عام 1930 في أوروغواي، وصولاً إلى البطولة الأخيرة التي شهدت تتويج الأرجنتين بعد الفوز على فرنسا في النهائي، الذي شهد رفع النجم ليونيل ميسي للكأس مرتدياً "البشت" القطري.

الجلسة الأولى

جرى الحديث في الجلسة الأولى عن مونديال قطر وأسئلة التعددية الثقافية، بحضور ريم الأنصاري، أستاذة القانون في جامعة قطر، وهانز هونيستاد، أستاذ السوسيولوجيا الرياضية بجامعة جنوب شرق النرويج، الذي عرض ورقة مشتركة مع ريتشارد جيوليانوتي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة لوفبرا بالمملكة المتحدة.

خلالها جرى الحديث فعلياً عن أنطولوجيا المشجعين، ومعنى كلمة أنطولوجيا علم الوجود وهو يهتم بالأشياء غير المادية، إضافة إلى التطرق للقوة الناعمة، ومعناها القدرة على الجذب والضمّ دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع وكذلك أسئلة النسبية الثقافية.

وحاول الباحثان التطرق في الدراسة إلى الخطابات الرئيسة السياسية والثقافية المتعلقة باستضافة قطر للمونديال، وهناك طرحا إشكالية قاعدة المشجعين المزيفة والعابرة للحدود الوطنية واسعة النطاق في الحدث الرياضي، واحتمالية ظهور أشكال جديدة لما تسميه الورقة "أنطولوجيات المشجعين".

بدوره، تناول جويل روكوود أستاذ إدارة الرياضة في جامعة كوليج دبلن طريقة تأطير استضافة قطر للأحداث الرياضية الكبرى، خاصة أنّها مسرح لأهم المسابقات العالمية وليس كأس العالم فقط، فقد سبق للدوحة أن احتضنت كأس العرب وكذلك فورمولا 1 ومونديال اليد وبطولات مختلفة تجمع الرياضيين من مختلف أقطاب المعمورة.

وهنا تطرق روكوورد إلى طريقة تأطير استضافات قطر الكبرى بأنّها محاولات للتأثير في الجماهير الدولية وبناء القوة الناعمة، واتجه بعدها للحديث أيضًا عن الانتقادات التي طاولت الشعوب المضيفة، والتي صُوِّرَت على أنّها تمكين ناعم، وانعكاس الاستضافات الكبرى السابقة على تنظيم كأس العالم عام 2022، وذلك باستعراض نتائج المقابلات التي أجراها مع مشجعين دوليين ومتطوعين في هذه الأحداث.

وكانت الجماهير التي زارت قطر، قد أبدت بشكل دائم رضاها عن التجربة، إن كان عبر سهولة الوصول إلى الملاعب وحضور أكثر من مباراة في يوم واحد، وكذلك الأجواء التي هيّأتها قطر لهذا الحدث لوجستياً وأمنياً.

الجلسة الثانية

ترأستها عائشة البصري الباحثة في المركز العربي، وتخللتها مداخلتان من مارك أوين جونز الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة، بورقةٍ عنوانها "الردية الاختزالية والاستشراق: عشر سنوات من تمثيل مونديال قطر إعلاميًا في الصحافة البريطانية".

حاول الباحث تحليل عناوين الصحف التي تناولت قطر وروسيا منذ عام 2010، لتصنيف الموضوعات وطريقة وضع الأجندات عندما يتعلق الأمر بمونديال قطر، وهنا كشف أن روسيا لم تحصل على درجة التمثيل نفسها التي حصلت عليها قطر في صحافة بريطانيا على الرغم من التغطية السلبية التي لاقتها وفسّر هذه الاختلافات من خلال مفاهيم القيم الإخبارية والاستشراق وسياسة الدولة الصغيرة.

وبعدها قدّم محمد الفاتح حمدي، الأستاذ المساعد بجامعة قطر، وهشام عكوباش، الأستاذ بقسم الإعلام بجامعة قطر، ورقة مشتركة بعنوان "الحملة على مونديال قطر: قراءة في الخطاب الإعلامي الفرنسي"، تناولا فيها جوانب الحملة التي شُنّت على قطر والخطاب العدائي ضد قطر والتشكيك في تنظيم هذه البطولة الضخمة.

وكانت وسائل الإعلام البريطانية والفرنسية بالفعل قد قادت حملة على قطر، منذ حصولها على شرف التنظيم، فالأولى كانت تحلم في الاستضافة والثانية استفاقت قبل المونديال لإثارة قضايا محددة ومحاولة التأثير على النجاح الذي كان قد بدأت معالمه تتضح للجميع، مع العلم أن قناة "بي بي سي" البريطانية مثلاً لم تبث افتتاح المونديال.

وجاء الردّ لاحقاً من خلال إنفانتينو رئيس فيفا بتاريخ 16 ديسمبر 2022: "لقد شهد مونديال قطر نجاحاً على كل الأصعدة ولم نشهد أي حالات شغب. نشكر قطر على تقديم النسخة الفضلى من كؤوس العالم على الإطلاق، والجماهير حظيت بفرصتها للتعرف على الثقافة العربية".

وتابع: "لقد حقق مونديال قطر نجاحاً جماهيرياً كبيراً، بعدما حضر 3 ملايين و270 ألف شخص المواجهات في الملاعب حتى الآن، وجرى الآن تسجيل أكبر حضور جماهيري بالبطولة في مباراة الأرجنتين والمكسيك في مرحلة المجموعات، وكان 88 ألفاً و966 شخصاً".

واليوم الخميس خلال كونغرس فيفا الـ73 الذي أقيم في رواندا بمدينة كيغالي أعاد إنفانتينو كلماته حول قطر، كما قال بول كاغامي رئيس رواندا: "نفخر بدولة قطر وما قدمته من تنظيم في المونديال، كانت أفضل كأس عالم على الإطلاق، مونديالا استثنائيا".

موقف
التحديثات الحية


الجسلة الثالثة

انقسمت إلى 3 محاور، وترأستها مريم الكواري الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية في قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر، حيث ناقش لوران بونفوا، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، السرديات المتنافسة بين وسائل الإعلام وصنّاع القرار في فترة ما قبل تنظيم المونديال في قطر وما بعده، فيما تحدث عبد الرحمن حللي، الأستاذ المشارك في قسم القرآن والسنة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، عن الخطابات الدينية التي تخللت البطولة، فيما كان الختام مع بشرى زكاغ، استاذة سوسيولوجيا التربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق بالمغرب، بورقتها "مونديال قطر كما عاشه الشبكيون العرب"، والمساهمة في تحويل المونديال من حدث عالمي تقليدي تحكمه علاقات ثابتة إلى محفل شبكي وعقدي، فرض سردية مغايرة عن الذات العربية وقيمها الإنسانية والدينية.

وعاشت الجماهير في قطر تجربة استثنائية، فقد تعرّفت على الحضارة العربية وتراثها، وحتى على تعاليم الدين الإسلامي ومبادئه، إن كان من خلال المظاهر العامة أو المتاحف والدعوات، دون التأثير على رأي أولئك الأشخاص، بل إن خير دليل على نجاح النسخة القطرية هو عدم حصول أي مشادة أو عراك كما حصل ويحصل في كلّ البطولات بمختلف أنحاء العالم، وكان التفاعل خلال البطولة قياسياً على مواقع التواصل الاجتماعي، فبعيداً عن مواقع التواصل الاجتماعي العربية، حققت صورة ميسي مع اللقب أعلى عدد من الإعجاب تاريخياً على منصة إنستغرام.

الجلسة الرابعة

كان عنوانها واضحاً "مونديال قطر: عودة إلى إطار العلاقات الدولية"، ترأستها عائشة العماري أستاذة القانون المساعدة بكلية القانون في جامعة قطر، وحضر فيها سايمون تشادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما لإدارة الأعمال، في ورقته "الخطاب عن بطولة كأس العالم 2022: الاقتصاد الجيوسياسي الجديد للرياضة".

خلالها جرى التطرق إلى أن البطولة أظهرت نموذجاً جديداً بوصفها اقتصاداً جيوسياسياً، حيث أكد الأول أن قطر عملت على تعزيز مبدأ القوة الناعمة والانخراط في الدبلوماسية من خلال استضافتها البطولة، ظهرت شمال الكرة الأرضية أصوات نقادة للسياسة والاستراتيجية القطرية.

وكان الختام مع يان بوس، الباحث الأول في معهد العلوم السياسية في جامعة القوات المسلّحة بميونخ، الذي تحدث عن ارتباط المونديال بالديناميات السياسية الإقليمية المختلفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محاولاً التطرق إلى تعقيدات سياسات القوة الإقليمية، وتأثيراتها في سياق كأس العالم، استنادًا إلى فهم الممارسة النظرية للدبلوماسية الذي اكتسب مكانةً بارزة في حقل العلاقات الدولية.